سيف الريف من التخصيب إلى التخريب الحلقة الرابعة المغربة بقلم الأستاذ : حسن نبيل تنطلق هذه الحلقة من تساؤلات جوهرية ، تستمد مشروعيتها من الأسئلة المختزلة في ذاكرتنا ، والأحكام المسبقة والجاهزة التي تؤثث علاقة الريف بالدولة المغربية ، فغالبا ما نسمع بأن المنطقة مورس عليها حصار شامل لاعتبارات سياسية أو ذاتية ، وغالبا ما ندرج أنفسنا في خانة المغرب غير النافع ، مغرب القحط ، مغرب التهريب والمخدرات .في هذه الحلقة سأحاول أن أكشف عن الفرصة التي منحت لمنطقة الريف ولم تمنح لغيره من الأقاليم ، سأحاول أن أكشف عن الميزانيات الضخمة والمؤسسات الانتاجية التي كانت من الممكن أن تجعل من الإقليم أكبر تجمع صناعي مغربي إن لم أقل إفريقي ، كان حلما جميلا ومغريا أجهضه حاقدون على المنطقة في الإدارة المركزية موظفين مجموعة من الإمعات أبناء الإقليم أميين فظلوا جمع المليارات وبناء الفيلات وركوب الكاتكات بدل خدمة المنطقة والوطن، وإقامة تنمية مستدامة تغنينا عن الهجرة السرية والتهريب والمخدرات. في البدء لا بد من الاشارة إلى أن مرحلة مغربة مناجم الريف بدأت منذ 1959 عندما شارك مكتب الأبحاث والمساهمات المعدنية في الشركة ب 22.66 ثم بعد ذلك في سنة 1967 استرجعت الدولة المغربية جميع ممتلكات مناجم الريف وكونت شركة مناجم سيف الريف SEFERIF التي ظهرت بتاريخ 30/11/1967 . لتقوم الحكومة المغربية بشراء جميع الأسهم المقدرة 100715 سهما بقيمة إجمالية 10071500000 درهم ، ساهمت فيها شركة الأبحاث والمساهمات المعدنية بحوالي 80% .هكذا أصبحت مجموعة من المؤسسات الضخمة في ملكية الدولة المغربية وأهمها : · وحدة التكسير الضخمة بخزاناتها العملاقة والأشرطة المطاطية · الأفران. · الحمامات. · السكة الحديدية . · القاطرات والعربات. · عدد كبير من الشاحنات والجرافات والمطارق الضخمة والسيارات.... · يد عاملة محترفة يمكن أن تشتغل بمهارات عالية · مئات الهكتارات من الأراضي تمتد من وكسان عبر زغنغن ثم بني أنصار إلى حدود مليلية في هذا الظرف بالضبط سيستصدر قرار سياسي جريء من خلال المخطط الخماسي 68/72 الذي قرر فيه المغرب الخروج من الصناعة الاستهلاكية إلى الصناعة الأساسية على خطى كوريا . وفي هذه الفترة سيعطي ملك المغرب المرحوم الحسن الثاني أوامره لبناء مؤسسات ضخمة في عدد من الأقاليم المغربية ، وسيحظى إقليمالناظور بحصة الأسد من خلال بناء معمل تكوير الحديد بسيطولازار ، و التخطيط لبناء مركب الحديد والصلب بسلوان بأفرانه الضخمة ويكتمل المثلث الصناعي سلوان سيطولازار وكسان باحتمالات انتاجية تصل حوالي 1000000طن سنويا من الحديد المغربي استخراجا وتكريرا وصناعة بقدرة استعابية تصل حوالي 300000 من اليد العاملة.إضافة إلى المليارات السابقة ستقوم الحكومة المغربية يضخ 50 مليار سنتيم لبناء معمل التكوير . معمل تكوير الحديد . أقام المغرب عدة دراسات جيولوجية أثبتت غنى المنطقة ، ولمنافسة السوق العالمية كان لزاما عليه التفكير في خلق معمل ضخم لمعالجة المعدن في جميع مراحل تطوره ، استخراجه، تكريره ، تحويله إلى شبه صناعي، وفي سنة 1969 دخل المعمل أرض الواقع وكان الأول في إفريقيا والرابع في العالم بعد أمريكا وكندا والسويد.استغرقت عملية بنائه ثلاث سنوات بتكلفة إجمالية تم ذكرها سابقا تفوق بكثير ما تم انجازه على أرض الواقع. المعمل في مرحلة الانتاج المعمل في هذا الأسبوع وهو يتعرض للتخريب هذا المعمل يشمل عدة وحدات : وحدة السحق . قبل السحق يبلل المعدن لجعله قابلا للسحق ، وتتم عملية السحق بواسطة مسحق ذاتي ، وعند خروج المواد المعدنية من السحق في شكل حبيبات يكون قطر كل واحدة منها أقل من 40 ميكرونا وهو العيار الضروري لصنع الكريات في أفضل الظروف. أما المواد المعدنية التي يتجاوز قطرها 40 ميليمترا فإنها ترسل إلى مسحق في طلمات حلقة مغلقة من فئة 40 سيكلونا . وحدة التعويم والفصل المغناطيسي . ترمي عملية التعويم، إلى تطهير الحديد في حين تطهره عملية الفصل المغناطيسي من الحجارة العقيمة . أما المواد المعدنية التي تحتوي على الكبريت ، فإنها ترسل من خلايا إلى آلة متخنة ، تبعثها بدورها إلى سلسلة من خلايا التعويم ، حيث يتم استخراج كل ما فيها من كبريت الحديد . وحدة الفرز والتكوير يفرز المعدن بواسطة بطاريات تتألف من 4 مصفات ذات أسطوانات ، وبعد ذلك يمزج بالبانتونيت 0.7% بفضل جهاز عجن يعمل بصورة آلية : ثم يدخل هذا المزيج في طبلات تتكون فيها كريات خضراء يتراوح قطر الواحدة منها ما بين 9 أو 10مليمترات. فرن طبخ الكريات . يتألف المعمل من فرنين عموديين يتم تموين كل واحد منهما بجهاز يتكون من موكبين أفقيين بمكنان من تموين الفرن بكيفية منمتظمة ، تبلغ درجة حرارة النار التي تطبخ الكريات الخضراء 1200درجة يتغير معها نظامها البلوري فتتصلب على أثر ذلك. ثم تشحن الكريات في قاطرة لتحمل إلى ميناء مليلية . معمل البنتونيت . شرعت الشركة في استغلال البانتونيت في المقلع المكشوف : وينقل من هنا إلى معمل خاص به يوجد على مسافة 25 كيلومتر من المقلع وعلى مقربة من معامل تحويل المعدن إلى كريات . في المعمل يسحق معدن البانتونيت فيصبح في شكل ذرات لا تتجاوز 10 مكرونات ويعرض للتجفيف حتى لا يبق فيه أكثر من 7% من الرطوبة ويساق بعد ذلك في مجاري تموين جهاز صنع الكريات. تجديد السكة والقاطرات. عمدت الشركة إلى شراء قاطرتين جديدتين من نوع دييزل و66 عربة صممت خصيصا لشحن معدن الحديد . كان المنظر رائعا ونحن نرى القطار بعرباته يحمل أطنانا من الحديد في اتجاه مليلية لتسويقها إلى أوروبا. الموارد البشرية : المهندسون............................................................49 الأطر الإدارية..........................................................69 الأطر التقنية...........................................................148 العمال................................................................932 الكتلة الأجرية: 14000000 درهم تهيئ الاستغلال الباطني. عملت شركة سيف الريف على البحث لإيجاد مناجم باطنية تستطيع تموين معامل التكرير بالمعدن الخام انطلاقا من سنة 1976 . وتم تكليف شركة وايل الكندية بذلك حيث استطاعت حفر بئرين يبلغ عمق أهمهما 400م ويبلغ قطرها 5.2 متر أما طريقة استغلال التي وقع عليها الاختيار فإنها تسمى sub level stopping هذان المنجمان الضخمان حفرتهما سواعد عمال سيف الريف بمداخلهما ومخارجهما ومسا لكهما الداخلية يعمق 400م وامتداد أفقي يبلغ مئات الأمطار. وتم تجهيزهما بكل الآلات الضرورية لاستخراج المعادن وشحنها إلى معمل التكرير القريب منهما . غير أن إدارة الشركة فشلت في ذلك وعملت على طمس معالم هذين المنجمين الذين كلفا الدولة المغربية ملايين عديدة ، وما يؤسف له أن الآلات التي تم شراءها بقيت داخل المعمل بعد أن غمرتها المياه. وأن المنجمين لم يستخرج منهما أي شيء قبل و بعد إتلاف معمل تكوير الحديد على غرار المنجم السابق الذي تم تهيئه بوكسان ويسمى منجم التهئ . علما بأن الدراسات الجيولوجبة السابقة واللاحقة أكدت مرارا على وجود ملايين الأطنان مدة استغلالها تفوق 90 سنة . فكيف اليوم للجن التحقيق القادمة من مكتب الأبحاث المعدنية أن تحكم بنفاذ المعادن في المنطقة؟. وإن كان صحيحا فهل يحق للدولة المغربية أن تنفق كل هذه الملايير لاستغلال منجم لمدة لا تتعدى بضعة سنوات ؟، علما بأن نفس المكتب هو الذي قدم الدراسات السابقة لاسترجاع المنجم وإنشاء كل هذه المركبات الصناعية .أسئلة توضع بين أيدي القراء ولكل الحق في تقديم إجاباته. قبل أن نتطرق إلى مرحلة التخريب أخصص الحلقة القادمة إلى المكتسبات الاجتماعية والتربوية والرياضية التي عاشتها المنطقة خاصة في المجال الصحي وكرة القدم والدراسة والترفيه.