بسم الله الرحمن الرحيم لا زال العنف ولعبة الكر والفر مع رجال الشرطة في عدة عواصم إسلامية بسبب الفلم سيء الذكر هو سيد الموقف وحديث المجالس والأندية في مقدمة ظاهرة ليصير بعد ذلك للأسف حديث المحاكمات والمرافعات ودهاليز السجون... ويزعم مستعملو العنف ضد السفارات الأمريكية والأجانب والإدارات الحكومية – وجلهم ينسب إلى السلفيين عموما أو السلفية الجهادية خصوصا أو القاعدة تحديدا. أن لهم من الله برهانا على هذا التصرف. وأنهم بهذا الفعل الذي يصل إلى حد القتل وإحداث العاهات وحرق الأمتعة والضرب والجرح... إنما ينصرون رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم، وأن ذلك جهاد في سبيل الله تعالى، هذا في الوقت الذي تكون فيه تلك الأهداف المستهدفة لا علاقة لها بالمجرمين الحقيقيين المسيئين إلى نبينا محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم. ولست في حاجة الآن إلى بيان ما هو بيّن، أقصد وجوب نصرة النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، وضرورة الغضب له والدفاع عنه بالنفس والنفيس... صلى الله عليه وعلى آله وسلم. فهذا في عقيدة المسلم من باب "السماء فوقنا والأرض تحتنا". كما أني لست في حاجة إلى بيان الحكم الشرعي في حق شاتم الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم فهو معلوم عند صبيان المسلمين بله علماءهم. لكني وجدت نفسي في حاجة إلى فتح حوار مع من يتبنى العنف على غرار ما حدث في القنصلية الأمريكية ببنغازي وأمام السفارات الأمريكية الأخرى في كثير من البلدان. حوار من شأنه أن يطلعنا على مدى مشروعية هذه الأعمال العنيفة، لا أن يطلعنا على دوافعها. الدوافع والدواعي والأسباب معلومة للناس جميعا... لكن المشروعية هي التي يجهلها الناس جميعا فنحب من منظري هذا العنف أن يفيدونا بما عندهم من مشروعية علمية. ومن هنا أردت فتح هذا الحوار مع هؤلاء لعلنا نستطيع تصحيح مفاهيمهم الخاطئة عن الجهاد وشروطه وضوابطه... وإقناعهم بأن تصرفاتهم تلك ليست من قِبل الجهاد في سبيل الله، ولا من قِبل نصرة سيدنا رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم في شيء، بل هي وبال على الإسلام والمسلمين أنفسهم لما لها من سوء العاقبة حالا ومآلا... وفي البداية هذه أسئلة أتوجه بها إلى المُنَظِّرين لهذا العنف ضدا على السفارات الأمريكية وغيرها والذين لا شك أن لهم ما يعتمدون عليه من الأدلة الشرعية والنصوص المؤيدة لأفعالهم حسب ما يزعمون... إذ لا يجوز الإقدام على عمل حتى يُعلم حكم الله فيه، كما هو معلوم. كما أرجو أن تتم الإجابة بهدوء وتؤدة، وأن يتم تحرير ذلك بلغة العلم وأدلة الشرع الحكيم... مع الابتعاد عن لغة التعميم والتعتيم ... ولغة التخوين والتكفير... وعند الإجابة عنها نستطيع بعد ذلك الوصول إلى الخلاصة والحصول على الفائدة... إن شاء الله. إنها الأسئلة ذاتها التي سبق لي أن طرحتها على صفحتي في الفايسبوك... وأعيدها الآن مع تعديل طفيف وزيادة ضئيلة... تعميما للفائدة. 1 / ما هو الدليل الشرعي من كتاب أو سنة على جواز استعمال العنف في حق من لم يثبت فيه شخصيا أنه هو من آذى رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم.؟ 2 / هل تجوز معاقبة شخص بريء بجريرة فعلها غيره؟ 3 / متى كان حمل جنسية أمريكية كافية لقتل صاحبها أو تعنيفه لا لشيء إلا لأن أمركيا الدولة هي التي فعلت ما فعلت ضدا على المسلمين...؟ 4 / هل الهجوم على السفارات الأمريكية المحمية من طرف قوات الأمن المحلية جهاد ضد أمريكا أم ضد قوات الأمن المحلية؟ 5 / ما هي المصالح والمفاسد في تلك الهجمات على السفارات؟ ومن هو المخول له شرعا أن يحدد تلك المصالح والمفاسد؟ 6 / هل عرفتم حجم الدعاية الخرقاء التي قدمتموها للفلم الساقط الصهيوني وليس الأمريكي؟ وكم من الملايين دخلوا على اليوتوب لمشاهدته بسبب دعايتكم؟ 7 / لماذا لا تستمعون إلى نصائح العلماء في شرق الأرض وغربها بعدم جواز الاعتداء على السفارات الأجنبية بسبب فعل طائش أحمق قام به بنو صهيون؟ 8 / علماء رسميون ومستقلون وحركات وأحزاب وجمعيات كلها إسلامية... أجمعوا على تحريم وتجريم القتل والحرق والتخريب وإتلاف الأموال وما إلى ذلك في مثل هذه النازلة التي نتكلم عنها... أليست طاعة العلماء واجبة شرعا؟ 9 / أجمع العلماء في أصقاع الدنيا على تحريم ما يجري من عنف حول السفارات وغيرها... أليس الإجماع حجة؟ أم أنكم تقابلون إجماع أهل العلم برأي أشباه المتعلمين؟ 10 / لماذا نرى هذا العنف أشد في الدول التي نجح فيها الإسلاميون في الوصول إلى الحكم ؟ 11 / ما معنى قول الله تعالى {ولا تزر وازرة وزر أخرى}؟ ولماذا لا تنزلون تفسيرها على الواقع؟ 12 / هل فتح الحرب على الحكومات المحلية في البلاد الإسلامية، ورشق رجال الشرطة بالحجارة وربما قتلهم، وتخريب مكاتب الدولة ومؤسساتها... هل في ذلك من خير قائم على حجة شرعية؟ أية إساءة للدعوة والدعاة وللاستقرار والأمن الذي هو مطلب شرعي خالص أكثر من هذه الإساءة؟ هذا ولا مانع شرعا من إظهار الغضب والسخط على الفلم وأهله بشتى الوسائل المتحضرة والراقية... فهذا حق من حقوق الإنسان الشرعية. وليعلم هؤلاء الهائجون ضدا على السفارات الأمريكية أن إقامة الحد على شاتم الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم لا يتمثل في قتل أشخاص لا ذنب لهم إلا أنهم أمريكيون أو ينتمون إلى البلد الذي ينحدر منه المجرم الشاتم. متى ندرك أن تطبيق الشريعة ليس من وظائف عامة الناس لا سيما في ظروفنا المعقدة الراهنة؟... وكذا تطبيق كل الحدود والقصاص والتعازير وما إلى ذلك من الأعمال السلطانية التي لا حظ في تطبيقها لآحاد الناس كائنين من كانوا؟ وإذا عز هذا الأمر وامتنع لأي سبب شرعي من عجز ونحوه ... وهو الآن عزيز وممتنع يقينا، فلا يجوز القيام بردود فعل هوجاء لا تمت إلى حقيقة إقامة الحد بصلة. وتعود على جميع المسلمين بالويلات والتهلكة. وفي انتظار أجوبة من ينتصب للإجابة، أدعو الإخوة الهائجين هنا وهناك إلى ضبط النفس، وتصريف الغضب لنبينا محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم في مواقف ملتزمة ومتزنة وفي تعبيرات حضارية وراقية تعتمد أخلاق نبينا صلى الله عليه وعلى آله وسلم... وفي ذلك، أيْمُ الله، أحسن رد على المجرمين الحاقدين على التوحيد وأهله. هذا وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين