أكد رئيس الهيئة المركزية للوقاية من الرشوة، عبد السلام أبو درار أن فاعلية دور الهيئة٬ ونجاعة تدخلاتها رهينتان بالنص القانوني الجديد الذي سيؤطر عملها بعد دسترتها وتمكينها من صلاحيات جديدة تتعلق بالتحري والتصدي المباشر لأفعال الفساد. وأوضح عبد السلام أبو درار أن النص القانوني الحالي الذي يؤطر عمل الهيئة٬ تطبعه المحدودية ولا يمنحها صلاحيات فعلية٬ كما أن الميزانية التي خصصت لها منذ 2009، ظلت ضعيفة مقارنة مع حجم المهام المنوطة بها٬ لكنه استطرد أن ذلك لم يمنع الهيئة من العمل بجد على مختلف الواجهات المرتبطة بالوقاية من الفساد. وذكر في هذا السياق بجهود الهيئة خاصة في ما يتعلق بتشخيص الواقع أو تقييم السياسة الحكومية أو المقترحات والتوصيات التي قدمتها بهدف تطويق ظاهرة الرشوة ٬ مؤكدا أن الهيئة تبنت في هذا الإطار مقاربة قائمة على إشراك مختلف الفاعلين مما ساهم في إحداث مرصد الأخلاقيات في الجمارك٬ وإطلاق بوابة إلكترونية لتلقي شكايات المقاولات الصغرى والمتوسطة٬ فضلا عن تبني قانون لحماية الشهود والمبلغين٬ وإحداث أقسام للجرائم المالية في بعض محاكم الاستئناف٬ وإنجاز دراسة حول الرشوة في قطاع الصحة وأخرى في قطاع النقل الطرقي٬ بالإضافة إلى توقيعها اتفاقيات للشراكة مع عدد من الوزارات. كما سجلت الهيئة حضورها٬ يضيف أبو درار٬ في العديد من الأوراش المجتمعية متفاعلة بذلك مع الطلبات التي وردت إليها للإدلاء برأيها بشأن إصلاح القضاء ونظام الصفقات العمومية والحوار الوطني حول الإعلام والمجتمع ومشروع الجهوية الموسعة٬ إضافة إلى إنجازها تقريرا حول الفساد السياسي والانتخابي وميثاقا لتخليق الممارسة السياسية في أكتوبر 2011٬ ورفعها مذكرة إلى رئيس الحكومة بشأن ترسيخ سياسة الوقاية من الفساد ومكافحته. وأكد رئيس الهيئة المركزية للوقاية من الرشوة أن هذه الأخيرة التي ينتهي عملها في صيغتها الحالية عند صياغة المقترحات والتوصيات المتعلقة بالوقاية من الفساد ومكافحته٬ ستضطلع في صيغتها الجديدة التي سيحددها النص القانوني الجديد بمهام المكافحة خاصة من خلال تمكينها من صلاحيات التحقيق والتحري وكذلك التصدي المباشر لأفعال الفساد بمختلف أنواعه٬ معربا عن اعتقاده بأن دسترة الهيئة وضمان استقلاليتها وتوسيع مجال تدخلها سيساعدها في إنجاز مهامها بفعالية أكثر٬ وسيجعل عملها أكثر تأثيرا٬ كما سيوفر لها الوسائل المادية والبشرية اللازمة. وأضاف أنه بالرغم من أن المرسوم المحدث للهيئة يخول لها مهام الإشراف على إنجاز مقترحاتها والتنسيق بين مختلف الفاعلين٬ فإنها لا تملك الوسائل القانونية والمادية والبشرية للاضطلاع بهذه المهام٬ معربا عن أسفه لكون القليل فقط من مقترحات الهيئة التي تضمنها تقرير 2009 أو وثائق أخرى ٬وجد طريقه إلى التنفيذ. وكشف أبو درار أن التقرير الجديد للهيئة يتضمن تشخيصا لواقع الفساد في المغرب وتقييما للإجراءات الحكومية المتعلقة بمكافحته وذلك في ضوء المستجدات التي عرفتها البلاد بهذا الخصوص خلال سنتي 2010 و2011 مضيفا أن هذا التقرير يتضمن قراءة وافية ورصدا شاملا للمقتضيات الدستورية الجديدة بشأن الحكامة الجيدة ولأهم المبادئ التي جاء بها دستور يوليوز2011 خاصة منها ربط المسؤولية بالمحاسبة وضرورة القطع مع حالة اللاعقاب وتكريس استقلالية السلطة القضائية ودسترة هيئات الحكامة وتمكينها من صلاحيات واسعة. ويتضمن التقرير٬ حسب أبو درار٬ مقترحات وتوصيات جديدة توزعت على ستة محاور تهم أساسا ترسيخ البعد الاستراتيجي لسياسة مكافحة الفساد٬ وتحيين وملاءمة السياسة الجنائية مع متطلبات مكافحة الفساد وتدعيم فعالية ونجاعة مؤسسات المراقبة والمساءلة٬ والنهوض بالحكامة وتعزيز الوقاية من الفساد٬ والنهوض بالتواصل والتحسيس والشراكة٬ ثم أخيرا النهوض بمقومات الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومكافحتها. وبشأن اعتماد الهيئة لمؤشرات حول الفساد أوضح رئيس الهيئة المركزية للوقاية من الرشوة٬ أن الأمر يتعلق بمؤشرات تقريبية٬ تبقى بالرغم من أهميتها٬ خلاصات لانطباعات المواطنين في زمن محدد٬ ولا تأخذ في الاعتبار كل المستجدات المرتبطة بالموضوع٬ وهو ما دفع برأيه الهيئة الى بلورة تصور لمؤشر يكون أكثر دقة لقياس حجم ظاهرة الفساد٬ ينطلق من معرفة عميقة وموضوعية٬ عبر إنجاز دراسات قطاعية تتيح جعل الصورة أكثر وضوحا في ما يخص تفاعلات وخصوصيات الفساد في كل قطاع. وخلص أبو درار الى وجود إرادة مشتركة لمكافحة الفساد لدى كل المتدخلين٬ معتبرا أن هذه الارادة تجد دعمها في الوعي المتزايد لدى الناس بخطورة هذه الظاهرة وبضرورة التصدي لها ومواجهتها.