أدانت المحكمة العسكرية في الرباط في الساعات الأولى من صباح اليوم الجمعة، عسكريين ودركيين متهمين في ملف التلاعب بالهبات الملكية، العروف باسم "لاكريمات"، بحوالي نصف قرن سجنا، وأداء غرامات تراوحت بين عشرون ألف وأربعة آلاف درهم. وأفادت مصادر قضائية، "إيلاف"، أن العقوبات الحبسية وصلت إلى 8 سنوات في حق المتهم الرئيسي، فيما توزعت الأخرى بين ست وثلاث سنوات.
ومن بين المتابعين في هذا الملف ضابطي صف في القوات المسلحة الملكية برتبة مساعد، ومساعد أول، ودركي برتبة رقيب أول، وملازم بالدرك ومساعد، ورقيب أول بالقوات المسلحة الملكية، ومساعد بالدرك الملكي، وعريف أول. وفي الملف نفسه، التمس ممثل النيابة العامة بملحقة محكمة الاستئناف بسلا، مساء أمس الخميس، تطبيق عقوبات سجنية نافذة تتراوح بين 15 و20 سنة في حق المتهمين، توزعت بين 20 سنة في حق 17 متهما، و15 في سنة في حق الباقي، باعتبار أن التهم محل المتابعة ثابتة في حقهم، مؤكدا أن جميع الأظناء سبق أن اعترفوا بما نسب إليهم أثناء البحث التمهيدي، فيما تراجع بعضهم أمام النيابة العامة. ويتابع في هذه النازلة 28 متهما، من بينهم قائد سابق، وستة من رجال الأمن، وثلاثة موظفين بوزارة الداخلية، ضمنهم امرأة وثلاثة أعوان سلطة وتاجر، ومدير شركة بتهم "تكوين عصابة إجرامية متخصصة في النصب والاحتيال، وتزوير وثائق رسمية وإدارية، واستعمالها وانتحال هويات والارتشاء". ويتحدر هؤلاء المتهمون، الذين أحيلوا على النيابة العامة بالمحكمة ذاتها في تواريخ مختلفة، من مدن الرباط وسلا وفاس ومكناس والعرائش وطنجة والناظور. وأشارت التحريات الأمنية إلى أن متهما كان يكشف لغريمه الأشخاص المنعم عليهم بالرخص، قبل أن يتم إشعارهم بذلك رسميا للعمل على ابتزازهم، وأن متابعا استفاد بما يناهز 10 رخص لاستغلال سيارات أجرة، فضلا عن استغلال أحدهم أشخاصا معاقين، وتوظيف بطاقة رابطة الشرفاء الأدارسة، لتضليل وإيهام أصحاب الطلبات، بينما نسب لمتهم آخر أنه كان يزود شخصا بمعلومات تخص تحركات الوفد مقابل مبالغ مالية تتراوح ما بين 500 و 2000 درهم. ورجحت مصادر متطابقة أن يكون لهذا الملف علاقة بالحركة الانتقالية الجزئية التي أعلنت عنها وزارة الداخلية، أخيرا في صفوف رجال السلطة، والتي جرى من خلال التشطيب على 11 رجل سلطة بعد أن ثبت إخلالهم بواجباتهم المهنية، في حين جرت ترقية 6 من درجة باشا (رئيس دائرة أو رئيس منطقة) إلى درجة كاتب عام، و32 من درجة قائد إلى باشا (رئيس دائرة أو رئيس منطقة)، كما ألحق 35 رجل سلطة موقتًا بالمصالح الإدارية الإقليمية أو المركزية. وأكدت الوزارة، في بلاغ لها، أنها عملت من خلال هذه الحركة على تطعيم الإدارة الترابية بمختلف الوحدات الإدارية للمملكة بالأطر الجديدة المتخرجة، خلال شهر يوليوز من السنة الجارية، من المعهد الملكي للإدارة الترابية، مبرزة أن الأمر يتعلق بالفوج 42 للسلك العادي لرجال السلطة والبالغ عددهم 93 خريجا، وذلك رغبة في تزويد الإدارة بالموارد والكفاءات البشرية المؤهلة بهدف تغطية مجموع الوحدات الإدارية على مستوى التراب الوطني. وذكرت أن هذه الخطوة تروم تفعيل دور الإدارة الترابية للمغرب، وخلق دينامية جديدة تساير التطورات التي تعرفها ربوع المملكة في العديد من المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية.
وبموجب هذه الحركة، ألحق 35 رجل سلطة موقتًا بالمصالح الإدارية الإقليمية أو المركزية، كما جرى خلال هذه العملية اتخاذ بعض الإجراءات التأديبية في حق عدد من رجال السلطة الذين ثبت إخلالهم بواجباتهم المهنية. وسبق لوزارة الداخلية أن أعلنت، أنه بتعليمات من الملك محمد السادس، فتحت مصالح الأمن الوطني أخيرًا، تحقيقًا أسفر عن تفكيك شبكة متخصصة في تزوير وتقديم شيكات ذات طبيعة اجتماعية. وأضاف المصدر ذاته أن مختلف جوانب التحقيق كشفت أن هذه العناصر نفسها قد تكون استفادت من تواطؤات داخل بعض المصالح الإدارية. وكان هؤلاء الأشخاص، الموجدين في عدة مدن كبرى بالمملكة، يستغلون تنقلات الملك لتنفيذ عملياتهم. ومكنتهم التواطؤات، التي كانوا يستفدون منها، من إيصال شكاياتهم استنادا إلى وثائق مزورة ومعلومات ملفقة.