لا نخفيك بأننا كنا قد استبشرنا خيرا بتقلدكم مسؤولية حقيبة وزارة العدل والحريات، وكان املنا فيكم مستمدا من معرفتكم المفترضة بأحوال القضاة ليس فقط بحكم مهنتكم كمحامي مطلعون عل كل تفاصيل حياة القضاة وظروف اشتغالهم، ولكن ايضا بحكم سمعتكم ونضالكم في المجال الحقوقي التي زادتنا تشبثا بخيط الامل لنكون في نادي قضاة المغرب وكل الغيورين على استقلال القضاء شركاء في ارساء دعائم سلطة قضائية مستقلة، وان نعمل جميعا على تنزيل الدستور الجديد وروحه الديموقراطية التي اوصى بها جلالة الملك حفظه الله بخصوص تنفيذ مقتضياته. كل هذه الاعتبارات جعلت اول لقاء لمكتبنا التنفيذي معكم نعتبره كلبنة اولى لبناء تعاون من اجل تنفيذ مقتضيات الدستور الجديد، وكنا نتمنى ان ترفع بتعاونكم المظلومية التاريخية التي يعاني منها القضاة في الشق المتعلق بتحسين اوضاعهم المادية، التي مرت عقود من الزمن وهي تراوح المكان، وكان احسان الظن بكم نابعا من مواقفكم حتى قبل ان تتقلدوا مسؤولية وزارة العدل والحريات، وهي التي اكدتموها في مناسبات عدة بتقمصكم دور "المحامي" عن القضاة في الشق المتعلق بتحسين ظروف عملهم. اليوم معالي الوزير يؤسفنا ان نقول لكم بان جرعة الامل التي في نفوسنا غداة تعيينكم على راس الوزارة تبددونها يوما عن يوم، ابتداء من موقفكم بمناسبة الاهانات التي تعرض لها القضاة بكل من محكمة تاونات واسفي وغيرها وموقفكم من الاشكال الاحتجاجية للقضاة، ومواقفكم التي عبرتم عنها في البرلمان سواء تعلق الامر بتشكيل المجلس الاعلى للسلطة القضائية وعضوية وزارة العدل فيه والتي حسم فيها الدستور الجديد، وموقفكم من رئاسة جهاز النيابة العامة التي اكدتم على ضرورة بقائها تحت سلطة وزير العدل. وإذا كانت بعض مواقفكم يمكن تفهمها بحكم مسؤولياتكم السياسية في الحكومة الحالية، فان مواقفكم بشان عضوية المجلس الاعلى للسلطة القضائية ورئاسة النيابة العامة، والأشكال التعبيرية لنادي قضاة المغرب باعتباره جمعية مهنية لم نكن نعتقد بأن الاعتبارات السياسية مهما عظمت من شانها ان تغير حتى من قناعاتكم الحقوقية، وان تتنكروا حتى لمقترحات حزبكم بخصوص استقلال السلطة القضائية بمناسبة الاعداد لتعديل الدستور الجديد. معالي الوزير، ان اختيارنا لسلوك الاحتجاج، ليس حبا في الاحتجاج بحد ذاته ولا هو تحديا لا للحكومة ولا لغيرها وانتم تعلمون بأنه لم يبق لنا خيار اخر بعدما سئمنا الانتظار لعقود، ومللنا الوعود والعهود، وحز في نفوسنا تلكؤ الحكومات المتعاقبة عن تنفيذ مضامين خطب ملكية سامية قوية المضمون بليغة الدلالة، ولم يبق الان إلا ان نصرخ الان بملء أفواهنا مقتنعين بان مشروعية نضالنا نستمدها من عدالة مطالبنا ومن شرعية اطارنا نادي قضاة المغرب، باعتباره جمعية مهنية تدافع عن المصالح المادية والمعنوية للقضاة، ولاشك ان ثقافتكم الحقوقية تجعلكم مدركين تماما لمعنى الجمعيات المهنية ودورها في التأطير والدفاع عن مصالح منخرطيها. ختاما معالي الوزير، فإننا ماضون من اجل تحقيق مكاسبنا بكل ما اوتينا من قوة وتقبلوا خالص التحيات. *رئيس المكتب الجهوي لنادي قضاة المغرب بوجدة