اكتست مدينة فيينا٬ على مدى 18 يوما٬ بألوان وإيقاعات ونكهات افريقية منحتها حيوية ونضارة في هذه الفترة الحارة من السنة. ففي كل صيف من الفترة ذاتها تصير فيينا إفريقية٬ وتهتز دونو إنسل٬ الجزيرة المطلة على الدانوب٬ على نغم طبول الكونغو و"بنادير" الأطلس وآلات الكورا من مالي والنيجر٬ لترقص بذلك أرواح الأجداد الأفارقة في بلاد موزارت وماهلر. مهرجان "أيام إفريقيا" هو موعد سنوي ينظم برعاية من جامعة فيينا التي يمثلها هذه السنة الباحث في معهد الدراسات الإفريقية٬ إروين إبرمان. ويهو يمول من قبل مدينة فيينا والحزب الاشتراكي النمساوي وبعض المؤسسات الصحفية والمقاولات والمعهد الأفرو - آسيوي لفيينا٬ بالإضافة إلى مؤسسات أخرى. ولم يخلف المغرب مثل هذا الموعد بل جاءت مشاركته فيه جد مشرفة٬ حيث تسهم في فعاليات المهرجان ثلة من الفنانين ينضاف إليهم الموسيقي عزيز سحماوي ومجموعته "يونيفورسيتي أوف كناوة"٬ والتي قدمت عرضين قويين في إيقاعيهما٬ يجمعان بطريقة حميمية ورقيقة إيقاعات كناوة مع موسيقى الجاز والشعر والمديح وحتى القليل من العيطة٬ الأمر الذي استحسنه الجمهور كثيرا. ويحضر محمد بدرة٬ ابن الريصاني الذي نشأ في أرفود قبل أن يستقر في الصويرة٬ هذا المهرجان للمرة الثامنة. يبيع بدرة منتجات تقليدية ويحتل المكان الاستراتيجي ذاته في كل موسم من مواسم فيينا٬ في زاوية بين ممرين رئيسيين. يروج زيت الزيتون الآتية من البلاد٬ وزيت الأركان الأصلية المدعمة بشهادة للجودة. ومحمد بدرة ليس الوحيد الذي يخطب ود سكان مدينة فيينا. على بعد عشرات الأمتار منه تقدم نسوة من تعاونية أركان الخير الحنشان في جهة الصويرة المنتج ذاته٬ وتتفنن سعيدة وباقي أعضاء التعاونية٬ في توقيع وشوم حناء يعشقها النمساويون ويقبلون عليها بكثافة. ومن جهته٬ يقبل عبد الباسط الناصري٬ على المهرجان لأول مرة٬ وهو الفنان المراكشي المتخصص في صناعة الجلود ويملك ورشة في مدينة دوسلدورف الألمانية. ويقدم مطعمان وجبات من المطبخ المغربي٬ أحدهما يسمى ببساطة "كسكس وطاجين" ويجعل بالتالي إمكانية الخطأ في مصدر الوجبات مستحيلة٬ والثاني يدعى "أوغازيل" وهو مطعم مغربي فييني معروف لدى زوار المنطقة. واستقبل الموعد الافريقي بالنمسا عارضين مغربيين يقدم أحدهما منتجات صناعة الفخاروالثاني بضائع مغربية وتونسية. وبالإضافة إلى الأنشطة الموازية للمهرجان التي تنتظم هنا وهناك على طول اليوم٬ يتم٬ كل مساء٬ تقديم عرض رئيسي لمجموعة أو فنان إفريقي فوق منصة العرض الرئيسية. وهكذا تمكن الجمهور من الاستمتاع بعروض فرقة البالي "إياسا" من جنوب إفريقيا٬ البلد الذي يحتل أماكن عرض موجهة عموما للألبسة التقليدية وكذا للتصميم المستلهم من التقاليد الإفريقية٬ كما بإمكان الجمهور الاضطلاع على مجوهرات تقليدية من الفضة والجلود والأحجار الكريمة لدولتي مالي ونيجيريا. وانبهر الجمهور النمساوي بجودة وأصالة المنتجات المقترحة٬ الوافدة من قارة الشمس٬ لاسيما المجوهرات والملابس المصنعة من المواد الأولية الطبيعية.