أبانت الرياضة المغربية عن محدوديتها في الدورة ال30 للألعاب الأولمبية ٬ التي اختتمت فعالياتها مساء أمس الأحد بلندن٬ ووقعت على واحدة من أسوء مشاركاتها في الألعاب الأولمبية باكتفائها بميدالية برونزية يتيمة. وكانت الآمال معقودة على دورة 2012 لتكون دورة إعادة الرياضة الوطنية إلى الواجهة من جديد وتلميع صورتها٬ بل كبر الحلم في انتزاع أكثر من ميدالية خاصة تأهل أزيد من 70 رياضي ورياضية تباروا في 12 نوعا رياضيا٬ وهو رقم قياسي أيضا في تاريخ المشاركة المغربية خصوصا بعد توفير الموارد المالية الضرورية لبلوغ هذا المبتغى . وبدأت هذه الآمال تكبر بعد وضع برنامج إعداد ومتابعة الرياضيين من المستوى العالي ٬ الذي يروم تعزيز إنجازات الرياضيين ويمكنهم من التألق في سماء العاصمة البريطانية لندن ٬ وضمان حضور مشرف للرياضة المغربية في أرقى تظاهرة على الإطلاق. فقد تم توفير جميع الإمكانات اللازمة لممثلي المملكة ووفرت لهم الظروف المثالية بغية تعزيز حظوظهم للظهور بوجه مشرف في دورة الألعاب الأولمبية والتي يشارك فيه المغرب للمرة الثالثة عشرة في تاريخه. وقد غذى نجاح برنامج إعداد رياضيي الصفوة هذه الآمال التي تحولت إلى إحساس بفرحة لا توصف إلى درجة أن الانتكاسة التي منيت بها الرياضة المغربية في لندن تحولت إلى خيبة أمل كبيرة وشعور بالاستياء. وقد تجلت خيبة الأمل هذه حتى قبل انطلاق المنافسات حيث تلقت المشاركة المغربية أولى الصفعات بعد إعلان الإتحاد الدولي عن توقيف العداءة مريم العلوي السلسولي بسبب المنشطات٬ ثم ازداد الوضع سوءا مع إعلان عن توقيف أمين لعلو أيضا للسبب ذاته. ووجدت الرياضة الوطنية نفسها في موقف حرج بل وتأثرت حظوظها في إحراز ميداليات بعد إقصاء عداءين يعدان من أفضل العناصر التي كان يعول عليها في الصعود إلى منصة التتويج ٬ بل وتحول الأمل في تعزيزها رصيد المغرب من الميداليات إلى كابوس عكر صفو المشاركة في الأولمبياد. وبدأ الرياضيون المغاربة يتساقطون الواحد تلو الآخر منذ الأدوار الأولى للمسابقات التي شاركوا فيها وودعوا المنافسات حتى دون أن يتركوا انطباعا أنهم شاركوا فعلا٬ واختزلت شهور وسنوات من التداريب والتربصات في بضع دقائق. وكرست أم الألعاب الوطنية ٬ بالرغم من تراجع مستواها٬ تألقها في المحافل الدولية واستحقت حملها اسم "قاطرة الرياضة الوطنية" حيث كانت لها حصة الأسد من الميداليات التي نالها المغرب في دورات الألعاب الأولمبية. فقد كان سباق 1500م محمية مغربية بامتياز بفضل العداء الأسطورة سعيد عويطة وبعده هشام الكروج ٬ الذي لازال يحتفظ بالرقم القياسي العالمي للمسافة ذاتها (3 د و26 ث و00/ 100) وحقق إنجازا تاريخيا في دورة أثينا 2004 بعد ظفره بالميداليتين الذهبيتين لسباقي 1500م و5000م ٬ وهو الإنجاز الذي كان العداء "الطائر" الفنلندي بافو نورمي الوحيد الذي سبقه إليه سنة 1924 بباريس. وبذل ابن مدينة الراشيدية (25 سنة) جهدا كبيرا في محاولة لتحقيق الثنائية بمشاركته في نهاية سباق 5000م ٬ التي تأهل إليها عن جدارة واستحقاق٬ لكن السرعة النهائية خانته في الأمتار الأخيرة ليحل في المركز السادس. وعزز إكيدير رصيد المغرب من الميداليات الأولمبية منذ دورة 1960 بروما ليصبح 19 ميدالية ٬ وال22 المحصل عليها في جميع الأنواع الرياضية منها ثلاث ميداليات برونزية في رياضة الفن النبيل . وكان حصاد دورة سيدني 2000 الأوفر في تاريخ المشاركات المغربية ال13 في الأولمبياد وحل في المركز ال36 ٬ وهو إنجاز تحقق في غالبيته بفضل ألعاب القوى أيضا ٬ حيث تمكن العداؤون والعداءات من انتزاع أربع ميداليات بواسطة هشام الكروج (1500م) وعلي الزين (3000م موانع) وإبراهيم لحلافي (5000م) ونزهة بيدوان (400م حواجز) ٬ إضافة إلى برونزية الطاهر التمسماني في الملاكمة. وكان الملاكمون السبعة الذين شاركوا في الدورة ال30 للألعاب الأولمبية ٬من بينهم ملاكمة واحدة تخوض هذه المنافسات للمرة الأولى٬ يطمحون في الحفاظ على مكتسبات رياضة الفن النبيل المغربية ٬ التي تبقى ثاني رياضة أهدت المغرب ميداليات أولمبية٬ لكن الحظ لم يحالفهم في تحقيق إنجاز أفضل من برونزيات الشقيقين عبد الحق ومحمد عشيق في دورتي سيول 1988 وبرشلونة 1992 والطاهر التمسماني في دورة سيدني 2000. ولم تكن كرة القدم الوطنية أفضل حالا من باقي الرياضات التي لم تعرف طريقها إلى منصة التتويج حيث خرج المنتخب الأولمبي المغربي من الدور الأول للمسابقة بعد انهزامه أمام منتخب اليابان (0-1) وتعادله مع منتخبي هوندوراس (2-2) وإسبانيا (0-0) ليبقى أفضل إنجاز لهم في سبع مشاركات بلوغهم الدور الثاني في دورة ميونيخ 1982. وبدورها لم تشذ رياضة التايكواندو المغربية ٬ التي كانت تعقد عليها الآمال في الصعود إلى منصة التتويج٬ عن قاعدة الإخفاقات بخروج الأبطال الثلاثة وئام ديسام وسناء أتبرور وعصام الشرنوبي من الدور الأول لأوزانهم بسبب قلة التجربة أو الأخطاء التقنية القاتلة. أما باقي الأنواع الرياضية التي خاضت غمار الأولمبياد البريطاني وهي الرماية وقوارب الكياك والمسايفة والجيدو والمصارعة وسباق الدراجات فقد كانت مشاركتها من أجل المشاركة فقط واكتساب المزيد من التجربة ولم يكن يعول عليها في تحقيق إنجاز يدخلها سجل الفائزين في الأولمبياد لبعدها عن المستوى الذي بلغته أغلب البلدان المشاركة والرائدة في هذا المجال.