يشارك المغرب في الدورة ال30 للألعاب الأولمبية التي سيرفع الستار عن منافساتها يوم الجمعة المقبل٬ بوفد هام بعد نجاحه في تأهيل 75 رياضي ورياضية لأول مرة في تاريخ مشاركاته منذ دورة روما 1960٬ لتعزيز حظوظه في اعتلاء منصة التتويج. ويحذو الأبطال الرياضيين المغاربة٬ الذين يمثلون المملكة للمرة ال13 في دورات الألعاب الأولمبية٬ عزم أكيد في تجديد الصلة مع الألقاب ورفع العلم الوطني خفاقا في سماء العاصمة البريطانية لندن خاصة وأنهم سيتبارون في 12 نوعا رياضيا٬ وهو رقم قياسي أيضا في تاريخ المشاركة المغربية. ولم يكن هذا الإنجاز وليد الصدفة بل جاء بفضل المجهودات التي بذلها جميع المتدخلين في الشأن الرياضي الوطني من أجل إنجاح برنامج إعداد رياضيي الصفوة٬ الذي تم إحداثه بتعليمات الملك محمد السادس٬ ليس فقط في أفق المشاركة في أولمبياد لندن وإنما على المدى الطويل ليشمل المشاركة في دورتي 2016 بالبرازيل و2020٬ والتي لم يتحدد بعد المدينة التي ستستضيفها حيث توجد في السباق ثلاثة مدن هي مدريد (إسبانيا) وطوكيو (اليابان) وإسطنبول (تركيا). وراهنت المملكة على هذا البرنامج الواعد ورصدت له ميزانية قدرت ب 330 مليون درهم خصصت لتوفير الظروف الملائمة والإمكانات الضرورية للاستعداد الجيد على أسس علمية بهدف مساعدة الرياضيين أولا على انتزاع بطاقة التأهل ثم الخضوع لاستعدادات من المستوى العالي تعزز بالتالي الرصيد المغربي من الميداليات. والأكيد أن العديد من الرياضيين المغاربة قد بلغوا أوج عطائهم التقني والبدني وبات يتحتم عليهم الظهور بالوجه المشرف في أولمبياد لندن وخاصة في رياضات ألعاب القوى والتايكواندو والملاكمة التي تعقد عليها آمالا كبيرة للصعود إلى منصة التتويج دون استبعاد أي مفاجأة قد تأتي من بعض الرياضات الأخرى المشاركة في هذا المحفل الكوني. كما يعول على ألعاب القوى التي ظلت لعقود تشكل قاطرة للرياضة المغربية بامتياز حيث كان لها حصة الأسد من الميداليات (18 ميدالية من أصل 21 ثلاثة منها في الملاكمة). وكانت أول ميدالية أولمبية يظفر بها المغرب هي فضية سباق الماراطون ونالها المرحوم عبد السلام الراضي في دورة روما 1960٬ كما كانت الأخيرة في أولمبياد بكين 2008 في السباق ذاته بواسطة جواد غريب٬ أكبر الغائبين عن أولمبياد لندن 2012. وكان على المغرب انتظار مرور أربع وعشرين سنة على فضية عبد السلام الراضي ليستعيد نغمة الفوز وينتشي بعبق التتويج بتطويق عدائيه الفذين نوال المتوكل وسعيد عويطة عنقيهما بالذهب في دورة لوس أنجليس 1984 الأولى في سباق 400م حواجز تعد أصغر بطلة أولمبية في هذه المسابقة إذ كان سنها وقتها 22 عاما و115 يوما والثاني في سباق 5000م والذي ظل يحتفظ برقمه القياسي للألعاب حتى دورة بكين حيث حطمه الإثيوبي كنينيسا بيكيلي. وكانت حصيلة دورة سيدني 2000 التي شارك فيها المغرب بثمانية أنواع رياضية وهي ألعاب القوى وكرة القدم والزوارق الشراعية والتنس والتكواندو والجيدو والسباحة وقوارب الكاياك٬ إيجابية بامتياز إذ بلغت خمس ميداليات٬ فضية واحدة نالها الكروج في 1500م وأربع نحاسيات أحرزها كل من علي الزين (3000م موانع) وإبراهيم لحلافي (5000م) ونزهة بيدوان (400 م حواجز) والطاهر التمسماني في الملاكمة. والمؤمل أن تنجح ألعاب القوى٬ التي ستشد إليها الأنظار٬ مرة أخرى في صنع أفراح الجمهور المغربي في أولمبياد لندن خاصة في مسافتي 5000م و1500م ذكورا وإناثا بحضور كل من عبد العاطي إكيدير ومريم العلوي السلسولي وأمين لعلو٬ وأيضا عبد الرحيم بورمضان وعادل الناني في سباق الماراطون. فقد ظلت المسافات المتوسطة والطويلة وخاصة مسافة 1500م لسنوات محمية مغربية بامتياز بفضل الأسطورة سعيد عويطة وخلفه هشام الكروج حامل الرقم القياسي العالمي (3د و26ث و00 /100) وصاحب الإنجاز التاريخي بتتويجه المزدوج بطلا أولمبيا وبات ثاني عداء في التاريخ يفوز بذهبيتي 1500م و5000م في دورة واحدة بعد العداء الفنلندي الشهير بافو نورمي في دورة باريس 1924. أما في رياضة الفن النبيل٬ فيحمل الملاكمون المغاربة على عاتقهم مسؤولية الدفاع عن حظوظهم كاملة في انتزاع إحدى الميداليات الأولمبية وبالتالي الحفاظ على المكتسبات باعتبار رياضة الملاكمة هي إحدى الرياضات التي تمكنت من الصعود إلى منصة التتويج إلى جانب ألعاب القوى. وسيسعى القفاز المغربي في دورة لندن إلى تحقيق أفضل من الميداليات النحاسية التي نالها كل من الشقيقين عبد الحق ومحمد عشيق على التوالي في دورتي سيول 1988 وبرشلونة 1992 والطاهر التمسماني في دورة سيدني 2000. وفي كرة القدم٬ سيبحث "أشبال الأطلس" على تتويج يعززون به رصيدهم في سجل المشاركات المغربية الست في الأولمبياد٬ علما بأن أحسن إنجاز لكرة القدم المغربية يتمثل في بلوغ الدور الثاني والذي يعود إلى 30 سنة (ميونيخ 1982).