المحققون حصلوا يوما بعد الفرار على معطى قد يساعدهم على فك لعز "الهروب الكبير" "" كشفت مصادر موثوق بها ل"الصباحية" أن معتقلي "قضية تفجيرات 16 ماي" التسعة الفارين من السجن المركزي بالقنيطرة فجر الإثنين الماضي، لم يحفروا من فراغ نفقا بطول 25 مترا للهرب منه، بل عمدوا إلى توسيع جزء من نفق كان في وقت سابق قناة للصرف الصحي، اكتشفوا وجودها تحت الزنزانة التي كان يسكنها بعضهم، وذلك أثناء جريان ورش أشغال إصلاح زنازين بحي "ألف" بالسجن المذكور. وأقرت المصادر نفسها، بأن إدارة السجن كلفت حينها 14 عاملا في أشغال البناء لإصلاح بعض الزنازين إثر سقوط سقف إحداهن فوق رأس أحد المعتقلين. مضيفة أنه أثناء تلك الإصلاحات، بادر بعض المعتقلين إلى إجراء تغييرات داخل زنازينهم، بالشكل الذي يجعلها تسع لوضع ثلاجة صغيرة وتلفاز ومغسل (لافابوه)، إذ كانت عائلاتهم تمدهم بهذه اللوازم وكذلك لوازم تزيين الزنازين من صباغة وجير، فيما كان المعتقلون التسعة منكبين على توسيع نفق قديم كان في البداية عبارة عن قناة للصرف الصحي. ولم يجد هؤلاء صعوبة في الحصول على أدوات لتوسيع هذا النفق، بما أنها كانت متوفرة في ورش أشغال إصلاح زنازين بحي "ألف"، ومن ذلك الفؤوس وباقي أدوات الحفر. كما كان من السهل التخلص من كمية الأتربة الناتجة عن عملية التوسيع المشار إليها، بما أن مخلفات الأشغال "الرسمية" الجارية داخل زنازين "حي ألف"، كانت متراكمة بعضها داخل أكياس، ما سهل على المعتقلين الذين كانوا يباشرون " توسيع النفق الذي سلكوه أثناء الهروب"، إلحاق أتربة أشغالهم بمخلفات أشغال إصلاح الزنازين. واعتبرت مصادر "الصباحية" أن إدارة السجن المركزي بالقنيطرة وموظفيها المكلفين بحراسة "حي ألف"، لم ينتبهوا إلى ما كان يخطط له المعتقلون الفارون، لأن أشغال إصلاح بعض الزنازين، كانت تمر في جو "احتفالي"، إذ سجلت الإدارة فرحة المعتقلين وانخراطهم في الإصلاح. ولم تكن الإدارة وحدها من فوجئت بعملية الهروب، بل فوجئ أيضا المعتقلون في قضايا الإرهاب، خاصة المجاورون للسجناء الفارين. وأكدت المصادر نفسها أن الفارين خططوا جيدا بأن ينتهوا من أشغال توسيع قناة للصرف الصحي بالموازاة مع إنهاء 14 عاملا في البناء من إشغال إصلاح زنازين بحي "ألف". واتضح حسب المصادر ذاتها أن الهاربين أنهوا "أشغالهم" دون أن يثيروا الشكوك، وأنهم لم ينفذوا الهروب في حينه، بل انتظروا أياما لم تحدد مصادر "الصباحية" عددها. إلى ذلك أشارت معطيات توصلت إليها "الصباحية" إلى أن التحقيق الجاري حاليا حول ملابسات فرار تسعة معتقلين، يرمي في أحد جوانبه إلى تأكيد فرضية وجود تواطؤ من قبل بعض الحراس أو العمال الذين كانوا يباشرون أشغال إصلاح بعض الزنازين بحي "ألف"، في إشارة إلى احتمال حصول المعتقلين الفارين على مساعدة مباشرة من داخل السجن وأيضا من خارجه، كل هذا أملا في التوصل إلى مكان أو أمكنة اختفائهم، أو معرفة الجهة التي قصدوها لدى الفرار. غير أن المعطيات نفسها ألمحت إلى أن المحققين حصلوا بعد مرور يوم على عملية الفرار، على معطى وصفته ب"المهم جدا" من شأنه أن يساعدهم على فك لغز "الهروب الكبير"، رافضة الكشف عن طبيعة هذا المعطى. وكان كل من الشقيقين كمال ومحمد الشطبي، وهشام العلمي ومحمد مهيم وعبد الله بوغمير وحمو الحساني وطارق اليحياوي ومحمد الشاذلي وعبد الهادي الذهبي، نفذوا ما وُصف بأكبر عملية هروب من سجن القنيطرة، وهم مدانون بأحكام تراوحت بين الإعدام والمؤبد و20 سنة سجنا نافذا لعلاقتهم بتفجيرات 16 ماي 2003. بقلم: الحسين يزي / جريدة الصباحية