كعادة الخارجين على الإجماع والعادة والعرف، في اختيار الأسماء المستفزة والجريئة للتعبير عن جنوحهم، اختار مجموعة من الشباب والفتيات المغاربة -نسبة- اسم "حركة ماصايمينش 2012"، ولم يكتف الأمر عند حد المطالبة بمنع القانون المجرم للإفطار العلني، بل بلغ حد إعلان بعضهم عن (لا دينيتهم) وأنهم غير معنيين بقوانين لا تعترف باختياراتهم العقدية، وتضاد روح مبدأ الحرية الفردية. ومن هذا المنطلق حظيت هذه الحركة بالرعاية من طرف من أطلقوا على أنفسهم التجمع المغربي من أجل الحريات الفردية، وهو الجسم الذي تمثل فسيفساءه مجموعة من الحركات والمطالب اللادينية واللاقانونية في مغرب الألفية الثالثة. إنهم مجموعة شباب وفتيات ممن ملأ البطون بالمأكولات والمشروبات -حتى الكحولية منها-، وملأ الصدور بسحب سوداء من دخان السجائر ولفائف الحشيش، ومن يخشى حرمان نفسه عند الصوم ممارسة جنسية اشتد لهيبها نهارا مع صديقة لا تستمرئ اصطحاب صديقها لغرفته وإشباع رغباته ورغابتها.. من إكسير الحياة عند ممسوخي الفطرة. وحتى لا أطيل الكلام في أصل الداء ومنبعه، سأحاول الوقوف بعض الوقفات مع هذه الحركة التي من أسمائها "وكالين رمضان": حركة ماصايمينش 2012 في التسمية من الغباء ما ينم عن جهل عميق لدى المنتمين لهذه الحركة، فسنة 2012 لا تعلق لها بواجب الصيام، لأن الصيام له تعلق بشهر رمضان، وهو أحد شهور السنة الهجرية، وعامنا الهجري الذي نعيش رمضانه هو 1433ه، ولعل هؤلاء الشباب يجهلون هذا التأريخ كعادة أبناء فرنسا وهو ما دفعهم لاعتماد السنة الميلادية، ولست أدري فلربما يتحدون حتى النصارى وصيامهم!! صفحة (مجموعة) الحركة على الفايسبوك جاء في التعريف بها: (هذا الكروب ليس هدفه التجريح بمشاعر المسلمين المسلمين لهم الحق في ممارسة طقوسهم وشعائرهم. كذلك اللادينيين لهم نفس الحق في عدم صوم رمضان. لا يجب فرض الصيام على غير المسلمين. نحن نرفض القانون الغير المشروع الذي يقيد حريتنا. نحن لنا الجنسية المغربية كباقي المغاربة وهذا البلد بلدنا ولدنا فيه ولن نتخلى عنه. ولا يحق لأي كان أن يطردنا منه. يمنع وجود أي مسلم بالكروب. الكروب مخصص لمفطري رمضان فقط). بعد سماعي بهذه المجموعة طلبت الانضمام إليها قبل أن أنتبه لهذه الكلمات التي جمعت من السفه الكثير، لكن للأسف وإلى اليوم لم يأتني إشعار قبولي في المجموعة، ولا شك في أن أحد المسؤولين عنها اطلع على صفحتي في الفايس فوجدها تنم على توجه صاحبها الإسلامي بما حوت من المشاركات، فألغى طلب الانضمام. ومن تدبر هذه الجمل الموضوعة للتعريف بالصفحة سيجد فيها تناقضا إن كان ذا فهم واطلاع بأحكام الشرع، إذ كيف يصح أن نقول: يمنع وجود أي مسلم بالكروب، ونقول بعد ذلك: الكروب مخصص لمفطري رمضان فقط؟ فهل مفطرو رمضان في هذه المجموعة ليسوا بمسلمين؟ وهل يلزم أن يكون مفطر رمضان ليس بمسلم؟ بالنسبة لحكم الإسلام في مفطر رمضان أنه أتى بذنب عظيم، لكنه لا يخرج عن الإسلام، بل يبقى مسلما عاصيا، فهل نفهم مما تقدم أن حركة "ماصايمينش 2012" لا يريدون الصيام، ولا يريدون حتى الإسلام؟ إعلان بعض منتسبي الحركة عن لا دينيتهم نعم لقد أعلن بعض منتسبي هذه الحركة عن لا دينيتهم وعلى رأسهم من يفتخر بإلحاده ولا يجد حرجا في ذلك وهو المدعو قاسم الغزالي، كما طالب نجيب شوقي عضو حركة "مالي" للدفاع عن الحريات الفردية على قناة "فرانس 24" (القناة الفرنسية التي تروج لقيم فرنسا العلمانية) بضرورة تمتيع المغاربة بحق حرية العقيدة، بل ذهب إلى أبعد من ذلك في الحديث عن وجود أقليات دينية في المغرب، فذكر مع الأقلية اليهودية والأقلية النصرانية؛ أقلية اللادينيين المغاربة.. وصرح أحد أعضاء تجمع "ماصايمينش" على نفس القناة عن لا إسلاميته بقوله: "يصر المجتمع على اعتبارنا مسلمين لمجرد أن أسماءنا عربية رغم أننا لا نبدي أي اقتناع بالدين الإسلامي".. كما قالت إيمان عروت في استطلاع نشرته مجلة "تيل كيل": "في سن الرابعة والعشرين، أحتفل بعشر سنوات من إلحادي، فقد فكرت مليا في خطوتي هذه وأنا مقتنعة بها.."1. ويأتي هذا؛ في وقت برزت فيه في الآونة الأخيرة في المغرب العديد من المطالب التي تضاد أحكام الدين الإسلامي، وهو ما دفع عددا من الغيورين على دينهم إلى التحذير من هذه الدعوات التي تصدر عن منظومة قيمية لا علاقة لها بالإسلام!! وفي الوقت الذي اتهمت فيه بعض الأقلام العلمانية هؤلاء الغيورين بالتشدد والغلو ورمي الأبرياء بتهمة الردة عن الدين، ها هو قد ظهر لنا أن هناك من الشباب المغربي الذي لا يستحيي أن يعلن كفره وإلحاده أمام الجميع، وهو ما يؤكد أن التسيب الفكري عند العلمانيين والحداثيين مآله عند الكثير منهم إنكار التدين والردة عن الدين، فقد تجاوز المغرب مع هذه الطفرة في استغلال هامش الحرية للعلمانية والتضييق على الإسلام مرحلة أن تجد العلماني المعتدل الذي يلتزم بالطقوس والممارسات الدينية الخاصة به حسب تصوره، وإن وجد فإنه يغلفها بشكل من السرية وكأنه يخاف أن يرمى بمعاداة العلمانية إن هو أظهرها!! الفصل 222 يطالب أعضاء هذه الحركة مع أعضاء حركة "مالي" بإلغاء الفصل 222 من القانون الجنائي المغربي الذي ينص على أن "كل من عرف باعتناقه الدين الإسلامي، وتجاهر بالإفطار في نهار رمضان، في مكان عمومي، دون عذر شرعي، يعاقب بالحبس من شهر إلى ستة أشهر، وغرامة من اثني عشر إلى مائة وعشرين درهما"، بحجة أن في المغرب أقليات غير مسلمة. ولنا هنا أن نتساءل: متى كان اليهود والنصارى في المغرب يأكلون ويشربون علانية في رمضان؟ أم أن هذا المشكل هو وليد جرأة هؤلاء المنتسبين للحداثة على شرائع الإسلام، والقوانين التي تخدم بعض الأحكام الشرعية؟ ويذهب بعض "وكالين ووكلات" رمضان إلى القول بأن هذا القانون هو من وضع الجنرال ليوطي! وأنه ليس ثَمَّ حد شرعي ورد في حق المفطر في رمضان، بل كل ما على متعمد الفطر هو الكفارة فقط، متجاهلين أن ليس كل ذنب ومعصية قد ورد فيها حد شرعي وكفارة. ثم هم أغمار لا يفرقون بين المجاهر بالإفطار في رمضان والمسر به، فمن أفطر في السر فحسابه على الله، لكن من تعمد الإفطار في العلن فحقه التعزير من ولي الأمر (السلطة التنفيذية). وقد تكلم العلماء عن عدم تعزير النبي صلى الله عليه وسلم للذي وقع على زوجته في رمضان لأنه جاء تائبا على حالة صلاح، والتعزير إنما يكون للاستصلاح، كما استثنوا من التعزير من جاء مستفتيا، وهو ما يثبت أن من تعمد الإفطار علنا أو عُلم إفطاره فعليه التعزير من ولي الأمر.. ولما كان التعزير للاستصلاح، فالذي يستحقه سيكون من مرتكبي الفساد، وهؤلاء تجاوزوه إلى الدعوة إلى الفساد، فمن أحق بالتستر بجرمه؟ وإن كان هؤلاء المجاهرين يعتبرون أنفسهم أقلية فلن يكونوا أحسن من اليهود والنصارى وهم أهل كتاب، ويحترمون صيام المغاربة، والأجواء العامة في شهر رمضان! ختامًا: إن حركة أو تجمع "ماصايمينش" مع حركة "مالي"، ما هما إلا إفراز من الإفرازات النتنة للمشروع التغريبي الذي يتعرض له المغرب منذ الاحتلال الفرنسي، وظهور الشباب اللاديني (أو الملحد) هو صورة من أبشع صور المسخ الهوياتي، فهل بعد هذا الإفراز من ضلال؟ [email protected] * عند كتابتي لسنة 1433ه فأنا أستحضر أن رمضان لم يفرض حتى السنة الثانية من الهجرة، وهو ما يلزم منه أن المسلمين عند متم رمضاننا هذا سيكونون قد صاموا 1432 رمضان فقط.. 1- وليتنبه القارئ الكريم في أي سن اختارت هذه الفتاة الإلحاد، فقبل عشر سنوات كان عمرها 14 سنة، ومع ذلك تقول مفتخرة بأنها فكرت مليا في خطوتها وهي مقتنعة بها، وهنا تطرح أمامنا عدة أسئلة: - من عرض على هذه الصغيرة الفكر الإلحادي؟ - ألم تتلقى من والديها ومن المدرسة ومن محيطها الإيمان بالله الذي يكون هو الأصل في مثل هذا السن؟ - كيف يمكن أن تخترق الأسرة لهذه الدرجة من طرف حاملي الإلحاد؟ - هل يمكن أن نقبل ادعاءها بأنها في سن 14 سنة اختارت هذا الخيار وهي مقتنعة به، أم أن هناك من غرر بها؟ - أليس الفراغ الإيماني والعقدي في البرامج الدراسية من أسباب هذه الحالة؟