إطلاق سراح 90 أسيرا فلسطينيا من سجن عوفر العسكرى وسط احتفالات عارمة    تنظيم تظاهرة "Nador Boxing Champions" إحتفالا بالسنة الأمازيغية الجديدة 2975    الشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة تحتفي بالأبطال المتوجين في استفتاء الإذاعة الوطنية لأفضل رياضيي سنة 2024    وزارة الداخلية: تنفيذا للتعليمات الملكية السامية، تعبئة شاملة لجميع الوسائل اللوجستيكية وكذا الموارد البشرية لتقديم الدعم والمساعدة للمواطنين لمواجهة موجة البرد التي يعرفها عدد من مناطق المملكة    إسرائيل تفرج عن أسرى فلسطينيين    بركان تكتسح "ستيلينبوش" بخماسية    الCIA تعتمد خريطة صحراء المملكة المغربية    السجن النافذ وغرامة ثقيلة لمرتكب جريمة التشهير بحق امرأة في الحسيمة    صدمة لإقدام أب لخمسة أطفال على وضع حد لحياته    في 3 دقائق.. إبراهيم دياز ومبابي يسجلان هدفين ل ريال مدريد أمام لاس بالماس    إطلاق الخط الجوي بين الدار البيضاء وشنغهاي.. توجه استراتيجي لتعزيز التعاون بين الصين وإفريقيا    ولاية أمن الدار البيضاء تحقق في شجار دموي بسوق للأسماك    توقيع إعلان مشترك بين المغرب وألمانيا لمواجهة التحديات المشتركة    كذبة التخفيف الضريبي الكبرى!    وقف إطلاق النار في غزة.. ماذا بقي للغزاويين؟    الجولة 91 من الدوري الاحترافي الأول .. نهضة الزمامرة يضغط على نهضة بركان ويقرب شباب المحمدية من الهبوط    ترحيب دولي بإعلان وقف إطلاق النار في غزة    خلية أزمة في وزارة الخارجية لتتبع إختفاء 4 سائقين مغاربة في منطقة خطيرة بين النيجر وبوركينافاصو    مسيرة وطنية حاشدة رفضا لقانون الإضراب والتقاعد    الدكتور كريم بلمقدم ل «الاتحاد الاشتراكي «: نتبرأ من الإضرار بمصالح المرضى و»الصحة العمومية» تعيش أزمة حقيقية    إبداع النساء المغربيات في أطباق البسطيلة المغربية يبهر العالم    موانئ جنوب إسبانيا تتوحد لمواجهة المنافسة القوية لميناء طنجة المتوسط    إدارة سجن العيون توضح بخصوص ادعاءات تعرض نزيل للضرب    ترامب يجمّد الإثنين حظر "تيك توك"    لارتيست يعود بأغنية «بوهالي» تمهيداً لإطلاق ألبومه المرتقب «سوليداد»    «إيقاعات الأطلس المتوسط» تسحر جمهور الرباط بتراث غني وفنانين متميزين    مسيرة وطنية في مراكش تندد بالفساد وتطالب بمحاسبة المتورطين في نهب المال العام    بالصدى : بوحمرون .. وما بعده    فريق كوري يبتكر شبكة عصبية لقراءة نوايا البشر من موجات الدماغ    مهرجان مراكش للكتاب الإنجليزي: حفل تسليم النسخة الأولى من جائزة "كوستا غولدكس"    مراكش تحتضن مهرجان السينما والتاريخ    توقعات أحوال الطقس ليومه الأحد    جبهة الدفاع عن الحق في ممارسة الاضراب "تجتاح" شوارع الرباط في رسالة واضحة للحكومة (صور)    مشاهد توثق الدمار الهائل في قطاع غزة بعد خمسة عشر شهرا من الحرب    وائل جسار يعايد مي حريري ويتمنى لها الشفاء    اختفاء أربعة سائقين مغاربة في ظروف غامضة ببوركينافاسو    توقيف متورطين في سياقة دراجات نارية بشكل متهور واستعراضي    زيادة جديدة في ثمن الغازوال والبنزين بالمغرب..    تعزية ومواساة في وفاة والدة السيد ميلود بلفضيل نائب رئيس مجلس جماعة تزطوطين    إسدال الستار على فعاليات الدورة ال3 من المهرجان المغربي للموسيقى الأندلسية    أزمة التباين بين الأقوال والأفعال..    تقرير: الطاقة المتجددة ركيزة أساسية للتحول الاقتصادي المغربي    زياش يطالب غطلة سراي بمستحقاته المالية بعد اتفاقه مع الفتح السعودي    انسحاب اليميني المتطرف بن غفير وحزبه "القوة اليهودية" من ائتلاف نتانياهو احتجاجا على اتفاق غزة    المغرب يدخل غمار تصنيع الشاحنات وتصديرها للأسواق الأوروبية والإفريقية    أفضل وجهة في العالم لقضاء شهر العسل    د.الحسن عبيابة يتساءل: ماهي الحكومة التي ستشرف على الإنتخابات المقبلة ؟    حفل ضخم في "جوي أووردز" بالرياض    توقيف المشتبه به في طعن نجم بوليوود سيف علي خان    أيوب مولوع يرفع قيمته التسويقية    باحثون يدعون إلى تقوية الحماية القانونية لحراس الأمن الخاص في المغرب    الجزائر.. فيروس ينتشر ويملأ مستشفيات البلاد بالمرضى    "بوحمرون" يجلب قلق ساكنة طنجة.. مسؤولون: الوضع تحت السيطرة    ثمود هوليود: أنطولوجيا النار والتطهير    الأمازيغية :اللغة الأم….«أسكاس امباركي»    ملفات ساخنة لعام 2025    أخذنا على حين ′′غزة′′!    الجمعية النسائية تنتقد كيفية تقديم اقتراحات المشروع الإصلاحي لمدونة الأسرة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



روس أسير المؤامرة ويتراخى في تقديم الاستقالة
نشر في هسبريس يوم 13 - 07 - 2012

شكل سحب المغرب ثقته من المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة كريستوفر روس بتاريخ 17 ماي من السنة الجارية ومن جانب واحد، لغزا حقيقيا للديبلوماسية المغربية، فالقرار ولئن هو تعبير عن موقف سيادي ومن صميم حق تقدير وتقرير الطرف المغربي، الذي لن يجبره أحد على القبول به، ما دام سببه راجع عن تشكك مشروع ولكون المغرب يفاوض اختيارا على اقليم يضمه يحوزه ويسيطر عليه وتحت إدارته الفعلية، بعدما قرر مصيره باسترجاعه من سلطة الإحتلال الأسبانية، بمقتضى اتفاق 14 نونبر1975.
وهو اتفاق أعقب المسيرة الشعبية6 نونبر 1975، واعتبر تتويجا لمفاوضات راعت مبادئ ميثاق الأمم المتحدة، منها المادة 33 ، كما علل الإتفاق على أنه أفضل مساهمة في تثبيث السلم والأمن الدولي، المادتين 4و5 منه، و هو الاتفاق، الذي كان محل قانون إنهاء الإستعمار في اسبانيا، ونشر في جريدتها الرسمية، وتم بعد أن كذبت محكمة العدل الدولية ذريعة الأرض التي لا مالك لها المتخذة مطية من قبل اسبانيا لتبرير احتلاله لصالح تأكيد الروابط القانونية بين اقليم الصحراء والمملكة المغربية بالفتوى الصادرة عنها بتاريخ 16 أكتوبر 1975.
ومع ذلك، فإن قرار سحب الثقة من روس المبني على أسباب"غير محايدة وغير متوازنة" وأن "تصرفاته خرجت عن الخطوط العريضة التي حددتها المفاوضات في مجلس الأمن". حسب الذريعة المغربية. يبدو أن هذه الأسباب لم تستطع تغيير وزعزعة عقيدة ومواقف الدول الكبرى المؤيدة للمبعوث الشخصي روس ولاستمراره في مهمته، منها أمريكا التي صرحت بواسطة أندي هالسون الناطق الرسمي المساعد بمكتب شؤون الشرق الأوسط لدى كتابة الدولة الأمريكية، عقب انتهاء زيارة العثماني لأمريكا ولقاؤه بهيلاري كلينتون وزيرة الخارجية الأمريكية. واتخاذ المغرب سحب ثقته من المبعوث الأممي إلى الصحراء الغربية، أن أمريكا تدعم مسار الأمين العام للأمم المتحدة حول الصحراء الغربية وكذا جهود مبعوثه الشخصي كريستوفر روس.
ونفس الدعم والمساندة لقاهما روس من رئيسه المباشر بان كيمون من خلال تصريحين منسوبين لناطقه الرسمي مارتن نسيركي بتاريخ 17ماي، الذي يصادف تاريخ إعلان المغرب سحب الثقة، حينما أكد أن بان كي مون "له ثقة في كريستوفر روس".وجدده ذلك يوم الجمعة 22 يونيو بتأكيده استمرار دعم بان كي مون لمهمة مبعوثه الخاص الي الصحراء الغربية من أجل التوصل الي حل للنزاع، ضدا على آمال المغرب المعقودة على الأمين العام لانصافهم وفق المستقى من تصريحات المسؤولين المغاربة،" الملف بيد الأمين العام لانصافنا" "المغرب ينتظر أن يتخذ الأمين العام للأمم المتحدة قراره بهذا الشأن ويعين وسيطا جديدا حتى يمكننا التفاعل معه".
ويسود اعتقاد يرجع تلكؤ واحجام الأمين العام عن التصرف استجابة لطلب المغرب على غرار نهج الأمين العام السابق عندما سحبت البوليساريو ثقتها في بتير فان والسوم، المبعوث السابق للأمين العام من جنسية هولندية، نتيجة تعبيره عن ما خلص إليه من نتيجة، من كون الإستفتاء غير واقعي ويجب سحبه من طاولة المفاوضات، فتم تعيين خلف جديد له مباشرة وهو المبعوث الحالي روس. إلى إشاعة مروج من طرف خصوم المغرب، مفادها أن قرار المغرب إنما اتخد من أجل قطع الطريق أمام تنفيذ روس لزيارة إلى الصحراء في منتصف شهر يونيو المنصرم، بسبب تخوف المغرب من استغلال نشطاء حقوق الإنسان والأصوات الداعمة للإنفصال لتلك الزيارة بالتضاهر وإظهار ذلك للمجتمع الدولي على أنه شعور وايمان عام.
وقد شكل تراخي الأمين العام لتعيين خلف لروس وشح الدعم الدولي للموقف المغربي باستثناء فرنسا ساركوزي والتأييد الضمني الإسباني، الذي عبر عنه وزير خارجيتها، خوسيه مانويل غارسيا-مارغايو في زيارته يونيو المنصرم الى الرباط، عندما طريقة تدبير روس للمفاوضات واهتمامه "...بالمواضيع المركزية وليس بالمواضيع الثانوية"، مفاجئة للديبلوماسية المغربية، والذي يبدو أن العجالة في اتخاذ قرار سحب الثقة لقطع الطريق أمام تنفيذ روس لمخططه غير البريء، جعل القراءة السياسية لما بعد اتخاذ القرار غير جامعة وغير شاملة للتداعيات والتوقعات، لضيق الوقت -أمام تعبير روس عن الزيارة للاقليم- يسمح باتخاذ المغرب ما يلزم من مشاورات لتجنب آثارها السلبية على حقوق الطرف المغربي.
الشيء الذي جعل الديبلوماسية المغربية في ورطة ورهينة الموقف والسلوك الشخصي لكريستوفر روس وانتظار اختياره الاستقالة من منصبه، التخمين والتكهن المتأخر والذي لن يأتي وإن أتى فسيأتي متأخرا تعمدا منه الإساءة إلى المغرب وتسجيل النقاط عليه باظهاره دوليا أنه المتسبب في فشل المفاوضات، تأكيدا لما سبق أن عبر عنه روس في الرسالة السرية، المؤرخة في غشت 2010، الموجهة من قبله لأربع دول أعضاء دائمة في مجلس الأمن واسبانيا، والتي كشفت عنها جريدة البايس الأسبانية في حينه من جهة. ولأن روس وقع أسير التزام سري مع الجزائر والبوليساريو، أفقده حرية الإرادة وجانبه مبدأ الحياد في مهمته في نفس الوقت الذي جرده من مروءة الحفاظ على كرامته، أمام وضوح اتهام المغرب الصريح له بعدم الموضوعية، دون أن يتحلى بشجاعة تخليه عن المهمة، التصرف الحتمي لشخص عادي في نفس موقف وظروف التشكك و الاتهام من حهة أخرى.
ومهما يكن من أمر وسبب جعلا أمريكا تدعم مواطنها وبان كي مون يتمسك بروس والأخير يأبى عن الاستقالة، فإن التصريحات الأخيرة للمسؤولين المغاربة منها وزير الخارجية العثماني، وبالضبط في جلسة الأسئلة الشفوية بمجلس النواب، عندما صرح جوابا عن سؤال، أن المبعوث الشخصي للأمين العام الأممي في الصحراء لا يمكنه الاستمرار في مهمته في غياب ثقة أحد الأطراف مهما كانت الظروف، مؤكدا أن الحكومة "لم تتراجع عن قرار سحب الثقة من روس"، والذي يجب عليه أن "يتحلى بالموضوعية، وإلا لا مكان له"، والتصريح الرسمي الثاني، الذي تم رصده، هو الصادر عن وزير الإتصال والناطق الرسمي باسم الحكومة مصطفي الخلفي مفاده أن"المغرب يميز بين أمرين اثنين٬ أولهما التشبث بإيجاد حل سياسي متوافق بشأنه في إطار الأمم المتحدة٬ وثانيهما ضرورة تحلي المبعوث "الشخصي للأمين العام بصفات الحياد وعدم الانحياز". وأكده ذلك عقب انتهاء مجلس الحكومة ليوم الخميس 12 يوليز بقوله أن المغرب "يواصل جهوده الدبلوماسية من أجل إنصافه والاستجابة لمطالبه، خاصة وأن موقفه منسجم مع سيادته وحقه في أن تتوفر في المفاوضات ضمانات النزاهة والحياد وعدم الانحياز".
وتكشف تلك التصريحات عن عناء دب في الديبلوماسية المغربية نتيجة عدم تلبية الأمين العام لمطلب سحب الثقة والتأخير فيه، فتوجست من عواقبه خوفا، فجنحت إلى تغيير وتليين في الخطاب من رفض مطلق للتعامل مع روس، الذي عبر عنه العمراني، الوزير المنتدب لدى وزير الشؤون الخارجية والتعاون في حوار سابق له مع جريدة الإتحاد الإشتراكي بقوله إن المغرب "لن يقبل الاشتغال مع المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة" كريستوفر روس٬ و أبرز أن "ما يهم المملكة هو التوصل إلى حل سياسي في إطار احترام السيادة المغربية التي لن نقبل بالمس بها".إلى لغة تحمل قبول ضمني با ستمرار روس في مهمته واستئناف التعامل معه بضمان التحلي بالموضوعية(العثماني) و شريطة الحياد وعدم الإنحياز(الخلفي) والمؤشر الدال على ذلك هو استدعاء وزير الخارجية المغربي للأمناء الأحزاب الساسية للوزارة، لدعم وتوحيد الجبهة السياسية الداخلية بعدما ظهر تصدع غير معهود، عبر عنه وزير الدولة السابق اليازغي، الذي حمل مسؤولية نتائج قرار سحب الثقة لحكومة عبد الاله بنكيران.
وبالرغم من ما قد يكلفه قرار سحب الثقة من ضرر للموقف المغربي، فإن الديبلوماسية المغربية حاولت التخفيف منها ونقل تبعاتها إلى الوسيط الأممي نفسه بربط قبول السماح الضمني له باستئناف التعامل معه في مهمته بشروط، طبيعتها متصلة باحداث تغيير في سلوكه من الإنحيار إلى الحياد ومن الذاتية إلى الموضوعية، ومن محاولة للمس بسيادة المغرب إلى تقديم ضمان احترامها، وهو ما لا يترك لروس من أمل ولا فرصة غير تعجيله بتقديم الاستقالة، لأن عودته واستئنافه للوساطة رغما عن ذلك، تعني إقراره بصدقية حيثيات قرار سحب ثقة المغرب له ويفقدها هو كما يضعفه، وفي نفس الوقت يدعم مركز وموقف المغرب ومبادرة الحكم الذاتي، ويضعف طرح البوليساريو الوحيد في إجراء الاستفتاء.
فالديبلوماسية المغربية لا تملك أمام هذا الإنحسار المفتعل-الذي يظهره روس بسبب المغرب – من خيار ثان غير تليين الخطاب، وفق ما فعلت بربطها استئناف روس للمهمة بشروط، مرتبطة أساسا بتقويمه لسلوكه لينسجم مع قاعدة مبدأ عدم الخروج عن الحياد، لعله يستعجل في تقديم الاستقالة، التي يتماطل ويشاكس فيه مدة أطول ليؤتي مخططه بالاساءة إلى موقف المغرب، وساعده في ذلك الأمين العام، الذي عجز عن تعيين خلف له، ليس لغياب وانعدام دبلوماسيين دوليين كفيلين بقبول وتحمل المهمة وفق المسوق له لتبرير التماطل، بل لأن الأمين العام لا يملك قدرة وشجاعة إقالة مبعوثه الشخصي رغما عن التشكك في عمله وسلوكه، بسبب انتمائه إلى مواطني أمريكا، دولة عضو دائم في مجلس الأمن والقوة العظمى والممول الأكبر للأمم المتحدة، وهي مصدر استمرار ثقة الأمين العام في روس، التي عبر عنها فرحان حق، مساعد المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة في تصريح لوكالة الأنباء الجزائرية يوم الأربعاء 11/يوليوز، بقوله إن الأمين العام "يثق كلية" في مبعوثه الشخصي للصحراء الغربية. وهي الحسابات، التي أخفقت في فكها الديبلوماسية المغربية لرسوب ساركوزي وبسبب ناتج الغاز الجزائري.
*محامي بمكناس
Lhou_abogado@yahoo/fr


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.