جدعون ليفي: نتنياهو وغالانت يمثلان أمام محاكمة الشعوب لأن العالم رأى مافعلوه في غزة ولم يكن بإمكانه الصمت    أحمد الشرعي مدافعا عن نتنياهو: قرار المحكمة الجنائية سابقة خطيرة وتد خل في سيادة دولة إسرائيل الديمقراطية    مؤامرات نظام تبون وشنقريحة... الشعب الجزائري الخاسر الأكبر    الاعلام الإيطالي يواكب بقوة قرار بنما تعليق علاقاتها مع البوليساريو: انتصار للدبلوماسية المغربية    الخطوط الملكية المغربية تستلم طائرتها العاشرة من طراز بوينغ 787-9 دريملاينر    مؤتمر الطب العام بطنجة: تعزيز دور الطبيب العام في إصلاح المنظومة الصحية بالمغرب    استقرار الدرهم أمام الأورو وتراجعه أمام الدولار مع تعزيز الاحتياطيات وضخ السيولة    السلطات البلجيكية ترحل عشرات المهاجرين إلى المغرب    الدفاع الحسني يهزم المحمدية برباعية    طنجة.. ندوة تناقش قضية الوحدة الترابية بعيون صحراوية    وفاة رجل أعمال بقطاع النسيج بطنجة في حادث مأساوي خلال رحلة صيد بإقليم شفشاون    أزمة ثقة أم قرار متسرع؟.. جدل حول تغيير حارس اتحاد طنجة ريان أزواغ    جماهري يكتب: الجزائر... تحتضن أعوانها في انفصال الريف المفصولين عن الريف.. ينتهي الاستعمار ولا تنتهي الخيانة    موتمر كوب29… المغرب يبصم على مشاركة متميزة    استفادة أزيد من 200 شخص من خدمات قافلة طبية متعددة التخصصات    حزب الله يطلق صواريخ ومسيّرات على إسرائيل وبوريل يدعو من لبنان لوقف النار    جرسيف.. الاستقلاليون يعقدون الدورة العادية للمجلس الإقليمي برئاسة عزيز هيلالي    ابن الريف وأستاذ العلاقات الدولية "الصديقي" يعلق حول محاولة الجزائر أكل الثوم بفم الريفيين    توقيف شاب بالخميسات بتهمة السكر العلني وتهديد حياة المواطنين    بعد عودته من معسكر "الأسود".. أنشيلوتي: إبراهيم دياز في حالة غير عادية    مقتل حاخام إسرائيلي في الإمارات.. تل أبيب تندد وتصف العملية ب"الإرهابية"    الكويت: تكريم معهد محمد السادس للقراءات والدراسات القرآنية كأفضل جهة قرآنية بالعالم الإسلامي    هزة أرضية تضرب الحسيمة    ارتفاع حصيلة الحرب في قطاع غزة    مع تزايد قياسي في عدد السياح الروس.. فنادق أكادير وسوس ماسة تعلم موظفيها اللغة الروسية    شبكة مغربية موريتانية لمراكز الدراسات    المضامين الرئيسية لاتفاق "كوب 29"    ترامب الابن يشارك في تشكيل أكثر الحكومات الأمريكية إثارة للجدل    تنوع الألوان الموسيقية يزين ختام مهرجان "فيزا فور ميوزيك" بالرباط    خيي أحسن ممثل في مهرجان القاهرة    الصحة العالمية: جدري القردة لا يزال يمثل حالة طوارئ صحية عامة    مواقف زياش من القضية الفلسطينية تثير الجدل في هولندا    بعد الساكنة.. المغرب يطلق الإحصاء الشامل للماشية    توقعات أحوال الطقس لليوم الأحد        نادي عمل بلقصيري يفك ارتباطه بالمدرب عثمان الذهبي بالتراضي    مدرب كريستال بالاس يكشف مستجدات الحالة الصحية لشادي رياض    الدكتور محمد نوفل عامر يحصل على الدكتوراه في القانون بميزة مشرف جدا    فعاليات الملتقى العربي الثاني للتنمية السياحية    ما هو القاسم المشترك بيننا نحن المغاربة؟ هل هو الوطن أم الدين؟ طبعا المشترك بيننا هو الوطن..    ثلاثة من أبناء أشهر رجال الأعمال البارزين في المغرب قيد الاعتقال بتهمة العنف والاعتداء والاغتصاب    موسكو تورد 222 ألف طن من القمح إلى الأسواق المغربية        ⁠الفنان المغربي عادل شهير يطرح فيديو كليب "ياللوبانة"    الغش في زيت الزيتون يصل إلى البرلمان    أفاية ينتقد "تسطيح النقاش العمومي" وضعف "النقد الجدّي" بالمغرب    المغرب يرفع حصته من سمك أبو سيف في شمال الأطلسي وسمك التونة    قوات الأمن الأردنية تعلن قتل شخص بعد إطلاقه النار في محيط السفارة الإسرائيلية    المخرج المغربي الإدريسي يعتلي منصة التتويج في اختتام مهرجان أجيال السينمائي    حفل يكرم الفنان الراحل حسن ميكري بالدار البيضاء    كندا تؤكد رصد أول إصابة بالسلالة الفرعية 1 من جدري القردة    الطيب حمضي: الأنفلونزا الموسمية ليست مرضا مرعبا إلا أن الإصابة بها قد تكون خطيرة للغاية    الأنفلونزا الموسمية: خطورتها وسبل الوقاية في ضوء توجيهات د. الطيب حمضي    لَنْ أقْتَلِعَ حُنْجُرَتِي وَلَوْ لِلْغِناءْ !    اليونسكو: المغرب يتصدر العالم في حفظ القرآن الكريم    بوغطاط المغربي | تصريحات خطيرة لحميد المهداوي تضعه في صدام مباشر مع الشعب المغربي والملك والدين.. في إساءة وتطاول غير مسبوقين !!!    في تنظيم العلاقة بين الأغنياء والفقراء    سطات تفقد العلامة أحمد كثير أحد مراجعها في العلوم القانونية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



قراءة في رواية نهاية سري الخطير
نشر في هسبريس يوم 04 - 04 - 2008

الكاتبة والأديبة والروائية زكية خيرهم، كاتبة وأديبة مغربية مقيمة في النرويج، معروف عنها في كتاباتها بتحررها الاجتماعي وثورتها على القيم والعادات والتقاليد العربية الشرقية البالية، بحق وحقيقة، فهي بكتاباتها موضوعية وواقعية جدا، وبقناعاتها جريئة وصريحة أيضا، وتعرف جيدا من أين تأكل الكتف )كما يقولون)، تتمتع بذكاء بالطرح والسرد، وتؤمن بمساواة المرأة بالرجل بشكل كبيرة جدا، وأيضا تعمل جاهدة ضد اضطهاد المرأة واستغلالها من قبل الرجل العربي والشرقي، كما أنها تقف ضد ممارسة العنف ضد امرأة، والممارسات الخاطئة، سواء العنف الجنسي كالاغتصاب، او العنف الجسدي كالضرب وخلافه أيضا. ""
تؤمن بحرية المرأة ومساواتها بالرجل، فالمرأة ليست جسد فقط، فهي جسد وروح وعواطف وكائن حي، لديه إحساس وشعور ورغبات، ورأي وأفكار وقيم وأخلاق، وشخصية ذات عقل وفكر وفهم، وإرادة ووجدان وعاطفة، لها، ما للرجل من حقوق، وعليها ما عليه من واجبات، لا تؤمن باستعباد المرأة من قبل الرجل، وتحكمه بها، وسيطرته والتسلط عليها، والتمتع بها جنسيا، وإهمالها، واحتقار رغباتها وشعورها وعواطفها، فالمرأة، ليست للممات كما يقول الرجل عنها، كما أنها ليست للسرير، من اجل إشباع رغباته والتنفيس عن غضبه وعقده، كما أنها ليست ناقصة عقل ولا دين، وليست مخلوقة من ضلع لآدم الأعوج، وليست النساء كيدهن عظيم أكثر من الرجال، كما أن الرجال ليسوا بقوامين على النساء، فالمرأة إنسان بشري، يجب أن يكون له وجود، وكيان مستقل، كما للرجل تماما، ولها شخصيتها واستقلاليتها، رغم الاضطهاد الذي وقع عليها منذ آلاف السنين، وسلب إرادتها وأحلامها وطموحها. كتاباتها كثيرة ومتنوعة، فلديها عشرات المقالات والعديد من القصص والروايات، وأيضا كتبت في مجال المسرح وترجم الكثير من أعمالها الى اللغة الإنجليزية والنرويجية.
في روايتها:(نهاية سري الخطير) الشيقة والممتعة والإبداعية، تشرح زكية خيرهم قصة فتاة مغربية (أمها سودانية الأصل) وتدعى (غالية)، أقلقها كثيرا منذ صغرها، أنها رأت بقعة دم حمراء في لباسها الداخلي. وهي في سن الطفولة، وقد لازمت هذه الحكاية الشابة )غالية) منذ هذه الحادثة وحتى يوم زواجها، وأقلقت مضجعها في كل مكان وزمان، خاصة، إذا تعلق الأمر بموضوع زواجها، وهي تعلم تماما، أن مصير أي فتاة فقدت عذريتها، هو القتل من قبل أهلها، هي اعتقدت أن هذه البقعة من الدماء، ناتجة عن تمزق غشاء بكارتها، وكانت قد سمعت من عائلتها وقريباتها عن شرف العائلة، وأهمية هذا الشرف والحفاظ عليه، وكما فهمت من أهلها والناس أيضا، فان الفتاة تمثل شرف العائلة، وان هذا الشرف، لدى الفتاة يتمثل بالمحافظة على غشاء بكارتها سليما من الانفضاض والتمزق، هذا الغشاء الشفاف، والذي قد لا يكون موجودا منذ الولادة لأسباب ورائية أيضا، وقد يزول لأسباب عديدة، غير فضه وتمزقه أثناء عملية الجماع، لأي سبب من الأسباب، كممارسة رياضة ركوب الخيل، او العبث به بدون وعي، او في حالات الاغتصاب المعروفة والمعهودة، من قبل المجرمين، وخلافهم، أو من قبل الأهل بطريقة او أخرى.
تمكنت الكاتبة والأديبة زكية خيرهم من خلال روايتها (نهاية سري الخطير)، انتقاد العادات والتقاليد العربية والشرقية، المعمول بها في مجتمعات المغرب العربي، والتي في حقيقتها تعبر عن عادات وتقاليد كل المجتمعات العربية من المحيط الى الخليج، فالمعروف أن الأنثى العربية، تعامل بأقل درجات كثيرة من شقيقها الذكر، فهي لا يسمح لها بالخروج من بيتها إلا بإذن من أهلها، وإذا سمح لها بالخروج، فيجب أن يرافقها احد أفراد العائلة من الذكور، وإذا خرجت، يمنع تأخرها الى ما بعد غروب الشمس، بينما شقيقها الذكر، يتمتع بكامل حريته، في الخروج والدخول وبناء العلاقات مع الجنس الآخر، وحتى ممارسة الجنس، دون أن يعاب على تصرفه هذا، كونه ذكرا، وكأنه حقا شرعيا له، كما أنه يتمتع بمحاباة أفضل من الأنثى من قبل والديه وأقاربه، في المصرف والملبس وخلافه، بينما الأنثى العربية، يفرض عليها ملازمة بيتها وعدم اختلاطها بالجنس الآخر، ويمنع سفرها الى بلاد الغربة من اجل استكمال تعليمها الجامعي، ولا يعتمد عليها، كما يعتمد على الرجل في كثير من الأمور، ولا تعطى المسؤولية، حيث لا يوثق بها، لأنها قد تجلب العار لأسرتها، بينما الرجل، لا يهمه أي شيء، فممارسته للجنس، لا يمس شرف العائلة، كما تمسه المرأة، فالرجل، لا يملك غشاء بكارة كالأنثى، يمكن له أن ينفض ويتمزق، لو مارس العملية الجنسية، ويبقى الحفاظ على غشاء بكارة الأنثى هو العامل المحدد لشرف البنت، وبالتالي لشرف عائلتها، بغض النظر إذا كانت تمارس بالخفاء، كل أنواع الموبقات المتعارف عليها، مع انه يقال بان شرف البنت كان مثل عود الثقاب، لا يولع إلا مرة واحدة، وأصبح في عصرنا الحاضر، مثل الولاعة، يولع مائة مرة ومرة، لهذا التمايز، تعتقد الكاتبة أن هناك الكثير من الإناث يفضلن لو أنهن ولدن ذكورا، وليس إناثا، حتى يتمتعن بالميزات التي يتمتع بها الذكر.
تمكنت زكية خيرهم الكاتبة والأديبة المغربية المتألقة، بمعالجة موضوع شرف البنت، وشرف العائلة والعادات والتقاليد العربية والشرقية، والتي أكل عليها الدهر وشرب، من خلال بطلة القصة (غالية)، وتمكنت على لسانها من نقد العادات والتقاليد العربية وتصرفات الرجل العربي، والتي تمثل ثقافة المجتمع ألذكوري العربي، ففي عادات الأفراح والزواج، كل ما يهم الأهل بما يتعلق بالعروسة في ليلة الدخلة، قطعة القماش البيضاء وعليها بقعة الدم، لإثبات شرف البنت وعذريتها، وشرف العائلة، وكأن نهاية العالم يمكن أن تكون عند هذه الحادثة فقط، مع أن غالية تزوجت مرتين، وقدمت للأهل والمعنيين بالأمر مرتين أيضا، دون أن يلاحظ أحدا ذلك، الدليل الساطع، وهو هذه القماشة البيضاء وعليها بقعة الدماء الحمراء المطلوبة، مع أن هذه الدماء كانت مأخوذة من دم العريس في الحالتين، حيث قام العريس في حالتي الزواج، بجرح لحمه، ومرغ القماشة البيضاء من دمه النازف، وقدمها للأهل ولأصدقاء العيلة ولغيرهم، دلالة على شرفية عروسه، واسكت صياح النساء وغضبهم، بعدما شاهدوا هذه القماشة، وبها بقعة الدم المطلوبة، حسب العادات والتقاليد العربية والشرقية الجارية.
يبقى التنويه الى أسلوب الكاتبة والأديبة زكية خيرهم في سردها للرواية، حيث يتصف أسلوبها بالسرد الدقيق والشيق والممتع، والوصف الدقيق لكل حدث وكل حالة في القصة منذ بدايتها وحتى نهايتها، إضافة لما يحتويه النص الكلمات الرصينة، ومن الصور المجازية والبلاغية العديدة جدا، والتي لا يمكن حصرها، فالمفردات منتقاة بدقة متناهية، والجمل معبرة بدقة أكثر أيضا، كما أرادتها الكاتبة منها أن تكون. من يقرأ الرواية، يشعر بان لدى الكاتبة الكثير من المفردات المتنوعة والمتعددة والمعبرة، والتي لا تنضب بتعابيرها وتنوعها ودقتها ودقة معانيها. تنقلك الكاتبة والأديبة زكية خيرهم مع سفر بطلة القصة (غالية) عبر البر وعبر الصحراء من المغرب، حيث تقيم، الى ليبيا، حيث تود التسجيل في الجامعة، حيث ترغب باستكمال دراستها الجامعية، عبر الصحراء الجزائرية والليبية وصولا الى مدينة طرابلس، تنقلك عبر وصف دقيق ومشوق، لما يمر به المسافر عبر رحلته هذه، وما يلاقيه من أهوال وأحداث عبر الأجواء الصحراوية، والمعروف بحرها وقيظها نهارا، وبردها وعواصفها ليلا، خاصة عندما يكون المسافر شابة، وتتمتع بقدر من الجمال، وتكاد تكون الوحيدة التي يمكنها أن تسافر عبر البر، وعبر الصحراء بدون مرافق من أهلها، وحولها عيون زائغة كثيرة، تود التهامها التهاما.لنقرأ هذا المقطع من قصتها (نهاية سري الخطير):
)سحبت نفسي من تحت جسده، أستغيث بصرختي، متوجهة إلى الحمام، دوار قاتم يحجب عني الرؤية، أفرغ، وكأن أمعائي ستخرج من فمي، حاولت أن أخلع ملابسي وأستحم بالماء البارد، لكنني لم أتمكن من ذلك، جلست بملابسي داخل حوض الحمام، وفتحت صنبور الماء، كان الماء بارد كالثلج، ينزل على جسدي كالصاعقة، أحس برغبة في إيذاء نفسي وتعذيبها، ولم يكن هناك شيء أستعمله، سوى ذلك الماء البارد، مكثت تحت ذلك الماء القارص بملابسي، وجسمي يرتعش كسعف النخيل، طرق سمير الباب وقال: أخرجي من الحمام.
لم أبال لندائه، غالية، سأدخل إلى الحمام الآن، إن لم تخرجي.
كنت جالسة بملابسي، والماء البارد يغطي جسدي، أسرع إلى إقفال الصنبور، ثم حملني من الحوض، وأجلسني على كرسي الحمام، أردّد توسّلاتي، وروحي مذبوحة برغبة السقوط، خائرة القوى، لا تقوى على الحراك، وخوف يلتف من حولي، جلس على ركبتيه، وأمسك بذراعي، وهو يقول لي بصوت أجش وحزين:
لماذا هذا التصرف المتهور؟ لماذا تودين إيذاء نفسك؟
أحضر مناشف، وبدأ يخلع ملابسي بسرعة، وأنا أرتعش من شدة البرد، مد إليّ قميص نومي، ثم غادر الحمام، كنت أسمع صوته من وراء الباب:غالية، اخلعي ملابسك الداخلية، والبسي قميص نومك.
لم أعرف كيف لبست ذلك القميص، الخوف والبرد يبثان في جسدي الرعشة بلا توقف، طرق الباب واستأذن في الدخول، اقترب مني، وضمني إلى صدره، ثم حملني إلى السرير، كنت خائفة منه ومن اقترابه مني، نظرت إليه متوسلة:
بربك لا تعتدي علي، بحق محبتك لأختك، لا تلمسني.(
أما عن الصور التعبيرية والمجازية، فالقاريء يشعر وكأن هذه الكاتبة، لديها عشرات الصور الجاهزة من البومات الصور التعبيرية والمجازية، وكل ما كانت تقوم به هو انتقائها لهذه الصور ولصقها، بشكل لا ينضب ولا يمل، وكأنها تنتقي مفردات و تعابير هذه الصور، من نبع ماء عذب، يفيض عذوبة وصفاء وشهدا، وينهمر وكأنه سيل جارف، لا يتوقف ولا مجال له أن يتوقف، طالما الكاتبة زكية خيرهم ممسكة بقلمها وبأناملها الذهبية، وتخط به مفرداتها وجملها وتعابيرها المنتقاة بعمق وذكاء كبيرين.
لنقرأ هذا المقطع من القصة في موقع آخر:
)قاطعني وقال: الآن يجب أن نتكلم في المهم، ستبدئين العمل في هذا البلد، يجب عليك أن تكوني حذرة جدا، الخروج لوحدك ممنوع، البنات والنساء يتعرضن يوميا للاغتصاب والحرق، إن أردت الخروج أو التنزه، فلا بد أن يكون معك أحد أفراد العائلة المغربية أو أنا، إن أردت شراء بعض الحاجيات، التي قد تحتاجينها من ملابس، فيمكنني أن أرافقك بكل فرح، أحضر النادل العشاء، وضعه على الطاولة وانصرف، هز نبيل رأسه مبتسما وأشار بيده إلي أن آكل، واستمر في النصائح والتحذير، وبعد تناول العشاء، اتجهنا إلى صالون الفندق، لنشرب القهوة العربية، شعر بارتباكي، رفع فنجان القهوة إلى فمه، يرتشفها بصوت مسموع ويتحدث عن العمل في المركز، وعن نفسه وأسفاره إلى الخارج، أما أنا، فشردت بعيدا أنظر إلى تلك الطاولة، التي كنت أجلس حولها مع سمير، متذكرة يوم لجأت إليه، هاربة من طلقات الضياع، نبيل يحدثني، وأنا أعيش لحظة وصولي إلى الفندق، واللقاء بسمير، إلى تواجدي في سريره منهوكة القوى، وإلى وداعه لي، في بيت عبد اللطيف، نزلت دمعتان على خدي، مسحتهما بسرعة، انتبه نبيل لشرودي وقال:
ما بك يا غالية؟ إن كنت لا تحبين المجيء إلى هذا الفندق، فلن نأتي إليه مرة ثانية، كلما جئنا إلى هنا تشردين بعيدا، ويظهر من عينيك حزن العالم كله، خرجت عن صمتي وانتزعت كلمات من شفتين فاترتين: إنه يذكرني بفندق في المغرب، كان أبي يأخذنا إليه في بعض المناسبات، نفس الديكور ونفس التصميم.(
يبقى التأكيد أيضا على سلاسة الرواية وتماسكها وقوة نسيجها وأفكارها ودقة حبكتها ومصداقيتها وواقعيتها، قد يستنتج القاريء أن هذه القصة بكل أبعادها وحوادثها، قد تعبر بالفعل، عن رحلة الكاتبة والأديبة زكية خيرهم عبر سيرتها الذاتية، ومعاناتها من قبل المجتمع وأسرتها حتى حصولها على درجة الماجستير، من إحدى جامعات الولايات المتحدة الأمريكية في نيويورك.
يبقى أيضا، أن الكاتبة، نقلت لنا بروايتها، صورة صادقة عما يدور في المجتمع الأمريكي من صراعات و تناقضات اجتماعية، وأحداث العنف والإرهاب اليومية، أثناء إقامتها في نيويورك، لحصولها على شهادة الماجستير في الأدب الإنجليزي، وكيف أن هذا المجتمع الأمريكي والذي ينعت بالمجتمع الحر، تعني له الحرية بالمطلقة، إجرام وقتل، وعمليات اغتصاب للسيدات، وسطو مسلح، وعري لنساء في الشوارع، وممارسات شاذة من كلا الجنسين، دون رقيب أو حسيب، وعمل متواصل ليل نهار لكسب لقمة العيش، بدون توقف، وسيطرة رأس المال في المجتمع، وتحكمه الكامل فيه، حيث هو المسيطر، وهو المؤثر الوحيد فيه، فمن لا مال له، لا حياة له، وغنى طبقة من المجتمع على حساب طبقة أخرى، والمعاناة والذل التي يعانيها الطالب، من اجل أن يستمر في دراسته وتعلمه شيء مؤلم جدا، وضرورة أن يعمل في أقذر الأعمال، وأن يتحمل كافة المصائب والمصاعب غير المتوقعة، حتى يكسب قوته ويدفع رسوم جامعته، كما توضح الكاتبة في روايتها أن المجتمع الأمريكي وأبنائه يعيلون أنفسهم بأنفسهم، ولا أحد يعتمد على الآخر بالصرف عليه، إذا ما بلغ سن البلوغ، فالعمل واجب على الكل، حتى يتمكن المواطن والمقيم، من كسب قوته اليومي، كما أن المواطن الأمريكي، يهزأ من الشخص الذي يعيش عندهم ولا يعمل، ويتلقى مصروفا من أهله من الخارج. لنقرأ هذا المقطع من روايتها في موقع آخر أيضا:
)عند وصولهما إلى مقر سكنهما في المدينة الجامعية، استوقفها لوتشو وسألها:
هل تنامين عندي في غرفتي أم أنام عندك في غرفتك؟
لا هذا ولا ذاك كل ينام في غرفته، لأنني لا أرتاح إلا وحدي في غرفتي.
هل تخافين مني ؟... هل سآكلك؟ ... لم يعد في المدينة ديناصورات!
لا أخاف منك... لكن ديننا يحرم علينا ذلك.
لا تكملي، تعيشين في تقاليدكم أم في نيويورك؟.
لا، أعيش في نيويورك، ولكن تلبسني تقاليدنا.
آسف، سؤال أخير:هل يمكن في تقاليدكم، أن تتزوج الفتاة المسلمة، من شخص مسيحي مثلي مثلا؟؟.
لا، المسلمة لا تستطيع حسب تقاليدنا، وغير مسموح لها الزواج من مسيحي، ولكن الرجل المسلم، مسموح له الزواج من امرأة مسيحية.
لماذا هذه التفرقة، دينكم عنصري، دين رجالي.
لا، لوتشو، ديننا ليس عنصريا، فهو لكل المؤمنين والمؤمنات من كل الألوان، وهو للذكور والإناث، ولكن في هذه النقطة، ترى تقاليدنا، أن المرأة في الغالب تابعة لزوجها، فإن تزوجت المرأة المسلمة من رجل مسيحي، يظل واردا إجبارها وإكراهها على ترك دينها الإسلامي، والالتحاق بدين زوجها المسيحي، وهذا عندنا ارتداد عن الدين، يفسر البعض عقوبته بالموت، أما إن تزوج الرجل المسلم من امرأة مسيحية، فهو لا يجوز له أن يجبرها على ترك دينها مسيحيا كان أم يهوديا، والالتحاق بالإسلام: إن آمنت واعتنقت الإسلام طوعا، فهذا مكسب للإسلام، وأذكر أن رسولنا محمد صلى الله عليه وسلم، من ضمن زوجاته واحدة مسيحية وثانية يهودية. هذا موضوع طويل يا لوتشو، نتحدث فيه غدا. متعبة ... سأذهب لأنام، عندي في غرفتي ؟؟؟؟؟
لوتشو، بعد كل هذه المحاضرة، وتسأل:عندي في غرفتي؟؟؟؟ لا وحدي في غرفتي مع السلامة، تصبح على خير.(
الكاتب والباحث/احمد محمود القاسم
ِ[email protected]
الكاتب والباحث/احمد محمود القاسم
ِ[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.