ارتبطت أوصاف نمطية بصورة المرأة المغربية في الإعلام والدراما العربية المشرقية، كالعهر والسحر وخطف الرجال الخليجيين... وتكررت هذه الصور في الكثير من الأعمال الفنية، حتى باتت تثير حفيظة المغاربة على المستوى الشعبي والرسمي، مادامت تمس سمعة وكرامة المرأة المغربية. وإذا كان السجال بين المرأة المغربية والخليجية قد بلغ ذروته إثر تزايد الأعمال الدرامية؛ التي تتضمن صورا نمطية عن المرأة المغربية فتم تأسيس جمعية "مغربية وأفتخر". وكذا بعد نشر الناشطة الاجتماعية الكويتية "سلوى المطيري" لفيديو وصفت فيه المرأة المغربية ب"المستنقع الوسخ". والأكيد أن جزء من هذا السجال الدائر بين الخليجيات والمغربيات، وكذا ذاك ما يرد من مشاهد في الإعلام والدراما العربية المشرقية، إنما هو يعكس جزء مما يسمى بصدمة "الحضارة"، التي تتجلى مكوناتها الأساسية في الإحساس بالغربة والخوف على الهوية وعلى الزوج الخليجي من نساء أخريات يشاع أن لهم جاذبية خارقة للرجال. وأمام هذا الإحساس، فإن الدراما المشرقية صارت تعكس هواجس المرأة الخليجية في تلك الصور النمطية عن المرأة المغربية المتهمة بالسحر والشعوذة والدعارة وخطف الرجال الخليجيين، إلا أن إشاعة هذه الصور من شأنه تزييف الحقيقة عن شعب مغربي شقيق، ويخلق ثقافة تمييزية بين المشرق والمغرب لم تنته، حينما لم يستطع استيعاب الواقع الجديد الذي خلقته وسائل الاتصال الحديثة، بعد سنين طويلة من نمطية الثقافة الشفهية. إن إشاعة مثيل هذه الصور المسيئة للمرأة المغربية ولو من زاوية الفن، من شأنه أن يؤثر على جودة العلاقات الدبلوماسية والسياسية المتينة بين المغرب ودول الخليج، حيث سبق للمغرب أن احتج على دولة الكويت بسبب مسلسل كارتوني، ودعا بالأخيرة إلى تقديم اعتذار رسمي للمغاربة. إلا أن الصورة النمطية للمرأة المغربية في الإعلام والدراما المشرقية لازلت تشكل مصدر قلق للساسة المغاربة، حتى أنه صار موضوع مناقشة داخل قبة البرلمان. ولذلك غذت صورة المرأة المغربية في نظر نظيرتها الخليجية مادة صحفية دسمة تناولتها الصحافة المغربية باستمرار، وكانت هذه المتابعات كفيلة بتوجيه الرأي العام المغربي، الذي بادر عبر جمعيات المجتمع المدني إلى مطالبة الحكومة المغربية للتدخل بحزم، وإيجاد ترسانة قانونية تحمي صورة المرأة المغربية. إن يكن السجال في هذا الصدد قد بلغ ذروته، بعدما بات شغلا شاغلا للمؤسسات المجتمعية، فإنه لا يتوقع أن يؤثر ذلك على جودة العلاقات المغربية الخليجية دبلوماسيا وسياسيا واقتصاديا، إلا أن استمرار هذا السجال وتبادل الاتهامات دون إعادة تمثل العلاقات المتبادلة بين المجتمعات على الأقل في الوقت الراهن، من شأنه أن يقوض في المستقبل العلاقات المتينة فيما بين الطرفين، مادام ذلك الجدل يتم على جزء أساسي من المجتمعات. إن عدم تَكَيُّف المرأة الخليجية مع تطور بنية المرأة المغربية اجتماعيا في سلم القيم الحضارية في مجتمع مغربي يفرض عليه قربه الجغرافي من أوربا تطور بنياتها باستمرار، سيرخي بضلاله على رؤية المرأة الخليجية، التي تحس في طبع المرأة المغربية النقيض والدخيل على هويتها. لكنه انفتاح يجعله المرأة المغربية تلقى قبول الرجل المشرقي، مما جعل المرأة الخليجية تتصورها ساحرة وعاهرة وخاطفة الرجال. وما ذلك إلا محاولة إيجاد شماعة تعلق عليها صعوبة انعتاقها من القيم المحافظة وتأقلمها مع القيم الحضارية الجديدة. لنا مثال في اعتراض عدد من النساء الخليجيات على دعوة المغرب للانضمام إلى مجلس التعاون الخليجي متأثرات بالصورة النمطية للمرأة المغربية، بعيدا عن أي أسباب أخرى. ولعل ذلك ما جعل بعض الدول تتراجع عن تأييدها لفكرة انضمام المغرب، بل إن دولة الأردن شددت من إجراءات وشروط دخول المغربيات إلى ترابها. إن النظرة المشرقية الانتوية للمرأة المغربية ما هو إلا تمايز اجتماعي من نفس النوع البشري راجع إلى تفوق المغربيات و قدرتهم على التأقلم زمكانيا الشيء الذي يفسر تواجد المغاربة في جميع بقاع العالم ،ناهيك عن السمعة الحسنة التي يتحلى بها المغاربة في بلدان المهجر، والشأو الرفيع الذي بلغته المرأة المغربية يمكن قياسه على أرض الواقع إذ يعتبر تموقع مغربيات كوزيرات في الحكومات الأوربية، وآخرهم المغربية نجاة بلقاسم الناطقة باسم حكومة فرونسو هولوند الجديدة.