لطالما شعرت بالامتعاض كلما رأيت مقالا أو خبرا أو حتى فيديو في اليوتيوب يتهم المغربيات بالانحلال الخلقي والدعارة وبيع لحمهن في علب الخليج الليلية وفي قصور أمرائه، لأني أعلم علم اليقين أن بنات بلدي ونسائه لسن في هذه الصورة البذيئة. لست أنكر أن هناك بنات ونساء مغربيات لا يعلمن أن الحرة تموت ولا تأكل من ثدييها وأنهن فضلن سبيل الكسب السريع عبر إقراض براءتهن وعفافهن مقابل دنانير أو دراهم، قلت أو كثرت فهي ناضبة لا محالة وتبقى تقاسيم "العهر" تشوه ما تبقى من ملامح حياتهن. لكن، هؤلاء النوعية من النساء والبنات يوجد مثلهن في المغرب كما يوجد في كل دول العالم ومنها دول الخليج نفسها وعلى رأسها المملكة العربية السعودية بنظامها ذو الغطاء الديني المتشدد المسلط على مجتمع يعيش في خطايا تلفها السواتر. لا اكاد أفسر هذه الحملة الشعواء ضد سمعة المغربيات وخاصة على مستوى النت ومنتديات الدردشة وشبكات التواصل العنكبوتية، وخاصة من طرف المرأة الخليجية سوى بكون هذه الاخيرة ترى في المراة المغربية تهديدا حقيقيا ومنافسة لا تكافؤ فرص فيها، ما دامت الغلبة أكيد، لجمال المغربية وسحر المغربية وحنان المغربية وقدرتها الفائقة على استمالة قلب رجلها والاهتمام ببيتها وأطفالها. وحينما أتحدث عن الجمال والسحر والحنان فانا أتحدث في إطار الشرعية، لأن الذي لا تحب المرأة الخليجية سماعه هو أن النسبة الكبيرة من المغربيات بشبه الجزيرة وباقي الدول العربية متزوجات بخليجيين وعرب، وزوجات مثاليات مما يجعل الرجال الخليجيين والعرب يؤكدون أنه "من لم يتزوج بمغربية فهو لم يتزوج بعد". في كواليس مؤتمر حضرته مؤخرا في إسطنبول، بدأت العد على أصابعي وأحدهم يتحدث عن عدد السفراء العرب بكل من تركيا ودول أخرى المتزوجين من مغربيات، غير أني كففت عن العد لان الأمر استغرق أصابع كلتا يداي والرجل في أول حديثه. وهنا أتذكر الرسالة التي وجهتها الكاتبة والناشطة السعودية المثيرة للجدل وجيهة الحويدر لمحمد الطيب الناصري رحمه الله حينما كان وزيرا للعدل تطالبه فيها بعدم السماح للسعوديين بالزواج من مغربيات وتستعطفه من أجل "رفع الظلم عن السعوديات عبر وضع قانون رادع للنساء المغربيات اللواتي لا يترددن في التعدد على حساب مشاعر نساء أخريات في بلدان أخرى، ولكي يكون القانون سببا يمنع الرجال السعوديين وغيرهم من البحث عن زوجات أخريات في المغرب..."، وقد أضافت وجيهة الحويدر في ذات الرسالة وهي تتحدث بلسان حال امراة سعودية زفت إليها ضرة مغربية "اسمي ليس مهما لأني أمثل كثيرات من النساء السعوديات المنتشرات في شتى أنحاء المملكة العربية السعودية، اللواتي تسبب النساء المغربيات اللامباليات في قهرهن، وهدم بيوتهن، وكسر قلوبهن، فهمي وهم كثيرات من الزوجات المتضررات من الضرّات المغربيات واحد، ليس في السعودية فقط، بل في معظم دول الخليج.." وددت لو أن هذه الكاتبة السعودية أو تلك الشمطاء التي تسمي نفسها سلوى المطيري أو غيرهن من نسوة الخليج اللواتي يلكن سمعة المغربيات صباح مساء على مدى فضاءات النت المتعددة، وقفن مع ذواتهن للحظة وتساءلن لماذا يفر ازواجهن منهن لأحضان الزوجة المغربية؟ سيقلن إنه "السحر" وسأقول لهن "يا لذكائكن!!" إنه السحر حقا، لكن، ليس السحر بمفهومه الطلاسمي الخزعبلاتي كما تدعين، بل إنه السحر بمفهوم المرأة المغربية والتي تعرف جيدا من أين يؤكل قلب رجلها، طيبة وحنانا وحبا ودلالا، والتي تهب وقتها وحبها لبيتها واطفالها وزوجها وتتفنن في رعايتهم والاهتمام بكل صغيرة وكبيرة في مملكتها الصغيرة. قد يكون من الأفيد لهؤلاء الناقمات على المرأة المغربية أن يلجن مدرسة السحر هذه ويتعلمن بعضا منه بدل تضييع وقتهن في "ديوانيات" النميمة وتبذير أموالهن على عمليات الشفط والشد وتكبير الشفاه استجداء لجمال مستعار زائل. يتعلمن كيف يتحببن لأزواجهن عبر دروس حسن التبعل على الطريقة المغربية، يتعلمن كيف يطبخن بأيديهن أكلا طيبا لأسرهن بدل الاعتماد على الطباخ الهندي أو البنغالي، يتعلمن كيف يعتنين باطفالهن معنى ومبنى بدل رميهم للخادمة السريلانكية تعبث بثقافتهم، ولا بأس أن نقرضهم قليلا من "الملح والسر" المغربي بدل أطنان المساحيق التي يضعونها. يقول المثل المغربي "اللي هرب للزواج هرب للطاعة" لذا لا يحق لي أن أقول للمغربيات لا تتزوجن من أجانب، ما دامت هناك زيجات ناجحة ومادام هناك خليجيون وعربا ذوو أخلاق ومروءة ويحسنون عشرة بنات بلدي. ومرحبا بصهرنا الجديد الشيخ يوسف القرضاوي.