لست أدري هل شرع صاحبنا البلجيكي إيريك غريتس في جمع حقائبه قبل موقعة يوم غد السبت تاسع يونيو الجاري الحاسمة ضد منتخب الفيلة الإفواريين التي ستسقط فيها لا محالة آخر أوراق التوت عنه وعن الذين أتوا به من بعيد ، وفرضوه على المغاربة ضدا على إرادة تسعة وتسعين في المائة منهم ، وحملوه على أكتافهم فوق عمارية فاسية وقدموه لنا في ليلة زفاف غير شرعي وحفل قران متعة وزواج مسيار ، على أنه مدرب بمواصفات عالمية وأنه الرجل المناسب في الوقت المناسب والمكان المناسب القادر وحده على الرفع من شأن كرة القدم المغربية ورد الاعتبار لها قاريا ودوليا . لكنه مع الأسف ، وعلى عكس تلك التوقعات الخاطئة لأولياء نعمته المتكرمين عليه بسخاء قل نظيره من أموال الشعب المغربي ، نزل بها إلى الحضيض ومرغ أنفها وسمعتها في أوحال المتاهات الأفريقية وأدغالها . لست أدري هل جمع حقائبه وأعد لنفسه سيناريوهات ما بعد الكارثة ، أم أنه لا زال يحلم ويمني نفسه بتحقيق ولو فوز صغير على منتخب ساحل العاج ، ولا يزال متمسكا بآخر خيط من الأمل لإنقاذ رقبته وسمعته ومشاريعه وماء وجهه أمام الذين راهنوا عليه وأصروا على مجيئه للمغرب مقابل ما يشاء من الأموال حتى يرضى ومن الامتيازات ما يشترط حتى قال كفى لا كثر الله من أمثالكم فقد أغرقتموني بالهدايا والعطايا وأسأتم إلي أكثر مما كنت أتوقع . طبعا أنا لا أتحامل هنا على هذا المدرب الأجنبي فقط لأنه أجنبي ، ولكن السيد ما دار والو ولم يقدم شيئا للكرة المغربية كما كان مرجوا منه ومتعاقدا عليه معه ، إذن فليرحل عنا وليغادر سفينة هذا المنتخب مباشرة بعد مباراة السبت أمام الكوت ديفوار كيفما كانت نتيجتها والأجواء التي جرت فيها عن طيب خاطر غير مطرود . كما أنني لا أنتقص من كفاءته وقدراته ونجاحاته الباهرة كمدرب صالح لتدبير شؤون فريق محلي كما فعل مع نادي الهلال السعودي وأندية أوروبية أخرى ، لكنه في تقديري غير صالح وغير مؤهل لقيادة منتخب قومي لأنه لا يملك تجربة في هذا المجال ولا سجلا مشرقا على هذا الصعيد . هكذا تبدو لي الأمور ولدي إحساس كذلك بأن هناك نحس ما يتبع هذا المدرب البلجيكي ولعنة ما تطارده على أرض المغرب . وإلا فما معنى أن يغيب عن صفوف منتخبنا الوطني في هذه المباراة الحاسمة بالذات وفي هذا الظرف العصيب بداعي الإصابة أربعة من أبرز لاعبيه المحترفين الذين كنا نعول عليهم كثيرا في هذه التصفيات المؤهلة لكأس العالم بالبرازيل سنة 2014 ؟ إنها العدالة الإلهية فيما أعتقد تتصرف على أرض هذا الوطن الذي استنكر كل ما عليه من بشر وشجر وحجر ومن دابة تمشي على أربع ومن طائر يطير بجناحيه أن يتقاضى مدرب أجنبي لكرة القدم من أموال الشعب المغربي ، مهما كانت مصادرها ومهما كانت المبررات ، راتبا شهريا ضخما لا تستوعبه العقول ولا يتحمله كاهل ميزانية هذا البلد المثقلة بالإكراهات ، في ظل وجود أعداد هائلة لا تحصى من الخريجين العاطلين عن العمل المعتصمين في طوابير طويلة بكل ألوان الطيف على طول خارطة الوطن وعرضها ، وملايين الأسر المعوزة ومئات الآلاف من الدواوير والمداشر المنكوبة والمحرومة من أهم الخدمات الأساسية والمرافق الحيوية كالماء والكهرباء والمراكز الاستشفائية وغيرها .. إنني أحذر من الإفراط في الثقة في منتخبنا الوطني في هذا الوضع الذي يوجد عليه اليوم ، ومن التفاؤل كثيرا بنتيجة مباراته الحاسمة غدا أمام الكوت ديفوار حتى لا نصاب بالصدمة والانهيارات العصبية في نهاية المطاف . علينا أن نتوقع الأسوأ من هذه المباراة ، لأن كل المؤشرات والمعطيات على الأرض تدل على أن المنتخب الإيفواري أقوى منا بكثير ، وأن فريقنا الوطني ليس في أفضل حاله على الإطلاق . فالمدرب الكبير ذو المواصفات العالمية لا يزال يجرب فينا حماقاته وخططه الفاشلة ، وفي كل مرة ننهزم فيها أو ننجو فيها من خسارة بأعجوبة كما وقع لنا مع مقابلة غامبيا ، يقول لنا هذا الساحر اسمحوا لي الخطة ما صدقاتش ، اصبروا علي شوية وسترون ما أنا قادر على صنعه من معجزات . علينا أن نتوقع الأسوأ من هذه المباراة لأن مسيو غريتس لم يستقر بعد ولحد الآن ، ونحن على بعد ساعات قليلة من مباراة الحسم في كل شيء ، على تشكيلة مثالية ولا يزال مرتبكا ومتخبطا بين هذا اللاعب أو ذاك في أهم المواقع الدفاعية والهجومية لفريقه على رقعة الميدان ، وهو الذي سيواجه منتخبا قويا صلبا متماسكا يلعب عناصره إلى جانب بعضهم البعض منذ عدة سنوات ، في تناغم تام وانسجام وترابط بين خطوطه الثلاثة بقيادة العميد العملاق ديديي دروغبا المنتشي حديثا بتحقيقه لأغلى لقب أوروبي في مشواره الرياضي مع أفضل وأغنى وأقوى نادي في القارة العجوز تشيلسي الإنجليزي قبل بضعة أسابيع . علينا أن نتوقع الأسوأ ، وإذا ما يسر لنا الله سبحانه فوزا ما ولو عن طريق خطأ لمدافع من الفريق الخصم ضد مرماه أو هفوة حكم فذلك ما نريد ، وسيكون فضلا من الله علينا ونعمة ولطفا بنا وبهذا الشعب المغلوب على أمره ، وفرصة ذهبية للمسؤولين القائمين على شأن الرياضة ببلادنا لإصلاح ما يمكن إصلاحه وتدارك الموقف قبل فوات الأوان . وإنني هنا في هذا المقام أناشد باسم كل الشباب وكل الشعب المغربي السيد وزير الشباب والرياضة سي محمد أوزين كي يتدخل بكل ما يملك من قوة ومن صلاحيات ومن جرأة وغيرة على القميص الوطني وراية البلد ، من أجل وضع حد لهذه المهزلة ورد الأمور إلى نصابها . وأقول له بكل احترام نحن معك فيما تخطط له ، فإلى الأمام حتى وإن اقتضى الحال حل هذه الجامعة التي فشلت في مهامها وعلى رأسها تدبير شؤون منتخبنا الوطني . وإننا على استعداد لتقبل أي عقوبة كيفما كانت من الفيفا والتعامل معها بما يلزم من احتجاجات وردود فعل غاضبة . لأن الأموال الطائلة التي ندفعها غباء هباء لإيريك غريتس لا يدفعها جوزيف بلاتر ولا أي واحد من مافيا الاتحاد الدولي لكرة القدم بالنيابة عنا . نحن الذين ندفع من دماء شعبنا ومن لقمة عيشه اليومي وعلى حساب انتظاراته ومآسيه لهذا المدرب البلجيكي ، ويجب أن نكون أسيادا وأحرارا في اتخاذ قراراتنا التي نراها ضرورية ومناسبة لتجاوز المحن والمعضلات التي تهدد سلمنا الاجتماعي واستقرار البلد . وإذا ما استنجد علي الفاسي الفهري ومكتبه الجامعي بالفيفا في مواجهة أي قرار واقعي ومنطقي سيتخذه وزيرنا في الشباب والرياضة الذي يمثل هيبة الدولة وحكومة منتخبة شعبيا على أوسع نطاق ، فسنعتبر ذلك خيانة عظمى للوطن وسباحة حرة ضد مصالحه العليا . بل سنعتبر ذلك لجوءا جبانا إلى المستعمر من جديد وتسهيلا لمأمورية استمراره في نهب خيراتنا واستنزاف مقدرات بلدنا وشعبنا ، كما فعل الخونة والإقطاعيون الحريصون على نفوذهم ومصالحهم الشخصية ذات مرحلة مظلمة من تاريخ هذا الوطن . نحن معك أيها الوزير الشاب فامض على بركة الله في قراراتك الشجاعة وفي سياستك القريبة من نبض الشارع المغربي ومن هموم المواطنين ، وفي برنامجك الإصلاحي الذي لاحت تباشيره في الأفق ، والذي أعطيت من خطوطه العريضة بعض الإشارات القوية قبل أيام ، بأنك لن تسمح بمواصلة هذا العبث بمشاعر ملايين المغاربة ، ولن تسمح بترك هذا النزيف المالي هكذا يتدفق في حساب إيريك غيريتس بلا حسيب ولا رقيب . [email protected]