تتحدث وسائل الإعلام عن تنظيم تكريم بالرباط لروح الفقيد أحمد بن بلة يوم 6 يوليوز القادم بحضور شخصيات مغربية و جزائرية. إلى أي أحمد بن بلة يتوجه هذا التأبين؟ هل لأول رئيس للجزائر المستقلة الذي سارع غداة تنصيبه إلى التنصل من المعاهدة الموقعة بين المغرب والحكومة المؤقتة الجزائرية حيث تعهدت هذه الأخيرة أن تعيد للمغرب أراضيه التي كانت فرنسا قد اقتطعتها منه ؟ أم إلى أحمد بن بلة المغربي الأب والأم الذي فجر سنة 1963 حرب الرمال بمهاجمة المواقع المغربية التي لا جدال فيها ؟ أم إلى أحمد بن بلة المسؤول عن هزيمة الجزائر أمام المغرب وما تبعها من حقد لدى العسكر الجزائريين؟ إذا كان هذا هو الذي سيتم تكريمه فلا بأس من التذكير ببعض الحقائق لمن لديهم ذاكرة قصيرة. هذا الرجل هو الذي تسبب في وفاة مواطنين مغاربة خلال حرب الرمال تاركين أرامل ويتامى. إن الهزيمة العسكرية الجزائرية، ثم الخيارات الإيديولوجية المتعارضة للبلدين آنذاك، من أهم الأسباب التي دفعت خلفه الهواري بومدين الذي انقلب عليه وأخذ مكانه، هو ونظرائه العسكريين، أن يفرض على المغرب حربا استنزافية بواسطة البوليساريو، منذ استعادة المغرب للصحراء من السيطرة الإسبانية، ولا زالت هذه الحرب الغريبة المقنعة تعرقل التنمية الاقتصادية في المغرب إلى اليوم. في عام 1975، فرض النظام العسكري الجزائري مأساة كبرى على مئات الآلاف من المغاربة المقيمين في الجزائر عندما طردهم بعد أن جردهم من ممتلكاتهم، علما أن عددا هاما جداً منهم لم يكن يعرف بلده الأصلي. هناك نتيجة أخرى غير مباشرة لهزيمة الجيش الجزائري وهي إغلاق الحدود البرية المغربية-الجزائرية في أوقات مختلفة وحتى اليوم. هذا الإغلاق منذ استقلال الجزائر جعل فترات فتح هذه الحدود تصبح استثناء بدل أن يكون القاعدة، والنتيجة أن آلاف العائلات من الطرفين تعيش مفصولة عن بعضها. إنها كارثة إنسانية تستدعي حلولاً إنسانية. إذا تم تنظيم هذا التكريم فسيكون تكريما لا حاجة إليه لأن المغرب الرسمي قد برهن على قصر ذاكرته على الرغم من الطريقة التي استقبِل بها الوفد المغربي الرسمي أثناء جنازة أحمد بن بلة. أما ذاكرة الشعوب فلا ينتابها النسيان لأن الوقائع المذكورة أعلاه محفورة بحروف من الدماء والدموع. والأكثر من ذلك هي ذاكرة الظلم والمعاناة التي سوف يحملها جيل إلى الجيل الموالي إلى أن تحدث مصالحة حقيقية و مسؤولة بين البلدين. *[email protected]