سألت هسبريس أخصائيين وباحثين في الحركات الإسلامية بالمغرب عن الدواعي الثاوية وراء "رفض" الشيخ عبد السلام ياسين، المرشد والزعيم الروحي لجماعة العدل والإحسان، أقوى التنظيمات الإسلامية في البلاد، للتعاطي منذ سنوات طويلة مع الصحافة والإعلام المغربي سواء من خلال الإدلاء بتصريحات أو حوارات صحفية يدلي من خلالها بآرائه ومواقفه في العديد من القضايا. وقال الدكتور عبد العالي مجدوب، الباحث المهتم بالشأن الديني في المغرب، إن الحديث إلى الصحافة والرد على أسئلة الصحافيين إنما هي مسؤولية الممارس في الميدان، الخائضِ في مخاضات السياسة، والمدبّر لشؤون التنظيم، والمشاركِ في بلورة المواقف واتخاذ القرارات. وأوضح مجدوب في تصريحات لهسبريس بأن هذا هو الأصل، وإلا فماذا يمكن أن يستفيده الصحافي من رجل مربّ وموجّه في أمور تخص تفصيلات المواقف والتدبيرات والاختيارات وسائر السياسات، التي هي بيد مجالس قيادية بالجماعة، يحكمها قانون ويضبطها نظامٌ. وأردف الباحث بأن الأستاذ عبد السلام ياسين هو مرشد الجماعة فيما يخص شأنها التربوي أولا وأساسا، ثم هو المرشد المنظّر المؤسس فيما يخص كليّات منهاجها السياسي، أما الممارسة التدبيرية التدافعية الميدانية، فليست من مهامه، ومن ثم فإن لقاءه بالصحافة في هذا الشأن لن يكون مفيدا. واستطرد مجدوب قائلا: " أما إن كانت الصحافة تطلب اللقاءَ بالرجل من باب الفضول وتسجيل سبْقٍ ما، والوقوفِ على أحواله المعيشية والصحية، فإن الرجل، فيما أعلم، زاهد في هذا، غيرُ حريص عليه وإن كان وراءه نفع إعلامي للجماعة". واستدرك الباحث بأنه سبق أن كان للمرشد لقاءاتٌ مع الصحافة، لكنها، كمّيا، تعدّ على رؤوس الأصابع، ومضمونا كانت بعيدة عن تفصيلات التدبير التنظيمي، ومثالُها الجلساتُ التي سجلها مع قناة "الحوار" في برنامج "مراجعات" سنة 2008. ثم، إن لقيادة الجماعة، دائما، سلطةُ تقدير الظروف المناسبة لتنظيم لقاء لمرشدها مع الصحافة، كما حدث في شهر ماي من سنة 2000 غداة رفع الحصار البوليسي الذي كان مفروضا على الأستاذ ياسين لأكثر من عشر سنوات. وبخصوص من يرى أن الجماعة حريصة على الحفاظ على كاريزما شيخها ياسين، لهذا تمنع إحراجه ربما بأسئلة الصحفيين، أجاب مجدوب بأنه ليس في الأمر حرص على "كاريزما"، فالرجلُ وأصحابُه أكبر من أن يفكروا بمثل هذه الطريقة، وإنما الأمر متعلق في أساسه بتدبير سياسي مسؤول يتوخى من اللقاءات التواصلية مع الصحافيين والإعلاميين المنفعة والفائدةَ والمصلحة الراجحة للجماعة"، وفق تعبير مجدوب.