لكحل: "الجماعة" حريصة على كاريزمية الشيخ ياسين بعد بوار مُبشراتها سألت هسبريس أخصائيين وباحثين في الحركات الإسلامية بالمغرب عن الدواعي الثاوية وراء "رفض" الشيخ عبد السلام ياسين، المرشد والزعيم الروحي لجماعة العدل والإحسان، أقوى التنظيمات الإسلامية في البلاد، للتعاطي منذ سنوات طويلة مع الصحافة والإعلام المغربي سواء من خلال الإدلاء بتصريحات أو حوارات صحفية يدلي من خلالها بآرائه ومواقفه في العديد من القضايا. واعتبر قيادي في جماعة العدل والإحسان، في تصريح مقتضب لهسبريس، أن عدم تعاطي الشيخ عبد السلام ياسين مع الصحافة ليس مرده موقفا سلبيا منها، بقدر ما هو اختيار شخصي من مرشد الجماعة ومؤسسها الذي كان آخر حوار صحفي أجري معه منذ أربع سنوات تحديدا في صيف 2008 ، وذلك في برنامج "مراجعات" الذي قدمته حينها قناة "الحوار" التي تُبث من لندن. خيبات الجماعة واتصلت هسبريس بالباحث المتخصص في الجماعات الإسلامية سعيد لكحل الذي قال إن الأمر يتعلق بتكتيك جديد تنهجه قيادة الجماعة، أملته الظروف السياسية التي يعيشها المغرب خاصة بعد وصول حزب العدالة والتنمية إلى الحكومة، باعتبار أن الجماعة كانت دوما تراهن على استفحال الأزمة السياسية والاجتماعية لتفجير ثورة شعبية تتحول إلى عصيان مدني ينتهي بإسقاط النظام. وأضاف لكحل: حين أُعلن عن تشكيل حركة 20 فبراير كحركة شبابية، اعتبرتها الجماعة فرصة وهدية من السماء، فانخرطت فيها بكل قوة وحاولت اختراقها والتأثير على توجهاتها، ومن ثم تحويلها إلى حركة شعبية ترفع شعار "ارحل"، لكن هذا لم يتحقق، فأصيبت الجماعة بنكسة وخيبة أمل. وأكمل لكحل تحليله بالقول إن الجماعة كانت تتطلع إلى أن تتحول حركة 20 فبراير إلى مد شعبي يحقق رؤيا الشيخ ياسين سنة 2006 بحدوث حدث عظيم يتمثل في انهيار النظام الملكي، مشيرا إلى أن الجماعة خرجت إذن من حركة 20 فبراير، وحاولت استغلال الاحتجاجات التي ينظمها المعطلون والجمعيات المدنية، لكنها فشلت وانكشف أمرها خصوصا لما هددها بنكيران بقوله إن من يلعب بالنار ستحرقه. وأبرز المتحدث بأنه لم يعد لقيادة الجماعة ما تقدمه من جديد على الساحة السياسية والاجتماعية، وكل محاولة منها ستلقى الرد العنيف من طرف حليف الأمس؛ حزب العدالة والتنمية؛ ورئيس الحكومة بنكيران سيفهم الحزب أن الجماعة تستهدفه ولا تستهدف النظام، لأن النظام فتح مجال التنافس على تدبير الشأن العام أمام الفرقاء السياسيين، ولم يعد يحتكره، وإذا أرادت الجماعة أن تضيف شيئا أو تساهم به فلتدخل معترك السياسة من بابها الشرعي والقانوني. بوار الرهانات السياسية ولفت لكحل أيضا، في سياق تحليله لمسألة "نفور" الشيخ ياسين من التعاطي مع صحافة وإعلام بلده، إلى أنه ينبغي استحضار انخراط التيار السلفي في العملية السياسية وقبوله بالمشاركة في الانتخابات والتنافس على إدارة الشأن العام؛ الأمر الذي أفقد الدعوات إلى المقاطعة بريقها وجزء من مصداقيتها. وأمام هذه المتغيرات، يردف لكحل، باتت قيادة الجماعة أكثر حرصا على كاريزمية شيخها الذي يمثل رأسمالها الذي تبقى لها بعدما خسرت رهاناتها السياسية، إذ لا يمكن للشيخ الذي يحظى بالتقديس والتبجيل بين أتباع الجماعة أن يتصرف كزعيم حزب سياسي تحرجه الصحافة بالأسئلة، وتتطاول على قدسيته التي هي لحمة الجماعة وسداها. وخلص لكحل إلى كون الربيع العربي أنهى مُبشرات الجماعة، وكشف عن بوارها وكورها، وأن الجماعة تكتفي بالمناوشات السياسية عبر الدائرة السياسية التي هي بمثابة حزب سياسي، مضيفا أن المشيخة والربانية التي يحتكرهما الشيخ ياسين لا يمكن المجازفة بهما في وضع سياسي لا يخدم أهداف الجماعة، بل يزيد من تقزيمها"، وفق تحليل الباحث المغربي.