كثيرة هي المتمنيات التي عاش عليها الشعب المغربي كثيرة هي الوعود التي قطعها المخزن على نفسه، ولكن للأسف لا هي المتمنيات تحققت ولا هي الوعود صونت، لا شيء تغير لا شيء تحرك من مكانه مازالت الأصنام مقدسة. ما زال الشعب المسكين يعاني يقاسي و يستحمر، حاله كحال اللاعب الاحتياطي في كرة القدم، حين يأمره مدربه بالنهوض للإحماء معتقدا أن الله حن عليه من صقيع مقاعد البدلاء وأنه سيشارك أخيرا زملائه اللعبة، فإذا به يجد نفسه مقحما في التواني الأخيرة للمقابلة لا لشيء إلا لإضاعة الوقت والحفاظ على النتيجة. الدارون بدهاليز السياسة والمخزن سواء في داخل المغرب أو خارجه كانوا على علم بقرب حدوت العديد من التجاوزات الجسيمة لما جاء في الدستور، لأن الدساتير والحكومات الممنوحة حالها كحال ‘' الكوستيمات ‘' التي تباع أمام قبة البرلمان، صحيح هي تكسي اللحم وتستر العورات و لكنها لا تدوم كمثيلاتها الفاخرة المعدة على المقاس التي تجذب العين و تدوم لأصحابها يلبسونها لسنين طوال دون أن ينقص سواء جمالها أو جودتها. في بلادنا السعيدة مع اقتراب الصيف ليس من العجب أن نرى المغرب يشجع الفن وينضم المهرجانات الواحدة تلوى الأخرى يعتقل في نفس الوقت أول مغني يخرج عن خط الداخلية المرسوم، و ليس عجيبا أن نرى المناضل والمحتج يعتقل بل يختطف بدون حق في خرق تام للدستور الذي منحوه لنا. ولا عجب أن نرى و نرى و نرى ... كل هاته المتناقضات . ولكن عجب العجاب هو أن نرى رئيس حكومة منتخبة ديمقراطيا يتملص من قضية ال'' 5000 إطار'' المعطلين الموقعين على محضر 20 يوليوز 2011 ضاربا بذلك كل أسس الرجولية السياسية ... فبعد 14 شهرا من الانتظار في الوعود الحكومية في عهد عباس الفاسي بالتوظيف المباشر وإثر صدور المرسوم الوزاري الاستثنائي المتعلق بالتوظيف المباشر في السلم 11 الصادر في شهر مارس 2011 والذي نشر في الجريدة الرسمية عدد 5933 وبوجود محضر صادر عن الوزارة الأولى آنذاك يقضي بتوظيفهم دون مباراة بعد المصادقة على ميزانية 2012 الآن يخرج لنا عبد الإله وكأنه يقول لنا "تقلبات الآية" ! قد نختلف أو نتفق حول مسألة التوظيف المباشر، لكن ما يؤلم الإنسان بشدة في الموضوع ويطعن في مصداقية حكومة أبناء الحركة الإسلامية التي لا أتمنى لها لا التوفيق و لا النجاح إن شاء الله هو " لماذا السيد بنكيران واعدهم بالالتزام بالمحضر وقال مرارا في الصحافة: "الالتزام بالمحضر ليس بالمشكل بالنسبة لي "؟ زد على ذلك تصريحات وزراء في الحكومة مثل السيد نجيب بوليف ومصطفى الخلفي وغيرهما التي تصب كلها نحو الالتزام بتفعيل المحضر، و لماذا السيد بنكيران التزم الصمت طيلة مدة 4 أشهر؟ و في الأخير ظهر بخطاب مغاير فجائي وتعمد عدم الخوض في الموضوع حتى اقترب توقيت المصادقة على قانون المالية بيومين فقط حينها تنكر للمحضر بالمرة وهو يعلم أن تفعيل المحضر مرهون بالمصادقة على قانون المالية مباشرة. ما ذنب هؤلاء الشباب ؟ ما ذنب هؤلاء المنحورة أرواحهم و كراماتهم في يشحتون وهم ''رجال و نساء '' من آبائهم و أوليائهم المال للذهاب للاستحمام ! ما ذنب هؤلاء إن كان السيد بنكيران يريد تصفية الحسابات مع ما يسمونه حكومة الهمة ؟ ما ذنب هؤلاء إن كان أتباع الهمة قد نالوا منه في دفاتر التحملات و مقالع الرمال و غيرها من الملفات الحساسة ؟ لو كان السيد بنكيران حقا يعرف ما له وما عليه كرئيس لحكومة منتخبة دون التفكير في شخصه أو في حزبه فأقل ما كان عليه أن يتذكر هو أن محضر 20 يوليوز 2011 هو محضر مؤسسات والتزام دولة قبل أن يكون محضر موقع باسم حكومة،. وعوض ضرب أبناء بلده بعضهم ببعض لزرع الفتنة و إظهار أن له وزنا و يدا طائلة أيضا، كان أجدى به الالتفاف حول شعبه المسؤول عنه أصلا و خدمته بكل تفاني و ترك جانبا الصراعات السياسية . أم أن السيد بنكيران بفعلته هاته يريد أن يؤكد لنا أن السياسة باب واسع تضل فيها الأفهام وتزل فيه الأقدام؟ ألم يقولوا لنا دستور جديد يحفظ حقوق المواطن ... فقلنا مرحبا ! قالوا لنا انتخابات نزيهة و شفافة ... فصوتنا و انتخبنا ! قالوا لنا اصبروا... فصبرنا! قالوا لنا عام الجفاف هذا هلمّوا نصلي و ندعو العزيز بالغيث ... فصلينا و دعونا ! بعد ذلك.قالوا لنا لا غيث هاد العام ... فكذبهم رب العباد بالأمطار تنزيلا ! فماذا يريدون منا ؟ أن نلبس ثوب البعير ؟ فو الله نحن عنه من زمان ما حِدْنا! فبالله عليكم أ أذِل شعب في البسيطة كما ذُللنا! فكفّوا عنا أيديكم الظالمة كفّوا عنا ! * أستاذ باحث بجامعة شنغهاي