الوزير قيوح يدشن منصة لوجيستيكية من الجيل الجديد بالدار البيضاء    حقائق وشهادات حول قضية توفيق بوعشرين مع البيجيدي: بين تصريحات الصحافي وتوضيحات المحامي عبد المولى المروري    دراسة تكشف آلية جديدة لاختزان الذكريات في العقل البشري    الدورة ال 44 لمجلس وزراء الشؤون الاجتماعية العرب بالمنامة .. السيد الراشيدي يبرز الخطوط العريضة لورش الدولة الاجتماعية التي يقودها جلالة الملك    حصيلة سنة 2024.. تفكيك 123 شبكة لتنظيم الهجرة غير النظامية والاتجار في البشر    الدكتور هشام البوديحي .. من أحياء مدينة العروي إلى دكتوراه بالعاصمة الرباط في التخصص البيئي الدولي    التجمع الوطني للأحرار يثمن المقاربة الملكية المعتمدة بخصوص إصلاح مدونة الأسرة    فرض غرامات تصل إلى 20 ألف درهم للمتورطين في صيد طائر الحسون بالمغرب    الدفاع الحسني يهزم الرجاء ويعمق جراحه في البطولة الاحترافية    38 قتيلا في تحطم طائرة أذربيجانية في كازاخستان (حصيلة جديدة)    رحيل الشاعر محمد عنيبة أحد رواد القصيدة المغربية وصاحب ديوان "الحب مهزلة القرون" (فيديو)    المهرجان الجهوي للحلاقة والتجميل في دورته الثامنة بمدينة الحسيمة    انقلاب سيارة على الطريق الوطنية رقم 2 بين الحسيمة وشفشاون    المغرب الرياضي الفاسي ينفصل بالتراضي عن مدربه الإيطالي غولييرمو أرينا    رئيس الرجاء يرد على آيت منا ويدعو لرفع مستوى الخطاب الرياضي    الإنتاج الوطني من الطاقة الكهربائية بلغ 42,38 تيراواط ساعة في متم 2023    تنظيم الدورة السابعة لمهرجان أولاد تايمة الدولي للفيلم    الندوة 12 :"المغرب-البرتغال. تراث مشترك"إحياء الذكرىالعشرون لتصنيف مازغان/الجديدة تراثا عالميا. الإنجازات والانتظارات    حركة حماس: إسرائيل تُعرقل الاتفاق    أخبار الساحة    الخيانة الزوجية تسفر عن اعتقال زوج و خليلته    روسيا: المغرب أبدى اهتمامه للانضمام إلى "بريكس"    عبير العابد تشكو تصرفات زملائها الفنانين: يصفونني بغير المستقرة نفسياً!    السعودية و المغرب .. علاقات راسخة تطورت إلى شراكة شاملة في شتى المجالات خلال 2024    برلماني يكشف "تفشي" الإصابة بداء بوحمرون في عمالة الفنيدق منتظرا "إجراءات حكومية مستعجلة"    الريسوني: مقترحات مراجعة مدونة الأسرة ستضيق على الرجل وقد تدفع المرأة مهرا للرجل كي يقبل الزواج    التنسيق النقابي بقطاع الصحة يعلن استئناف برنامجه النضالي مع بداية 2025    تأجيل أولى جلسات النظر في قضية "حلّ" الجمعية المغربية لحقوق الإنسان    بعد 40 ساعة من المداولات.. 71 سنة سجنا نافذا للمتهمين في قضية "مجموعة الخير"    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الخميس    ابتدائية الناظور تلزم بنكا بتسليم أموال زبون مسن مع فرض غرامة يومية    جهة مراكش – آسفي .. على إيقاع دينامية اقتصادية قوية و ثابتة    برنامج يحتفي بكنوز الحرف المغربية    بورصة الدار البيضاء تستهل تداولاتها بأداء إيجابي    مصرع لاعبة التزلج السويسرية صوفي هيديغر جرّاء انهيار ثلجي    نسخ معدلة من فطائر "مينس باي" الميلادية تخسر الرهان    لجنة: القطاع البنكي في المغرب يواصل إظهار صلابته    ماكرون يخطط للترشح لرئاسة الفيفا    بطولة إنكلترا.. ليفربول للابتعاد بالصدارة وسيتي ويونايتد لتخطي الأزمة    نزار بركة: 35 مدينة ستستفيد من مشاريع تنموية استعدادا لتنظيم مونديال 2030    مجلس النواب يصادق بالأغلبية على مشروع القانون التنظيمي المتعلق بالإضراب    مجلس النواب بباراغواي يصادق على قرار جديد يدعم بموجبه سيادة المغرب على أقاليمه الجنوبية    باستثناء "قسد".. السلطات السورية تعلن الاتفاق على حل "جميع الفصائل المسلحة"    تقرير بريطاني: المغرب عزز مكانته كدولة محورية في الاقتصاد العالمي وأصبح الجسر بين الشرق والغرب؟    تزايد أعداد الأقمار الاصطناعية يسائل تجنب الاصطدامات    مجلس النواب بباراغواي يجدد دعمه لسيادة المغرب على صحرائه    ضربات روسية تعطب طاقة أوكرانيا    وزير الخارجية السوري الجديد يدعو إيران لاحترام سيادة بلاده ويحذر من الفوضى    السعدي : التعاونيات ركيزة أساسية لقطاع الاقتصاد الاجتماعي والتضامني    ارتفاع معدل البطالة في المغرب.. لغز محير!    طبيب يبرز عوامل تفشي "بوحمرون" وينبه لمخاطر الإصابة به    ما أسباب ارتفاع معدل ضربات القلب في فترات الراحة؟    "بيت الشعر" يقدم "أنطولوجيا الزجل"    للطغيان وجه واحد بين الدولة و المدينة و الإدارة …فهل من معتبر …؟!!! (الجزء الأول)    حماية الحياة في الإسلام تحريم الوأد والإجهاض والقتل بجميع أشكاله    عبادي: المغرب ليس بمنأى عن الكوارث التي تعصف بالأمة    توفيق بوعشرين يكتب.. "رواية جديدة لأحمد التوفيق: المغرب بلد علماني"    توفيق بوعشرين يكتب: "رواية" جديدة لأحمد التوفيق.. المغرب بلد علماني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الحياة التائهة في البحر الأبيض المتوسط، من المسؤول؟
نشر في هسبريس يوم 15 - 05 - 2012

أصبح موضوع الهجرة أحد المواضيع المهيمنة في العلاقات الدولية، إذ فرضت الظاهرة نفسها على جدول أعمال وزراء الخارجية والداخلية والشغل بين الدول المعنية وذات العلاقة والتأثير، بين دول الإستقبال ،المصدرة والعبور. كما احتل الموضوع حيزا كبيرا من برامج السياسيين في حملاتهم الإنتخابية الداخلية للنيل من الغريم السياسي أو لحشد الهيئة الناخبة، و بموازاة ذلك فإن ظاهرة الهجرة حظيت بدراسات مستفيضة من قبل المختصين والخبراء وكانت محل مناظرات وندوات دولية عديدة، لما عكسته الظاهرة من آثار مزدوجة ايجابية وسلبية، إمتدت لتشمل جوانب مختلفة من الحياة وفي كافة الميادين والمجالات، اقتصادية واجتماعية وسياسية وثقافية وغيرها.
ومن أجل السيطرة والتحكم في الهجرة للإستفاذة منها اقتصاديا فقط، فإن الدول الأوروبية عمدت إلى إعتماد مقاربات عدة، اختارت لكل سياسة تسمية وعنوان بدءا، بالتعاون من أجل التنمية ، فالشراكة من أجل التنمية، فالمقاربة الشمولية، التي تعتمد بالإضافة إلى التعاون في الميدان الإقتصادي، التعاون الأمني مع دول جنوب المتوسط للحد من موجات المهاجرين، حيث تحولت مجموعة من دول جنوب شمال أفريقيا، عبر اتفاقيات التعاون في ميدان الهجرة إلى حارس للحدود الجنوبية للفضاء الأوروبي، منها المغرب، الذي قبل بمقتضى اتفاق 13/2/1992{1} وموريتانيا 1/6/2003 والجزائر 31/7/2002 بالتعاون مع اسبانيا في ميدان الهجرة منها القبول بترحيل المهاجرين اليها من مواطنيها أو حتى مواطني الدول الغير بما فيه الأفريقية خاصة.
وبالرغم من تمرد ليبيا القذافي عن توقيع نظير هذه الإتفاقات ونجاحها الإشتثنائي من انتزاع إعتذار رسمي من ايطاليا عن الحقبة الإستعمارية عبر اتفاق الصداقة2008. فإن هذا الإتفاق تضمن التزاما فرض على ليبيا تعاونا في ميدان الهجرة، مقابل تمويل ايطاليا لبنيات تحتية منها شق وإنجاز ومد الطرق السيارة بواسطة شركات إيطالية حصرا. وبعد ذلك بقليل طالب معمر القذافي من الإتحاد الأوروبي بدفع خمسة مليارات دولار سنويا لبلاده لضمان مساهمتها في وقف الهجرة السرية إلى القارة العجوز، وذلك أثناء زيارته لإيطاليا 30/8/2010 بمناسبة الذكرى الثانية لاتفاقية الصداقة بين إيطاليا ومستعمراتها السابقة. وهي تصريحات صدرت عنه بحضور رئيس الوزراء الإيطالي السابق سيلفيو برلسكوني، إذ أشارالقذافي أن مطالب بلاده تحظى بدعم إيطالي، محذرا من رفض الاستجابة الذي سيغير من وجه أوروبا إلى "أفريقيا ثانية جراء قدوم ملايين المهاجرين".وقال "أوروبا لن تعود أوروبية غدا، بل يمكن أن تصبح سمراء مع قدوم ملايين الأفارقة"، كما وصف موجات الهجرة السرية بأنها خطيرة للغاية، فشدد على وجوب قيام إيطاليا بدور المقنع لباقي الدول الأوروبية باقتراحه.
لم تمض على هذا التصريح سوى مدة يسيرة ووقت قصير، وبالضبط ستة أشهر، فاندلعت ثورة السابع عشر من فبراير 2011 بليبيا، وهي الثورة التي حظيت بدعم مجموعة من الدول والمنظمات، منها منظمة حلف الشمال الأطلسي الناتو، فحاول القذافي بث الخوف في الدول الأوروبية بتكرار وعيده بإغراق الشواطئ الأوروبية عن طريق خلق موجة غير مسبوقة من الهجرة غير الشرعية في اتجاه جنوب أوروبا، وذلك كرد فعل على الحضر و الضربات الجوية للناتو والدعم الأوروبي والفرنسي والأسباني والألماني والأنجليزي للثورة وللمجلس الوطني الإنتقالي، ولعل ذلك يثني تلك الدول والمنظمات عن دعم الثورة.
وفي ظل حصول هذا الوعيد وقيام الثورة، واندلاع الحرب بين الثوار ونظام القذافي وإطباق منظمة حلف الشمال الأطلسي للحظر الجوي والبحري على الأجواء ومياه المتوسط من وإلى ليبيا، أبحر قارب مطاطي بطول سبع أمتار ليلة 26/3/2011 وعلى مثنه 72شخصا، يضم 50 رجلا و20 إمرأة وقاصرين من جنسيات جنوب الصحراء، وذلك من شواطئ مدينة طرابلس في اتجاه جزيرة لمبيدوزا الإيطالية، هربا وفرارا من عنف في بلدانهم، الصومال وايريثريا وإثيوبيا، فصادفوه صدفة في ليبيا.
إلا أن رحلة الموت تلك لم يكتب لها النجاح، فقد تاهوا في عرض البحر، فنفذ وقود محرك القارب، ليبقوا عالقين في المياه خمسة عشر يوما دون أكل ولا شرب، فارق منهم الحياة واحد وستون شخصا، قبل أن يستكمل التيار جرف االقارب في اتجاه نقطة الإنطلاق ليبيا، وبالضبط إلى شاطئ مدينة زليتن، المدينة ذات الكثافة السكانية الأمازيغية، التي تقع على بعد 160 كيلومترا شرق العاصمة طرابلس، حيث تمكن عشر منهم من النجاة من موت محقق ولقي اثنان منهم نفس المصيرعلى اليابسة، ليحكي الناجون ويروا للعالم رحلة الموت وفضيحة وحقيقة ما وقع:
وهكذا، فإن قائد القارب وبمجرد ما أدرك فقدانه لمسار الخط البحري في اتجاه لمبيدوزا ،أخبر بذلك باقي المهاجرون كما أخبرهم أنهم في وضع العالقون في المياه، فعمدوا الى إجراء اتصال بالكاهن الإيرتيري موسى زريع، مديرالمنظمة غيرالحكومية Habeshia{2}، الذي كان يتواجد بتاريخ الحادث14 أبريل 2011 بمالطا لزيارة ما يقرب من ستمائة لاجئ وصلوا إلى جزيرة صغيرة في البحر الأبيض المتوسط هربا من العنف في بلدانهم والتماسا وطلبا للأمن والأمان ضد الإضطهاد. وقد أوضح موسى زريع لجريدة الغارديان البريطانية و إلباييس الإسبانية على إثر يأسه من خبر سار بإنقاذ العالقين رغما عن إبلاغه لمركز الإنقاذ والنجدة بروما، بأن قوات حلف الشمال الاطلسي أصبحت في حالة واضحة من الفشل والعجز ولربما الإحجام عن تقديم المساعدة لمهاجرين في خطر محدق في عرض البحر المتوسط.
فدق ناقوس الخطر بتصريحه وعبر اتصاله بمركز تنسيق عمليات الإنقاذ البحري (مركز تنسيق الانقاذ البحري) في روما . الذي حدد مكان تواجد اللاجئين في 27: 33 درجة 58،2 دقيقة شمالا، 12 درجة 55،8 دقيقة الشرق على بعد نحو 60 ميلا من طرابلس مستعينا بذلك بوقت المكالمة الأخير للمهاجرين بالكاهن موسى زريع في 16،52 ،قبل انقطاع الخط عن العالقين لنفاذ بطارية الهاتف الخلوي للإتصال عبر الأقمار و اعتمادا بإحداثيات مزود الأقمار الصناعية، فأطلق المركز نداء الإستغاثة إلى كل القوارب والبواخر مدنية وعسكرية، لكن لا أحد جاء لنجدتهم. كما ألح زريع على الاتحاد الأوروبي ومنظمة حلف الشمال الأطلسي بإجراء تحقيق جدي وشفاف لتحديد المسؤوليات؟
وقد تلقت النائبة الهولنديةمن حزب GROENLINKSالهولندي ومن التجمع البرلماني الأشتراكي بمجلس اوروبا Tineke Strik{3} (Pays Bas, SOC - والنائبة الثانية لرئيس لجنة الهجرة واللاجئين والمهجرين في مجلس أوروبا، الخبر فسارعت إلى التحقيق فيه، مستفيذة في ذلك من شهادة أربع ناجين، منهم المدعو أبو كرك كبيتو اثيوبي{} الجنسية، يبلغ من العمر 23 سنة، الذي اعتقل أربع وعشرين ساعة في طرابلس، بعد ما استقر القارب التائه في زليتن، ليعاود ثانية مغامرة الإنتحار، فتمكن من الوصول الى شواطئ ايطاليا ومن بعدها توجه الى بلدة BAEXEN في الجنوب الشرقي لهولندا، حيث طلب حق اللجوء هو وزوجته مؤسسا طلبه بسبب العنف، الذي تعرفه اثيوبيا، وهوالآن مهدد بالإبعاد من هولندا الى ايطاليا نقطة وصوله الأولى، حسب اتفاقية دبلن للجوء في أوروبا، التي تسمح بابعاد طالب اللجوء إلى أول ميناء أوروبي دخل منه.
ومن خلال التحقيق والبحث والإستماع إلى شهادات الناجين، الذي قامت به النائبة الهولندية تنيك ستريك، كتبت تقريرا بعنوان الحياة التائهة في البحر الأبيض المتوسط{4} خلصت فيه الى تطابق تصريحات الناجين وتصريحات الكاهن الإيريتيري وانتهت إلى حقيقة مفادها أن منظمة الحلف الأطلسي لم يستجب لمكالمات النجدة والإستغاثة، الذي بثه مركز الإتصال والإنقاذ بروما ووجت الإتهام بالخصوص الى الفرقاطتين مونديز نونييز{5} الإسبانية وبوسيني الإيطالية{6}، اللتين لم تستجيبا لنداء الإستغاثة بالرغم من تجهيزهما بحوامات على متنهما وتواجدهما في وضعية مثالية من أجل التدخل، بالنظر مكان تواجد الفرقاطة الأسبانية على بعد 11 ميلا من الموقع المفرض وجوب التدخل فيه لانقاذ اللاجئين العالقين، بينما الفرقاطة الإيطالية بوسيني كانت على بعد 37 ميلا من نفس الموقع.
وتجدر الإشارة، أن منظمة حلف الشمال الأطلسي بدأ في مارس عمليات الحظر الجوي والبحري على ليبيا، وأعلن أن المنطقة عسكرية و تدخل تحت نفوذه، وكان كل متر من مياه المتوسط تحت سيطرة كاميرات أقماره ومحط رصد من راداراته الذكية و محل مراقبات دورية لطائرات فرنسية وأنجليزية مجهزة لالتقاط اشارات تحرك أي جسم أو زورق مهما كبر أو صغر حجمه، والكل درءا لأي فرار وهروب محتمل من ليبيا ومنعا محكما لدخول السلاح الى قوات القذافي، وهو ما يجعل من التذرع بعدم العلم أو عدم سماع النداء أو عدم التواجد في المكان المحدد وفق ما صرحه وزير الدفاع الإسباني الأسبق غير مقبول ومن سبع المستحيلات.
وذلك لأن مركز تنسيق عمليات النجدة والإنقاد البحرية في روما، أكد أنه أرسل مكالمات و بث رسائل طوارئ لكافة البواخر المدنية والعسكرية، التي كانت تبحر في المنطقة وكان المركز يكررنفس المكالمة ونفس الرسالة لأربع ساعات في اليوم وطيلة مدة عشرة أيام، ويفترض في الفرقاطة الإسبانية و الفرقاطة الإيطالية العلم اليقين بنداء النجدة والإستغاثة المذاع والمبثوث، سيما وأن قائد الفرقاطة يتوفر على كافة السلطة لإطلاق استغاثة صولاص، التي تجعله في حل من التزام بمهمته الأساسية، بما فيه مهمة مراقبة تطبيق الحظر الجوي والبحري على ليبيا، إذا كان التدخل من أجل تقديم المساعدة والعون لأشخاص أو بواخر يواجهون خطر الغرق في البحر. ويعتبر الإحجام والتلكؤ عن مد واجب الإغاثة في حذ ذاته تهمة وتصرف خسيس يواجهه بحري في حياته المهنية، لأنها تمس بسلوك البحري وبما يجب أن يتصف به من أخلاق.
وقد نظرت الجمعية العامة لمجلس أوروبا، التي إنعقدت بستراسبورغ في 24/4/{}2012 إلى شهادة الناجين بمصداقية، والذين أفادوا بأن طائرة هليكوبتر عسكرية حلقت فوق قاربهم ورؤوسهم وألقت لهم قنينات المياه والكعك، وأوحى إليهم طاقمها بالإشارة بأنهم سيعودون، الشيء الذي لم يوفوا به، وفي اليوم العاشر من الرحلة، حيث لقي نصف الركاب حتفهم، مرت بالقرب منهم سفينة عسكرية كبيرة، واقتربت بما فيه الكفاية، إذ تمكنوا من رؤية الطاقم مزود يستعين بمناظير لمشاهدتهم،إلا أن هذا المبنى والباخرة العائمة مشى بعيدا دون مساعدتهم.
وعلى إثره، اختتمت الجمعية البرلمانية لمجلس أوروبا يوم 24أبريل2012 بستراسبورغ مناقشة تقرير النائبة الهولندية، بالمصادقة علية ب 108 واعتراض36 من بينهم النواب الإسبان، الذين تورطت الفرقاطة مونديز نونييز في الفضيحة والعار وامتناع 7 من النواب عن التصويت{7}، وأكد القرار المصادق عليه، على ضياع و فقدان الكثير والعديد من الفرص الحقيقية لإنقاذ أرواح الأشخاص الموجودين على مثن القارب التائه ودرء وقوع الكارثة، كما طلب المجلس من منظمة حلف الشمال الأطلسي القيام بمزيد من التحقيق في الحادث، مع ضرورة تقديم إجابات مفصلة على الأسئلة التي بقيت عالقة ودون الرد عليها . وهو نفس الطلب الموجه إلى البرلمانات الوطنية للدول المعنية وخاصة الأسبانية والإيطالية، إذ طالب منها إجراء تحقيق أيضا. وفي نفس الوقت دعى وحث البرلمان الأوروبي على طلب معلومات إضافية، بما في ذلك الصور الفوتوغرافية التي التقطت بواسطة الأقمار الصناعية.
وقد كشف هذا الحادث وهذه الفاجعة، الذي تورطت فيه البحرية الإسبانية والإيطالية ومنظمة حلف الشمال الأطلسي، عن حقيقة ما يتم تداوله بين الفينة والآخر بين عائلات المهاجرين ووسائل الإعلام، حول توررط قوات خفر السواحل والبحرية و قوات فرانتكس والصيادين من شمال المتوسط، في جرائم القتل العمد وعدم تقديم المساعدة لأشخاص في خطر وعدم التبليغ و جرائم التهريب غيرها، ساحتها مجال البحر المتوسط الواسع، يبقى في غالب الأحيان سرها في ظلمات أعماق البحر ورفيق روح الضحايا، كما أسقطت الكارثة القناع عن الوجه الحقيقي لشخصية تلك القوات، التي لا تكترث لأعراف البحارة ولا إلى القواعد القانونية الدولية الواجب إحترامها والتقيد بها، والتي تفرض عليه تقديم المساعدة والبحث إلى كل من يواجه خطر في البحر بغض النظر عن جنسية ووضعيته والظروف التي وجدوا عليها، ولو اقتضى الأمر التخلي عن المهمة والغرض الأساسي، قواعد تفرض عليها إركاب وعدم انزال من يواجه الخطر إلا في ميناء و مكان آمن، وذلك وفقا لما تقره اتفاقية الأمم المتحدة حول قانون البحر1982 وبروتوكول باليرما حول النقل غير الشرعي للمهاجرين عبر البر والجو والبحر، المضاف إلى اتفاقية الأمم المتحدة ضد الجريمة عبر الوطنية المنظمة 2000 واتفاقية انقاذ الحياة البشرية في البحر1974solas،والإتفاقية الدولية حول البحث والإنقاذ البحرية1979SAR،واتفاقية جنيف حول وضعية اللاجئين 1951 وبروتوكولها1967.
إنها حقيقة قوات تلذذت برؤيتها لمشاهد حقيقية لأشخاص لا حول ولا قوة لهم، أشخاص يصارعون الموت بسبب الجوع والعطش، لم تشعر تلك القوات بأي مسؤولية وهي تحلق فوق رؤوسهم دون أن تتدخل؟ لم تخجل وهي توهم العالقين بأنهم سيعودون لنجدتهم دون أن يفعلوا؟ حقيقية قوات تتنكر لسماع نداء النجدة والإستغاثة، فإلى أي دبدبة وموجة تستمع ؟ قوات تتنكر لمكان تواجدها، فأين كانت تتواجد؟ فأية ديمقراطية أتوا لإقرارها؟ ومن هم نوع المدنيين الذين أتوا لحمايتهم؟ فقد صادفوا في طريقهم غرقى يموتون دون أن يلتفتوا إليهم، ولا قدموا المساعدة إليهم؟ هذه حقيقة الغرب وقواته، قوات تنظر إلى الحياة تضيع في المتوسط دون أن تتحرك لإنقاذها، فأين المحاكم الزجرية في ايطاليا؟ التي حاكمت صيادين تونسيون لا لشيء سوى أنهم نفذوا ما تفرضه عليهم أعراف وقوانين البحر، حينما قدموا العون لمهاجرين وأنزلوهم في ميناء ايطالي آمن، فتحركت النيابة العامة متهمة إياهم بأنهم يشجعون على الهجرة غير القانونية. وأين الآلة الإعلامية الإسبانية، التي تحركت 2009 في حملة إعلامية شعواء ضد البحرية الملكية المغربية واتهمتها بضلوعها في إغراق قارب لمهاجرين أفارقة قرب الحسيمة؟ وأين المحكمة العليا الإسبانية؟ وأين المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان؟ وأين المحكمة الجنائية الدولية؟أين...؟ وأين إعلامنا ومجتمعنا المدني لفضحهم؟
1. http://extranjeros.empleo.gob.es/es/NormativaJurisprudencia/Internacional/ConveniosBilaterales/ConveniosReadmision/documentos/Readmision_Marruecos.pdf javascript:void(0);
2. http://internacional.elpais.com/internacional/2011/05/09/actualidad/1304892006_850215.html
3. http://assembly.coe.int/CommitteeDocs/2012/20120329_mig_RPT.EN.pdf
4. http://assembly.coe.int/CommitteeDocs/2012/20120329_mig_RPT.EN.pdf
5. http://internacional.elpais.com/internacional/2012/03/29/actualidad/1333026040_479662.html
6. http://assembly.coe.int/ASP/Doc/XrefATListing_E.asp?sessionID=344
7. http://assembly.coe.int/ASP/Votes/BDVotesParticipants_FR.asp?VoteID=34158&DocID=13736
*محامي وخبير في القانون الدولي لحقوق الإنسان


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.