جُبل الإنسان على فعل الخير حصدا للحسنات، باعتبارها العملة الوحيدة المسموح تداولها يوم الحساب، وما دام الإنسان يرشد أخاه لأعمال الخير حبا لنجاته، فقد أحببت أن أهدي رئيس الحكومة المغربية السيد عبد الإله بنكيران ثلاث حسنات، عساها تُضاف إلى صحائف أعماله فيستبشر بها يوم التغابن. الحسنة الأولى: الأطر العليا وسباق المسافات... تاريخ يأبى النسيان. اعذرني سيدي الرئيس أن أظهر أسفي على سباق المسافات الذي تنازل المغرب عن شعلته بعد اعتزال البطل المغربي"هشام الكروج"، ولا أخفيكم سرا سيدي أن الحرقة كانت تقطع كبدي على ماض تليد ودعناه، قبل أن يُفاجأ بصري بمنظر الأطر العليا المعطلة وهي تجوب شوارع الرباط عدوا من دون توقف، فرارا من مطاردة هوليودية للشرطة المغرية، وبعد أيام من الترقب والحساب، تبين أنهم يقطعون آلاف الأمتار يوميا من دون كلل أو شكوى، والملفت للانتباه سيدي الرئيس أنهم لا يسقطون في المضمار رغم تكدسهم، ولا يمسك بهم المطاردون رغم التدريبات القاسية التي يتلقونها، علما أن جموع الأطر العليا لمعطلة درست كل التخصصات باستثناء العدو الريفي، ورغم ذلك فهم متفوقون في ذلك، أفلا يجدر بمثل هؤلاء أن يكونوا متفوقين في تخصصاتهم بالأساس؟ وعليه فما داموا قد حققوا النجاح في شوارع الرباط، فإني أرى أن يكونوا واجهة المغرب البراقة في المسابقات الرياضية المقبلة، فهم لا شك سيرفعون راية المغرب خفاقة، ويعيدوا بذلك مجد "الكروج" الضائع، بدل تعريضهم يوميا لقوى القمع تنهش أجسامهم الغضة بجنون مبالغ فيه منذ تربع حزبكم كرسي الرئاسة الحكومي. سباق المسافات تاريخ مغربي عريق، والأطر العليا حُماة لمستقبل هذا البلد الغالي، فهلا أحييت الأمجاد بأطر هذه البلاد ولك من الله حسنة أولى. الحسنة الثانية: الفقر العاطفي والوظيفة العمومية... وجها لوجه. تعلمون سيدي الرئيس أن أجمل ما في الإنسان فترةُ شبابه، فهي مرحلة القوة بين ضعفين، وهي فترة العطاء للأجيال الناشئة، وفيها يحتاج المرء للاستقرار النفسي بعيدا عن التقلبات العاطفية والبراكين القلبية، وما دام المبدأ النبوي قائما على الجمع بين المحبين في إطار الزواج أملا في التئام الروحين، وفتح مدرسة تخريج النشء الصاعد المقاتل من أجل الرقي ببلده المغرب، فإن الوقت قد حان لتفعيل مضامين هذه الوصية النبوية الخالدة. هم أبناؤك سيدي الرئيس، والحرائر من الأطر العليا المعطلة بناتك، لهم كل شيء في حياتهم سوى الباءة المادية، فهلا بادرت وشفيت أسقام المرسوم الوزاري الاستثنائي رقم:100-11-02، لتُطلق العنان لحملة الالتئام الإنساني تثبيتا لفكرة العفاف والاستقرار المؤدي إلى الاهتمام بقضايا البلد الشائكة، فلو ساهمت في ذلك سيد بنكيران سيكون لك أجران: إحصان الشباب وتطبيق الوعود. الأطر الشابة من الذكْرَان والإناث طاقات جبارة، يتحكم الاستقرار المادي منها بنظيره العاطفي، أفلا جمعت شتات القلوب المتناثرة بتطبيق وعود الإدماج المباشر ولك من الله حسنة ثانية. الحسنة الثالثة: الوظيفة العمومية... حق وليس امتياز. يألف الرائي منظر الأطر العليا وهو يتقاطرون وحدانا وزرافات من كل البقاع إلى مدينة الرباط، فيصطفون بأقمصتهم المزركشة بشتى ألوان الطيف، لينطلق الموكب المهيب نحو قبة البرلمان، مطالبين بفتح باب الشغل للدخول إلى قاعة العيش الكريم في بلد غال يسكن العيون، ولكَم رأيتَهم سيد بنكيران وهم يتجرعون "حَسَاءَ" الطبخة المغربية بالتوابل المخزنية، فتمضي وصوت صراخهم يطن في أذنك باعثا سمفونيته الخالدة: "الإطار.. يريد.. الإدماج المباشر"، استنادا إلى المرسوم الوزاري الاستثنائي رقم: 100-11-02 الذي وُلد من رحم المجلس الوزاري برئاسة جلالة الملك محمد السادس، فما الذي أخر تثمين مبادرة جلالته يا ترى؟ السيد رئيس الحكومة، لا مواطنة من دون شغل وعيش كريمين، ولا معنى للقرارات الوزارية إن لم تُفعّل، بل لا طائل من ورائها إن نُسخت قبل أن تؤدي ممتها على أكمل وجه، ولا جدوى من وجودها إن استغرقت فئة دون أخرى من غير تعليل لسبب الاستثناء. الأطر العليا السيد رئيس الحكومة تم استثناؤهم من الوظيفة العمومية منذ ما يقارب السنة ظلما وعدوانا، لتأتي حكومتكم الموقرة فيشتد معها الخناق على نضالات الأطر في شوارع الرباط، وعلى مستوى الجهات العليا في اتخاذ القرارات لا تكاد تسمع إلا همسات متضاربة لا تسمن ولا تغني من جوع. سيدي الرئيس، الوظيفة العمومية حق وليس امتياز، سنناضل من أجله إلى آخر رمق مهما قويت شكيمة رجال القمع في الميدان، وما دام القرار السياسي يحتاج لرجل شجاع ينصف الأطر مما لحق بهم من ظلم وقمع وتهميش، وما دام قد عُرف عنكم سيد بنكيران أنكم لا تخافون في الله لومة لائم، فالظاهر أن الوقت حان لإنصاف الأطر العليا المعطلة بالإدماج المباشر ولك من الله حسنة ثالثة.