القوات المساعدة أو المخازنية أو بتسمية أقل أدبا "المرود" هو جهاز أمني أنشأته فرنسا منذ دخولها إلى المغرب، وجعلته أداة ضبط بين موظفيها والمواطنين المغاربة، بسبب اللغة وإرادة إيذاء الشعب من طرف أبنائه، لأن الكثير من المهام القذرة كان المخازنية يكفون فرنسا مؤونتها. والمخازنية قبل ذلك أي قبل الاستعمار هم شرطة الملوك المغاربة، يحمون المخزن أو السلطان أو غير ذلك، لكنهم فقدوا قيمتهم التي كانت لهم في ظل السلاطين المغاربة منذ 1912 بعد الاستقلال، تأسس جهاز أمني جديد سمي "الأمن الوطني" ويحتوي على فصائل كثيرة، منها الشرطة القضائية، شرطة المرور، شرطة التدخل السريع إلى غير ذلك، وبقي موضوع المخازنية معلقا، هم جهاز فعال خدم فرنسا بكفاءة عالية، لأن منهم من شكل عصب الجيش المغربي الذي حارب بجانب فرنسا في حروبها المختلفة، ومنهم بعض رجال جيش التحرير "" لم يطل التفكير كثيرا حين قرر الحسن الثانيتأسيس جهاز وسيط سماه "القوات المساعدة" فكيف كان الشعب المغربي ينظر إلى هذا الجهاز؟ لأن المخازنية لا يحملون أسلحة في مهامهم الأمنية خارج الحروب والفتن والاحتقانات الاجتماعية، فقد نظر إليهم المجتمع نظرة احتقار، ولأنهم لم يكن بإمكانهم اتخاذ قرارات خاصة بهم، ولم تكن لهم مقرات اعتقال واستنطاق، بل كانوا ينفذون أوامر القواد والباشوات أو يخضعون لسلطة الشرطة أحيانا، بل الأكثر من ذلك أن وضعهم المادي كان يلقي بهم في قعر السلم الطبقي الاجتماعي، دون أن ننسى طريق الترقي، الأبطأ في سلم الترقية عند موظفي الدولة الملحقين بوزارة الداخلية. كل ذلك جعل المخازنية أو أفراد القوات المساعدة لا يحظون عند الناس بهيبة رجال الشرطة أو الدرك لكن إلى جانب ذلك، عرف عن المخازنية عنف ملفت للنظر، ربما لأنهم جهاز شبه عسكري، لا يحس باسترجاع الكرامة إلا في هذه المناسبات أي الانتقام من المغربي المدني "السيفيل" الذي يظل يترفع ويتكبر على المخازنية، وقد تكون الدولة واعية بذلك، فتستدعي المخازنية حين تريد قمعا قويافعالا لمظاهرة أو إضراب أو احتجاج أو غير ذلك وحين عين الجنرال العنيكريعلى رأس القوات المساعدة، أراد أن يجعل من هذا الجهاز كائنا أمنيا له قيمته وتجهيزاته الخاصة به وفصائله المتميزة(فرق التدخل تلبس لباسا أحسن وأليق من لباس المخزني العادي) لكن بقي الإشكال المطروح، كيف يمكن جعل اقوات المساعدة جهازا أمنيا غير تابع له شخصيته المستقلة ومقراته الأمنية ومبادراته "الإرادية"؟ ليس من السهل الإجابة عن هذا السؤال، لكن المؤمل هو الرفع من القيمة الاجتماعية والمادية للمخزني، كما يجب الرفع من مستوى التكوين والتدريب، فلا يقبل في مراكز التكوين سوى الشباب ذوي المستوى الموازي للبكالوريا، كما يجب إنشاء مدرسة خاصة بتكوين الضباط حتى يستطيع هذا الجهاز الاستقلال عن باقي الأجهزة، إضافة إلى إعادة النظر في علاقة المخزني بالواقع الأمني للبلد(مراكز أمنية، أسلحة، آليات، علاقة مستقلة مع القضاء، استقلالية في القرار...) هذا من غيض من فيض أما الحقيقة فهي أكثر تعقيدا من ذلك قبل أيام هاجم رجال من القوات المساعدة أمام مقر البرلمان مجموعة من المواطنين المعروفين بنضالهم في مجال حقوق الإنسان بعنف كبير، تساءل المغاربة معه إن كانت الدولة تستغل الانضباط الزائد عن اللزوم عند المخازنية للانتقام من زبدة الحقوقيين والمثقفين، حتى إن عاتبتها الصحافة ردت عليهم "إيوا هادوك غير المخازنية، راكم عارفينهم، ما كايعرفو لا امهم لا باهم مللي كايسخن الطرح" بمعنى أن هذا الجهاز مكون من أفراد لا يعرفون لا أمين ولا جطو ولا حتى العنيكري نفسه، تأملوا معي هذا الواقع الغريب لهذا الواقع المريب، وكل مناسبة وقواتنا المساعدة بألف خير