صادقت الحكومة المغربية، أمس الخميس، على إنشاء مكتب برنامج مكافحة الإرهاب والتدريب في إفريقيا التابع لمكتب الأممالمتحدة لمكافحة الإرهاب، بالرباط. وتتمثل مهمة مكتب برنامج مكافحة الإرهاب والتدريب في إفريقيا بالرباط في دعم برامج مكتب الأممالمتحدة لمكافحة الإرهاب من أجل تعزيز قدرة الدول الأعضاء؛ وذلك عبر تطوير برامج تدريب وطنية ومناهج تدريبية لمكافحة الإرهاب، خاصة في مجال الأبحاث وأمن وإدارة الحدود وإدارة السجون وفك ارتباط الجناة، وإعادة التأهيل والإدماج وتطوير الممارسات الجيدة. ويندرج إنشاء هذا المكتب ضمن إستراتيجية الأممالمتحدة الشاملة لمكافحة الإرهاب التي اعتمدتها الجمعية العامة للأمم المتحدة بالإجماع في عام 2006، والتي ترتكز على أربعة محاور تتمثل في تدابير لمعالجة الظروف المؤدية إلى انتشار الإرهاب؛ وتدابير لمنع ومحاربة الإرهاب؛ وتدابير لبناء قدرة الدول على منع ومحاربة الإرهاب وتعزيز دور نظام الأممالمتحدة في هذا الصدد؛ وكذا تدابير لضمان احترام حقوق الإنسان للجميع وسيادة القانون كأساس رئيسي لمكافحة الإرهاب. وكان المغرب ومنظمة الأممالمتحدة وقّعا، في أكتوبر الماضي بالرباط، اتفاقاً يتعلق بإحداث مكتب لمكافحة الإرهاب والتكوين في إفريقيا، تابع لمكتب الأممالمتحدة لمكافحة الإرهاب، ومقره الرباط؛ للاستفادة من تجربة المملكة المغربية في محاربة الإرهاب. ويعتبر مكتب الأممالمتحدة المتعلق بمكافحة الإرهاب بالرباط هو الأول من نوعه في القارة الإفريقية، ويهدف إلى تعزيز قدرات دول القارة في التصدي للجرائم الإرهابية عن طريق بلورة برامج وطنية للتكوين في مجال مكافحة الإرهاب. ووفق معطيات منظمة الأممالمتحدة، فإن مكتب مكافحة الإرهاب بالرباط يحتاج في البداية إلى ما يقدر ب14 مليون دولار أمريكي للخمس سنوات الأولى من العمل، وهي مصاريف مرتبطة بالتوظيف وتشغيل المكتب وتنفيذ برامج العمل. وتشير معطيات وزارة الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج إلى أن أعمال العنف تزايدت بنسبة 31 في المائة منذ عام 2011، لتصل إلى 4100 هجوم في النصف الأول من العام الجاري؛ في حين ارتفع عدد الوفيات الناجمة عن الإرهاب بنسبة 26 في المائة في عام واحد (12507 مقابل 9944 في النصف الأول من عام 2019). وتعتبر منطقة الساحل أكبر بؤرة للعمليات الإرهابية ومعقلا جديدا للتنظيمات الجهادية بعد تراجع نفوذ "داعش" في الساحة العراقية والسورية، إذ تضاعفت هجمات "جماعة نصرة الإسلام والمسلمين" و"داعش" سبع مرات منذ منتصف عام 2017 في هذه المنطقة. وتضاعف عدد ضحايا الإرهاب على يد جماعة "بوكو حرام" وتنظيم "داعش" في بحيرة تشاد منذ يونيو 2017، لينتقل من 506 أشخاص إلى 964 شخصا، وفق ما كشفه ناصر بوريطة، وزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، في تصريح سابق. وتعوّل منظمة الأممالمتحدة على خبرة المغرب لمكافحة الإرهاب في إفريقيا؛ فقد أكد فلاديمير فورونكوف، الأمين العام المساعد للأمم المتحدة لمكافحة الإرهاب، أن إحداث مكتب برنامج بالمغرب لمكافحة الإرهاب والتكوين في إفريقيا يعد "مرحلة طبيعية" في إطار تعزيز قدرة المملكة على مكافحة الإرهاب في إفريقيا. واعتبر فورونكوف، في تصريح سابق، أن إحداث هذا المكتب يعد أيضا "حدثا تاريخيا" وخطوة "منطقية" إلى الأمام، بالنظر إلى "ريادة" المغرب في مجال مكافحة الإرهاب. وأوضح المسؤول الأممي أن الأمر لا يتعلق بتأسيس حضور ميداني، وإنما يتعلق "بامتداد في المغرب" لمكتب الأممالمتحدة لمكافحة الإرهاب، معربا عن اقتناعه بأن هذا "النموذج سيكون مشجعا للعديد من البلدان في السنوات المقبلة".