قال السفير الروسي المعتمد لدى المملكة المغربية، فاليريان شوفايف، في حوار خاص مع هسبريس إن العلاقات بين موسكووالرباط "فريدة من نوعها، وتتسم بالهدوء والاحترام المتبادل" منذ الاتحاد السوفياتي إلى روسيا اليوم. وكشف السفير فاليريان، في حواره، أن المغرب وروسيا يضعان اللمسات الأخيرة بخصوص تسويق اللقاح الروسي في المغرب، بالإضافة إلى إمكانية التعاون بين البلدين لتصنيع لقاح "سبوتنيك V" في المملكة وتسويقه إلى القارة الإفريقية. وعبر السفير الروسي عن رغبة موسكو في تطوير العلاقات مع الرباط بخصوص التعاون العسكري، مبرزا أن روسيا اقترحت أكثر من مرة على المغرب رفع التعاون في الشؤون الدفاعية والعسكرية، وخصوصا المتطورة منها. الدبلوماسي الروسي أكد أن الموقف الروسي من نزاع الصحراء المغربية يقف على الحياد من جميع الأطراف المعنية، مشددا على أن موسكو تدعم الحوار المباشر من أجل البحث عن حل لهذا النزاع الإقليمي. وهذا نص الحوار: أين وصلت مراحل تطوير اللقاح الروسي "سبوتنيك V"؟ من المعروف أن اللقاح الروسي اسمه "سبوتنيك V"، وهو أول لقاح مسجل على المستوى الوطني في روسيا. هذا اللقاح هو جزء من قائمة لقاحات منظمة الصحة العالمية ومن بين أحسن اللقاحات الموجودة. نحن في روسيا قيد استكمال المرحلة الثالثة من التجارب السريرية لهذا اللقاح، وقد تم تلقيح بين 40 و50 ألف متطوع ونتوقع انتهاء هذه التجارب في شهر يناير. هل انطلقت حملة التلقيح ضد الوباء في روسيا؟ في الحقيقة، حملة التلقيح انطلقت في الخامس من شهر دجنبر الجاري، وتستهدف في المرحلة الأولى الفئات المعرضة للإصابة بالوباء، ومن بينها العاملون في قطاع الصحة، خاصة الأطباء، وغيرهم من العاملين في قطاع التعليم وبعض العاملين في القطاعات الاجتماعية، ثم بعد ذلك ستمر السلطات الروسية إلى باقي الفئات الأخرى. أين وصلت المفاوضات المغربية الروسية بخصوص شراء لقاح "سبوتنيك في"؟ بالفعل، كانت هناك مفاوضات واتصالات بين وزارة الصحة الروسية ونظيرتها المغربية بخصوص التعاون المحتمل في موضوع اللقاح الروسي ضد كوفيد-19، وهناك مفاوضات مستمرة بين الجانبين والاحتمالات والآفاق تبدو ايجابية لمواصلة العمل المشترك. إلى غاية الآن، تم توقيع اتفاق الإطار بين الصندوق الروسي للاستثمارات المباشرة، وهو الهيئة المكلفة من قبل الدولة الروسية بتسويق وتقديم "سبوتنيك في"، والمختبر المغربي "كالينيكا" بالدار البيضاء، للعمل المشترك بخصوص تسويق اللقاح الروسي في المغرب، مع احتمال إعادة تصديره إلى الدول الإفريقية عن طريق المغرب. إذن، الاتصالات مستمرة بين الجانبين لمناقشة تفاصيل التعاون المرتقب، أخذا بعين الاعتبار أن المغرب يتجه إلى تنويع مصادر حصوله على اللقاحات العالمية. ماذا عن تكلفة اللقاح الروسي، هل تختلف عن بقية اللقاحات؟ لسنا خبراء في هذا المجال. لكن تكاليف اللقاح الروسي هي على مستوى المتوسط؛ ليست أغلى اللقاحات وليس أرخصها، توجد آفاق كثيرة لتسويقه إلى الأسواق الخارجية. ما هو ردكم على المخاوف الدولية بشأن لقاح "سبوتنيك V"؟ بطبيعة الحال لتقديم الضمانات بهذا الخصوص لا بد من توسيع التجارب وعمليات التلقيح. لكن الأمر الذي يثير التفاؤل بحسب خبراء في المجال، هو أن اللقاح الروسي يعتمد على منصة الفيروسات الغدية للإنسان، خلافا للقاحات الأخرى الموجودة بالصين وبريطانيا والسويد وأمريكا. في الأوساط العلمية المختصة، مثل هذه الفيروسات تُعتبر أبسط المواد للتعديل وتعتمد على الفيروسات البشرية التي تتعايش معها الإنسانية خلال آلاف السنين، وهي فيروسات معروفة بشكل جيد وأصبحت تستعمل بشكل واسع لإنتاج اللقاحات المختلفة، وليس فقط في كوفيد-19. حتى الآن، لم تظهر أي أعراض جانبية تثير القلق على جميع الأشخاص الذين جرى تلقيحهم باللقاح الروسي في إطار التجارب السريرية. نمر إلى العلاقات المغربية الروسية. قبل أيام، تم الإعلان عن تجديد اتفاق الصيد البحري بين المغرب وروسيا، ما هو تعليقكم على ذلك؟ الصيد البحري من مجالات التعاون بين الرباطوموسكو. وعلى مدار السنوات الماضية، عبر الطرفان عن ارتياحهما بخصوص هذا الاتفاق، فهناك سفن روسية تصطاد في المياه المغربية وبرنامج علمي بين الجانبين للتعاون في مجال البحث العلمي للصيد البحري والثروات الطبيعية البحرية، إضافة إلى برنامج تعليمي لتأطير وتكوين الكفاءات المغربية في المؤسسات الروسية المتخصصة في الصيد البحري. هذا الاتفاق بات شبه روتيني بين البلدين ويتطور بشكل كبير جدا. كيف تقيمون العلاقات المغربية الروسية خصوصا أن هناك من يرى وجود عراقيل في وجه تطورها؟ أولا، أريد الإشارة إلى شيء مهم جدا، وهو أن العلاقات المغربية الروسية بشكل عام حتى في عهد الاتحاد السوفياتي هي علاقات فريدة من نوعها؛ ففي ظروف الحرب الباردة، كان البلدان ينتميان إلى أطراف مختلفة بحكم التقسيم العالمي، ولكن مع ذلك بحكم حكمة القيادات في البلدين، تتسم هذه العلاقات بالهدوء وعدم المواجهة والاحترام المتبادل. جلالة الملك الراحل الحسن الثاني قام بزيارة إلى روسيا سنة 1966 وكثير من القيادات السوفياتية زارت المغرب خلال ستينات وسبعينات القرن الماضي. وعلى المستوى الصناعي والتجاري، شهدت العلاقات بين البلدين تطورات إيجابية؛ فعلى سبيل المثال ال"كليمنتين المغربي" وبقية الحوامض عرفت بالاتحاد السوفياتي وروسيا منذ الخمسينات والستينات وحتى اليوم، تقريبا كل الروس يعرفون المغرب عن طريق الحمضيات المغربية. وبعد انهيار الاتحاد السوفياتي ونهاية الحرب الباردة، حالت بعض القيود العالمية دون الارتقاء بالعلاقات المغربية الروسية إلى مستوى الشراكة الاستراتيجية، لكن اليوم كل مؤسسات الدولة في البلدين، سواء مؤسسات عامة أو رجال أعمال، تشتغل بشكل مكثف لتجسيد الشراكة الاستراتيجية. إذن، نحن نعمل على تطوير التعاون إلى أوسع نطاق ممكن، وخاصة في مجالات التكنولوجيا والمجالات ذات القيمة المضافة وليس فقط على مستوى التبادل التجاري. أما بخصوص تطور العلاقات بشكل بطيء، فهذا حكم نسبي، ونحن نتمنى في السفارة أن تطور الأمور بشكل أسرع. لكن ما الذي يُعيق تطوير التعاون العسكري بين الرباطوموسكو؟ أقول لكم بكل صراحة، نحن منفتحون وليس لدينا أي مشكل بخصوص التعاون العسكري مع المغرب. بل أكثر من ذلك، اقترحنا أكثر من مرة على أصدقائنا المغاربة تطوير التعاون في هذا المجال، وآفاق التعاون متوقفة بشكل كامل على الطرف المغربي. روسيا مستعدة للتعاون مع الجميع في أي مجال من المجالات، وخاصة في المجالات العسكرية. كيف تنظرون إلى التدخل المغربي لإعادة فتح معبر الكركرات؟ الموقف الروسي بخصوص الصحراء الغربية واضح تماما، وموقفنا مبدئي منذ بداية هذا النزاع الإقليمي. أولا، نحن نعتبر أن هذا المشكل استمر مدة طويلة ولا بد من إيجاد التسوية المقبولة للطرفين. أما بخصوص حل النزاع، فنحن مع التسوية العادلة على أساس القانون الدولي المعترف به عالميا بالإجماع، وخاصة القرارات ذات الصلة لمجلس الأمن للأمم المتحدة. وطبعا نحن نرى أنه ليس هناك أي حل لهذا النزاع إلا الحل السياسي التفاوضي، لذلك نحن ندعم جهود الأمين العام للأمم المتحدة في هذا النزاع، ورحبنا بقوة بالمبادرات السابقة للمبعوث الخاص السابق هورست كولر بخصوص ترتيب طاولات مستديرة في جنيف بين أطراف النزاع، بحضور الطرفين الإقليمين الجزائر وموريتانيا باعتبارهما دولتين جارتين. وفي الصدد ذاته، نحن مقتنعون بأن استمرارية الجهود السياسية تخدم تهدئة الأوضاع على الساحة وتشجع كل الأطراف لإيجاد حل للنزاع. وبكل صراحة، فإن ما حصل في الأسابيع الأخيرة بالصحراء جاء نتيجة نوع من ركود في هذه العملية السياسية. ولذلك، فإن المساعي الروسية لتهدئة الأوضاع بالصحراء، بما فيها المكالمات الهاتفية التي أجراها سيرغي لافروف مع نظيريه المغربي والجزائري، دعت كل الأطراف، وخاصة المعنية منها، بشكل مباشر إلى الامتناع عن كل الخطوات وكل الأعمال التي يمكن أن تؤدي إلى تدهور الوضع أكثر. نحن خائفون من استمرار جمود الملف السياسي، ولا بد من تجديد المفاوضات لتفادي مثل هذه الأحداث المؤسفة، بداية من تعيين مبعوث جديد. لكن لماذا كل هذا التأخر في تعيين مبعوث أممي جديد؟ هذا سؤال يجيب عنه الأمين العام للأمم المتحدة والأطراف المعنية كلها. لكن أنت تعرف التقليد الأممي بخصوص تعيين شخصيات من هذا الحجم يتطلب نوعا من التوافق مع الجميع لتفادي الاعتراض على شخصية معنية. وفي علاقتنا مع غوتيريس، نركز دائماً على نقطة تعيين المبعوث الخاص واعادة إطلاق العملية السياسية، وإلا للأسف هناك احتمال كبير لنرى أحداثا مؤسفة جديدة في المستقبل. هل تعتقد أن التوتر الجديد بين المغرب والجزائر قد يقود إلى حرب بالمنطقة؟ كسفير في المغرب، والرأي نفسه لدى زميلي الروسي في الجزائر، أظن أنه لا بد أن نقوم بما في وسعنا لتفادي وقوع هذا الاحتمال. أما بخصوص العلاقات بين المغرب والجزائر، فهذا أمر يخص السلطات المغربية والجزائرية، لكن نحن في روسيا يمكن لنا فقط أن ننادي وندعو المغرب والجزائر إلى القيام بالجهود المناسبة لتحسين العلاقات الثنائية بينهما، لأنه من وجهة نظري، فإن تحسين العلاقة بين البلدين الكبيرين (المغرب والجزائر) في الإقليم وشمال إفريقيا يخدم الجميع ويخدم أيضا الاستقرار الإقليمي وحتى الاستقرار العالمي. إذن، يُفهم من كلامكم معالي السفير أن الموقف الروسي من نزاع الصحراء هو الحياد والوقوف على مسافة واحدة من جميع الأطراف؟ هذا صحيح، إذا كان يمكن أن نسمي ذلك موقفاً حيادياً. نحن مع التسوية السياسية التفاوضية والمقبولة لأطراف النزاع، ونحن في هذا الإطار نشجع وندعو إلى الحوار المباشر لإنهاء هذا الخلاف.