إذا اعتبرنا أن القانون المالي أو قانون الميزانية، أو المالية العمومية بصفة عامة، موضوعها الأموال والأوراق المالية والتمويل، تقوم على خمس ركائز أساسية: الوسائل والإمكانيات، الإجراءات والمساطر، الإدارة والتدبير، المتابعة والمراقبة، التقويم والتقييم؛ فإن مصادر التمويل العمومي، إذن، (محور أساسي ضمن الوسائل) تشكل الركيزة المركزية للمالية. ويمكن تصنيف هذه المصادر التمويلية العمومية، كما هو متداول حاليا، أي حسب آراء الفقه، إلى فئات عديدة وحسب طرق مختلفة. نلاحظ التمييز بين مصادر عادية ومصادر استثنائية، مصادر داخلية ومصادر خارجية، مصادر ضريبية وأخرى غير ضريبية، مصادر دائمة ومصادر عرضية، مصادر ذاتية وأخرى مقترضة، مصادر ضريبية ومصادر تعريفية، مصادر نقدية وأخرى غير نقدية، أسواق رؤوس الأموال وأسواق الوساطة، إلى غير ذلك... 1 مصادر التمويل العمومي من وجهة نظر أخرى في رأينا، يبدو أن كل هذه التقسيمات المالية للموارد تستند في الواقع إلى تصنيف ثنائي، تفريع يختزل، من هذا الجانب، الواقع المالي المدروس إلى أقصاه· إننا نعتقد أن التصنيف الشامل لمصادر التمويل العمومي هاته يمكن حصرها في أربع فئات: أ)- نجد أولا مصادر التمويل العمومي ذات الطبيعة الملزمة، بحيث إن الطرفين ليسا على قدم المساواة، أي أن الاقتطاع يتم تحصيله لفائدة المؤسسات والسلطات العمومية بالإكراه، وبدون مقابل مباشر، أي على شكل مرافق جماعية، مشتركة، تختلف، كما وكيفا، باختلاف درجة دمقرطة الدولة· تشمل هذه الفئة كل ما يتعلق بالضرائب أو الجبايات والمكوس، زكاة إلزامية، جزية، خراج، ضرائب عينية، أو على الأمتعة، ضرائب على الأشخاص، وضرائب على الدم (التجنيد الإجباري)، رسوم في شكل ضرائب، أي إجبارية وبدون مقابل، واجبات أو مساهمات إلزامية، عقوبات ضريبية جنائية أو مالية، أي الغرامات والذعائر والزيادات، عشور التجارة أو الفلاحة، ضرائب على رؤوس الأشخاص... ب)- ونسجل ثانيا مصادر التمويل العمومي التي تتم عن طريق التداول والمفاوضة أو التوافق والتعاقد، شفهيا أو كتابيا، من خلال المساومة والبيع والشراء والإيجار أو الكراء. وتدخل هذه المصادر في باب الأثمنة والأسعار والقروض والتعويضات والعلاوات والتعريفات والأتاوى والمبادلات· وتصنف كذلك في هذا الباب الرشوة والارتشاء بوصفهما مكافأة مرفوضة أو علاوة غير شرعية مقابل خدمة أو مصلحة· ونفس الشيء بالنسبة للمخصصات والإمدادات المبنية على العلاقات السياسية والدبلوماسية التي تربط نوعا من الدول بعضها البعض، وخاصة تلك العلاقة التي تربط دول مصنعة بدول نامية، أو علاقة التبعية الاقتصادية للفئة الأولى بالفئة الثانية... ويدخل كذلك في باب الأثمنة نظام الفراديس الضريبية والقانونية والبنكية من خلال تقديم تسهيلات ومنافع مادية وخصوم ضريبية كمقابل لجلب رؤوس الأموال الأجنبية وتوظيفها في أبناك هاته الدويلات واستثمارها في نفس البلد. وتمارس هذه الدويلات، أو بعضها، كذلك، إلى جانب هذه المنافع الضريبية والقانونية والبنكية المغرية، تجارة الأموال والأبناك وألعاب الكازينوهات والرياضة الباهظة المفرطة. ج)- ونلاحظ ثالثا وجود مصادر التمويل العمومي التي تنبني على الكرم والسخاء والتضحية وانكار الذات. تدخل في هذا الباب العطاءات والهبات والإعانات والإمدادات والمساعدات والدعائم المالية والمنح والتبرعات التي تساهم بها الأشخاص الطبيعية أو المعنوية، العمومية أو الخاصة، لفائدة الدولة المركزية أو الجماعات الترابية أو المؤسسات العمومية وشبه العمومية. وتدرج كذلك في نفس الصنف الإعانات والإمدادات بين الدول المبنية على حسن الجوار، أو العيش الجماعي أو الانتماء لنفس المنظومة القارية أو الجهوية، ويتعلق الأمر هنا خاصة بالإمدادات والإعانات على إثر الآفات والكوارث والجوائح التي تصيب هاته الدولة أم تلك؛ لكن إذا أصبحت هذه العطاءات والهبات والإعانات والدعائم المالية مرتبطة بمقابل لم تبق جودا وكرما وسخاء بل تحولت إلى معاملات تجارية وتدخل على هذا الأساس في باب الأثمنة. د)- ونسجل رابعا وأخيرا مصادر التمويل العمومي التي تنبني أساسا على جودة التدبير، بمعنى أن الإدارة، بصفة عامة، إدارة شأن معين، ذات التدبير الجيد تنشئ مصدرا للتمويل جيدا لا محال، سواء تعلق الأمر بتدبير الشؤون المنزلية أو العمل الجمعوي أو الأنشطة التجارية المقاولاتية أو النشاط الإداري داخل الإدارة العمومية نفسها. دبر الأمور بطريقة جيدة، كما يقول المثل، وسأوفر لك المال الجيد. ومما لا شك فيه أن الإدارة السليمة والتدبير السليم يرفعان المدخرات إلى مستوى يعادل أو يفوق مستوى أهم مصدر من مصادر التمويل لأي منظمة مهما كانت، بما فيها الدولة أو الشركة أو هيئة الأمم المتحدة ذاتها. وعلى هذا الأساس نعتبر أن كل مدبر، داخل إدارته أو مؤسسته، مهما كان شأنه ومقامه ومستواه، يظل مسؤولا عن تدبيره ومعالجة أموال المنظمة التي يوجد على رأسها. 2 تصنيف الدول من خلال أهم مصدر لتمويل اقتصادها كل دول العالم لديها احتياجات لرؤوس الأموال لتمويل اقتصادها، سواء من حيث الاستهلاك، أو الإنتاج، أو الاستثمار، أو الابتكار، أو البحث العلمي للتنمية، أو العجز في الميزانية.... ونميز عادة بين الفاعلين الاقتصاديين الذين لديهم القدرات التمويلية كالمؤسسات المالية، وأسواق الأوراق المالية، والأسر، من جهة، والفاعلين الاقتصاديين، من جهة أخرى، الذين لديهم احتياجات تمويلية كالشركات والدول، وإن كانت تدر أرباحًا بالنسبة للأولى، أو تولد فائضًا، وإن كان نادرا، بالنسبة للثانية. وتقسم الدول حسب مصادر تمويل اقتصادها إلى أربع فئات: أ) - دول ترتكز أساسا على بيع سلعها وموادها الاقتصادية منها دول الريع تمول اقتصادها من البترول أو البنزين أو النفط والغاز، مثل الجزائر، أنكولا، كابون، ليبيا، نيجريا، إكواتور، فينزويلا، العربية السعودية، الإمارات العربية المتحدة، العراق، إيران، الكويت، قطر، أندونيزيا... تموّل هذه الدول اقتصادها أساسا بالأثمنة الناتجة خصيصا عن المبادلات التجارية، كثمن النفط والغاز وهيدروكاربيرات أخرى، أي مشتقات عضوية أخرى من نفس المادة كالبنزين والديزل والبوتان وزيت الوقود والمواد الكيماوية، بنسب قد تفوق في بعض الحالات 90 في المائة من مجموع مواردها؛ مثل العربية السعودية، قطر، العراق أو الإمارات العربية المتحدة. وتمثل هذه الفئة 7 في المائة من مجموع دول العالم، والتي عددها 197 دولة. وهناك دول أخرى من الصنف نفسه تملك احتياطا من البترول، أو من الغاز، مثل روسيا، الولايات المتحدة الأمريكية، المكسيك، الصين، النرويج، كندا، بريطانيا، البرازيل، كازاكستان، ماليزيا، الهند، عمان، أرجنتين، مصر... لكن هذا المصدر الطبيعي، على الرغم من أهميته، يظل غير كافٍ لوحده لتمويل اقتصاد هذه الفئة من الدول، مع العلم أن البعض منها الذي يتوفر لديه فائضا يصدره من هذه الطاقة قد يستطيع أن يخفض نسبة الضريبة... مثل ما هو الشأن بالنسبة للكازاكستان أو ماليزيا أو روسيا أو الأرجنتين أو البرازيل... ويبلغ عدد هذه الدول التي ترتكز أساسا أو بنسبة مهمة على المبادلات التجارية (نفط، غاز، ماس، دهب، فضة، فحم حجري، كاكاو، حديد...) حوالي 20 دولة في المجموع ويمثل 10 في المائة من مجموع دول العالم. ب) - ودول ترتكز لتمويل اقتصادها على جلب الأموال الأجنبية، وتدخل في هذه المجموعة الدويلات التي يقوم اقتصادها على توظيف رؤوس الأموال الأجنبية في أبناكها واستثمارها داخليا؛ وهو ما يسمى بالفراديس الضريبية والقانونية والبنكية، وتعرفها منظمة التعاون والتنمية الاقتصادي (L'OCDE ou l'Organisation de coopération et de développement économique) على أساس ثلاثة معايير: تضريب ضعيف أو منعدم لرؤوس الأموال، انعدام الشفافية ورفض إيصال أو إعطاء المعلومة، بشأن هذه الأموال، لأي سلطة أجنبية تطلبها؛ إلا أن خلال العشر سنوات الأخيرة بعض الدول القوية مثل الولايات المتحدة الأمريكية سارعت إلى التشريع (قانون 2010) لمحاربة التهرب الضريبي وضغطت دبلوماسيا على هذه الفراديس الضريبية والقانونية والبنكية لتسلمها لائحة الشركات والشخصيات الأمريكية التي اختارت مقر نشاطها أو إقامتها داخل تراب هذه الدويلات. حددت منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية لائحة الفراديس الضريبية في 45 بلدا تستجيب لهذه المعايير الثلاثة؛ لكن المنظمات الدولية غير الحكومية حددتها فيما يعادل المائة. ومهما كان الحال، فإذا اكتفينا بالعدد الرسمي 45 فردوسا ضريبيا-قانونيا بنكيا تكون النسبة المئوية لهذه المجموعة حوالي 23 في المائة من مجموع الدول التي ينبني اقتصادها على جلب رؤوس الأموال الأجنبية مثل انجلترا، بلجيكا، سويسرا، البحرين، ليبيريا، شيلي، غواتيمالا، موناكو، أندور، لوكسونبور، باناما، باهاماس، بارباد، كروناد، هونكوك، مالديف، ليشتي شتين، نورو، سيشيل، فانواتو، جبل طارق... ج) - وفئة أخرى ثالثة من الدول ينبني اقتصادها أساسا على الإعانات والهبات والعطايا والإمدادات، نجد هذه الحالة خصوصا فيما يسمى بالدول الأقل تقدما كدول إفريقيا جنوب الصحراء وعددها 33 دولة: مثل جيبوتي، إيريتريا، غانا، الموزمبيق، مدغشقر، تشاد، السودان، الصومال... وفي أسيا 9 دول، مثل أفغانستان، الباكستان، النبال، الكونبوج، اليمن، وفي أمريكا دولة واحدة هايتي.. وفي جنوب المحيط الهادي 6 دول مثل الفانياتو، جزر سالومون... ويبلغ عدد هذه الدول التي ينبني اقتصادها أساسا على الإعانات 49 دولة تمثل حوالي 25 في المائة من مجموع دول العالم؛ لكن الفرق ما بين الدولة المصدرة للبترول والدولة المتسلمة للإعانات أن الأولى مصدر تمويلها يأتيها من الداخل والثانية من الخارج، الأولى مستقلة اقتصاديا والثانية تابعة. وتدخل كذلك في هذا الصنف الدول التي ينبني اقتصادها أساسا على الاقتراض ذي المنفعة الضئيلة؛ لكن توغل الدولة المقرضة في اقتصاد الدولة المقترضة ينخر هذه الأخيرة من الداخل مما يجعلها تدخل في دوامة التبعية الاقتصادية. طلب الاقتراض يكون مقابل سعر الفائدة، مرتفع أو منخفض، والفائدة هي ثمن الاقتراض.. إذن، الاقتراض أو القروض مثلها مثل السلع (نفط، غاز، دهب، فحم حجري، كاكاو، فوسفاط) تباع وتشترى، وتدرج على هذا الأساس في صنف الدول التي تمول اقتصادها بالثمن، بالسعر، بالتعريفة· د)- ونجد أخيرا الدول الضريبية، أي تلك الدول التي يرتكز اقتصادها بالدرجة الأولى على الضريبة كمصدر أساسي للتمويل. وتصنف داخل هذه الفئة دولا كثيرة مثل الدانمارك، فرنسا، فنلندا، إيطاليا، النمسا، السويد، إيسلندا، هنغاريا، ألمانيا، هولندا، إسبانيا، اليابان، مصر، تونس، المغرب، الجزائر... وغيرها كثير وعددها 128 دولة تمثل نسبة 65 في المائة، إلا أن في هذه الدول الكثير منها مثل المغرب ومصر ونيجريا والجزائر وإثيوبيا وغانا وكنيا.... التي خيراتها الاقتصادية فلاحية ومائية (أنهارا و/ أو بحارا) وسياحية ومنجمية قد تجعل منها دولا غنية، وفي غنا اقتصاديا عن الضريبة إذا هي دبرت اقتصادها تدبيرا جيدا. لاحظوا معي هذه التصنيفات فهي لا تكتفي بصنفين؛ لأن التصنيف الثنائي كما لاحظتم غير كافٍ، بل يقزم الواقع إلى أقصاه. 3 ما هو أهم مصدر حاليا لتمويل الاقتصاد المغربي؟ وبمعنى آخر، هل المغرب يعتبر حقًا بلدا ضريبيا؟ سنتطرق هنا إلى أربعة عناصر لدراسة هذه الحالة: مقتضيات الدستور الضريبية، المدونة العامة للضرائب، الإحصائيات الضريبية، والواقع الاقتصادي الحالي بالمغرب. أ)- إذا رجعنا الى المقتضيات الدستورية نجدها تفرض أربعة أنواع من الضرائب في أربع قطاعات أمنية وسوسيو اقتصادية معينة. النوع الأول من الضرائب كما حددها الفصل 38 من الدستور الحالي، 30 يوليوز 2011، هو ضريبة عينية، أو ضريبة الدم، أي التجنيد الإجباري، لفترة محدودة، وفئة اجتماعية معينة: "يساهم كل المواطنات والمواطنين في الدفاع عن الوطن ووحدته الترابية تجاه أي عدوان أو تهديد"· والنوع الثاني من الضرائب حدده الفصل 39 من الدستور: "على الجميع أن يتحمل، كل على قدر استطاعته، التكاليف العمومية، التي للقانون وحده إحداثها وتوزيعها···". هنا تتضح إلزامية جميع المواطنين، حسب القدرة المالية لكل مواطن، على تمويل التكاليف العمومية. والنوع الثالث من الضرائب نص عليه الفصل 40 من الدستور: "على الجميع أن يتحمل، بصفة تضامنية، وبشكل يتناسب مع الوسائل التي يتوفرون عليها، التكاليف التي تتطلبها تنمية البلاد···". هنا كذلك تظهر إلزامية المواطن، بدفع ضريبة تضامنية حسب قدرته المالية، لتمويل التنمية الاقتصادية والاجتماعية للبلاد. والنوع الرابع والأخير، يحدده كذلك الفصل 40 من الدستور: "على الجميع أن يتحمل، بصفة تضامنية، وبشكل يتناسب مع الوسائل التي يتوفرون عليها، التكاليف··· الناتجة عن الأعباء الناجمة عن الآفات والكوارث الطبيعية التي تصيب البلاد". يتضح من هذه الفقرة أن كل مواطن ملزم، في إطار تضامني (ضريبة تضامنية) وحسب قدرته المالية، بتمويل التكاليف الناجمة عن الأعباء التي سببتها الآفات والجوائح والكوارث الطبيعية وغير الطبيعية التي تصيب البلاد؛ لأن جائحة كورونا مثلا، وغيرها كثير من النكبات والمحن، كانت يد الإنسان، من المحتمل، وبصفة أو بأخرى، سببا فيها. ب) - إن وجود مدونة عامة للضرائب تتضمن 641 صفحة حسب الطبعة الأخيرة لسنة 2020 لدليل قاطع على أهمية الضريبة في تمويل الاقتصاد المغربي في النظام الحالي. كما أن العدد الهائل للضرائب المركزية والترابية والمؤسساتية الذي تحتويه المدونة أو القوانين التنظيمية المحلية لدليل آخر على أهمية الضريبة كمورد أساسي في تمويل ميزانية الدولة والجماعات الترابية. تقسم المدونة العامة للضرائب إلى ثلاثة أقسام: يتناول القسم الأول قواعد الوعاء والتصفية والتحصيل والجزاءات أو العقوبات المالية المترتبة على المخالفات المتعلقة بالضريبة على الدخل والضريبة على الشركات والضريبة على القيمة المضافة والضريبة على تسجيل العقود والوثائق. ويتضمن القسم الثاني المساطر الجبائية بما فيها قواعد المراقبة والمنازعات الناتجة عن هذه الضرائب. ويعالج القسم الثالث الضريبة على التنبر والضريبة على السيارات أو المركبات والضريبة على عقود التأمين والضرائب التضامنية على الأرباح وعلى ما يسلمه الشخص لنفسه من مبنى معد للسكن الشخصي· ج)- والإحصائيات الضريبية تثبت لنا كذلك أهمية هذا المورد في تمويل الاقتصاد والميزانيات العمومية، بحيث أن الموارد المالية من أصل ضريبي تحتل مركز الصدارة: أكثر من 233,4 مليارات درهم، وتشكل 90,8 من مجموع الموارد الذاتية، أي بدون موارد الاقتراضات المتوسطة والطويلة الأجل· وتمثل الموارد المالية الغير الضريبية 23,4 مليارات درهم، أي تلك التي مصدرها الأثمنة أو العطاءات، كحصيلة تفويت مساهمات الدولة، حصيلة مؤسسات الاحتكار والاستغلالات والمساهمات المالية للدولة، عائدات أملاك الدولة، موارد الهبات والوصايا وموارد مختلفة. وتساهم المداخيل الضريبية، 233,4 مليارات درهم، في تمويل النفقات العمومية للدولة، 328,6 مليار درهم، بنسبة 71 في المائة، أي نفقات التسيير، نفقات الفوائد والعمولات المتعلقة بالدين العمومي، ونفقات الاستثمار. راجع في هذه النقطة بالذات قانون المالية المعدل للسنة المالية 2020 الجريدة الرسمية عدد 6903 الصادرة في 27 يوليو 2020 عربية، وقانون المالية لسنة 2020، الجريدة الرسمية عدد 6838 مكرر الصادرة بتاريخ 14 دجنبر 2019 فرنسية. د)- لكن في الواقع الاقتصادي الحالي، وعلى الرغم من كل ما سبق ذكره، لا بد من أن نضيف معطيات اقتصادية وإحصائيات مهمة. فإذا أخذنا بعين الاعتبار ثروات المغرب الطبيعية والبشرية (موارد وكفاءات بشرية، مناجم غنية، من بينها الاحتياطات الهائلة للفوسفاط، طاقات مائية وكهرومائية وشمسية وطاقات منجمية أخرى، أراض زراعية وفلاحية وثروة حيوانية، غابات ومناطق سياحية ومآثر تاريخية ومعمارية...) وتفادينا تهريب الأموال الطائلة واحتكار الثروات والسلع والأنشطة، وقمنا بالتدبير الجيد والنزيه، الواعي والمسؤول، والتوزيع العادل لهذه الخيرات، لن ندرج أبدا في قائمة الدول الضريبية. إن الدولة الغنية بخيراتها وثرواتها ورجالها ونسائها ليست في حاجة على الإطلاق إلى الضريبة إذا هي دبرت اقتصادها وماليتها وميزانياتها تدبيرا جيدا، تدبيرا سليما، وإدارة كفء ومسؤولة، وحكامة رشيدة. يستورد المغرب حاليا 95 في المائة من الطاقة المستهلكة داخليا والتي تساهم في تغطية حاجاته من هذا المصدر بنسبة 42 في المائة فقط، وإن كانت الطاقة الشمسية الطبيعية جد متوفرة في المغرب. كما أن تركيب شبكة طاقية شمسية في ورزازات منذ سبع سنوات لتزويد الساكنة المحلية بالكهرباء لا تزال غير كافية ولو للمنطقة نفسها. كما أن عائدات مناجم الفوسفاط تدر على المغرب سنويا ما يعادل 50 مليار دولار أمريكي أي ما يعادل 455,5 مليارات درهم، بنسبة 41 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي، وأرباح القطاعات الاقتصادية الكبرى الفلاحية والزراعية والعقارية والسياحية والبحرية (الصيد البحري في أعالي البحار) هبة أو احتكار القطاع الخاص تتجاوز بكثير مبلغ 500 مليار درهم، ناهيك عن ثروات أخرى عديدة. كل هذه الخيرات والثروات الطبيعية إذا هي دبرت بطريقة عقلانية في اتجاه الصالح العام وبناء الوطن قد تجعل من المغرب دولة تعتمد في دعم اقتصادها على خيراتها ومواردها البشرية أكثر مما تعتمد حاليا على الضريبة. *أستاذ التعليم العالي في القانون والمالية والضرائب ومنهجية البحث العلمي، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية، جامعة القاضي، مراكش