لولا تحليل البيانات لما تم تصنيع الأدوية واللقاحات... من خلال تتبعنا للمستشفى الجهوي بكلميم ما قبل وبعد أزمة كورونا، وخصوصا قسم الطوارئ الذي تمر عليه أشكال وألوان من الحالات المرضية في اليوم، طبعا من واجب هذا القسم التعامل مع كل حالة بما يلزم، لكن في الغالب دائما هناك اكتظاظ في الحالات، يقابله خصاص في الموارد البشرية أو سوء في تدبيرها، وأيضا خصاص في الأجهزة الطبية؛ وكما نعرف فإن الحالات الطارئة والحرجة تحتاج السرعة والدقة في التعامل معها نظرا لدرجة الخطورة، وهذا ما يضع المواطن في حيرة من أمره، ويضع هذا المرفق الحيوي في سمعة سيئة. إذا ما الحل وما العمل؟. إن هذا المرفق الحيوي يعيش ظاهرة هدر البيانات الصحية، علما أن تجميع وتحليل البيانات هو الحل؛ إذ سيفيدنا في معرفة كل شيء عن الحالات المرضية من ناحية نوعيتها، درجتها، الطبيب الذي تحتاجه، الأوقات والتواريخ التي تكثر فيها، وغيرها من البيانات الضرورية. وبعد تجميع هذه البيانات تطبق عليها خوارزميات معينة، لتحليلها (مثال: التعلم الآلي، التعلم العميق ...)، ليتم استخراج معلومات كثيرة ومفيدة، ومعها عدد الحالات في كل يوم، واليوم الذي تكثر فيه، وعدد الحالات التي تتكرر في نهاية الأسبوع، ونوع الحالات التي تستغرق وقتا كثيرا في المعالجة، وعدد الأطباء الذين يجب توفرهم، وكم يستغرق من الوقت في التعامل مع كل حالة، فتكون هناك مؤشرات وإشعارات، وبهذا يمكن لقسم الطوارئ أن يعرف كل شيء ويتعامل مع أي طارئ في الوقت الفعلي والمناسب. فمثلا تتم زيادة عدد الأطباء المتخصصين في يوم معين، لأنه تمت معرفة أن الحالات المعنية تكثر فيه، ليتم منح الإجازات في الوقت المناسب، وتوزيع أوقات العمل حسب الزحمة. والأكثر من ذلك يمكن استخراج نشرات أسبوعية توجه لجميع الصيدليات عن أسماء الأدوية التي يجب توفيرها، وبالتالي تغطية حاجيات المواطن في الوقت الفعلي، وكذلك يمكن توزيع وتدبير الموارد البشرية الصحية على مستوى الجهة بشكل عقلاني يحترم العدالة المجالية، بناء على أولويات الحالات المرضية. كما يمكن توزيع الحالات المرضية البسيطة على باقي مستوصفات الأحياء حسب الأيام، بناء على تحليل بيانات العناوين مع نوع المرض ودرجة حدته، كما سيمكنها توزيع المواعيد على المواطنين في آجال معقولة وجد مرضية. إنه بالاعتماد على علم تحليل البيانات سيتم تسريع الإسعافات، وتخفيض حالات العودة للمراجعة، وبهذا ستكون الدقة في العمل إلى حد ما، وسنحصل على فريق عمل منسجم وسريع وفعال. إن تحليل البيانات ضرورة مستمرة وليس استثناء لنجاح العمل بالمستشفيات. *باحث في الاقتصاد القياسي وعلوم البيانات