الدكتور مصطفى تاج الدين تحية طيبة وبعد؛ لم تفاجئني بلغة ومضمون مقالكم المتشنج حول "الفراغ القيادي" لكن دهشتي كانت كبيرة من تضايقكم الكبير من النقد الذي تدعيه إيمانك به وممارستك له. إن المطالبة في نبرة لا تخلو من تحد "بسرد رجالي وتآليفهم وحقول اشتغالهم" والدعوة إلى المناظرة ليس من خلال مراسلة محددة الموضوع مبينة الزمان والمكان وموجهة إلى العنوان البريدي أو الإلكتروني للمعني بالأمر جاءت توقيعا لمقال سجالي وعبر موقع إلكتروني مما يخرجها عن الجادة ويدخلها في باب المزايدة. لقد مررنا مرور الكرام على عدد هائل من المقالات كانت اتهامات اصحابها أشد واستهدافهم للحركة أقوى، لكن لم نستسغ أن تصدر مثل تلكم الاتهامات من "مقام علمي" يحمل شهادة الدكتوراه ومن موقع عملي كان في يوم من الأيام قريبا من الذات المتهمة ويفترض أنه على اطلاع ضاف بالحركة ومواقفها سواء من العنف ايا كان مصدره وايا كان الهدف منه أو من بعض المسلكيات في التغيير لا سيما في ضوء بعض التجارب التي ترفع كليشيهات للترويج لصورة نمطية هدفها النيل من سمعة الحركة الإسلامية وتشويه صورة الإسلاميين مهما بلغت اجتهاداتهم. لقد عاتبتني على ما أسميته استبعاد وعلى عدم منع شيطان نفسك من أن يمعن النقد في حركتنا، غير أنني لم استوعب وجه الربط بين نقد الآراء واستبعاد أو تقريب أصحابها، ثم من يكون العبد الضعيف حتى ينشغل بتقريب هذا أو باستبعاد ذاك وأخيرا متى خشيت الحركة من نقد النقاد أحرى من شيبطان نفس أحد أو من ملاك روحه لكن خشبتي كبيرة أن يتم اللجوء إلى تعويض مشروعية الحجة بمشروعية نفسية وعاطفي. إن محاولة تأسيس القول على "مظلومية إنسانية" لدفع "حجج نقدية" لا يمكن أن يسعف في مثل هذا المقام ببساطة لأن تهمك للحركة من التضايق من "القول النقدي" إنما ينطبق في المقام الأول على مقالك الذي جاء هذه المرة بلغة عاطفية ونفسية أكثر من ميله إلى اللغة النقدية أو العلمية. لقد ساهمت بمقالك حول "الفراغ القيادي المزعوم" في تحويل ما سجلته من ملاحظات نقدية حول مضامين مقال سجالي، إلى صك اتهام جديد عبرت فيه عن مستوى من "الانفتاح النقدي" غير مسبوق ومارست فيه قدرا من "التسامح الفكري"غير عادي لكنك في نهاية المطاف عبرت عن تضايق لا يضاهى من النقد بدليل مفردات قاموسك التي استعملت ولغتك الإشارية السامقة التي استخدمت . فهنيئا لك بهذا النضج ولتهنا بهذا الإنجاز. يحق لك أن تتهم غيرك بتعويض النقد الموضوعي بما أسميته "تشويه السمعة" لكن أود أن تحول أصبعك نحو ذاتك وتنظر في لائحة الإتهامات الصريحة وإشاراتك الواضحة بدءا من عنوانك وانتهاء بالغمز "بالتضخم السياسي" والمكيافيلية والنزعة التطهرية والحربائية السياسية ... وهلم جر من مصطلحات التحشيد النفسي التي تتقن ببراعة نادرة تدبيجها . أخي الكريم على حد علمي فقد اخترت "المدخل الثقافي وأدوات "البحث العلمي" طريقا لمساهمتك في الشان العام وما عبته عنك هو تنكبك عن ذلك وانحيازك في مناقشة اختيارات الحركة لمواقف جهات مناوئة وأنت الذي عرفت على الأقل في المرحلة الجامعية بدقة التثبت والتمحيص قبل الحكم. فبمقدار إيماننا بحقك في نقد الحركة وبحريتك في قول ما تريد حول فكرها وأدبياتها بقدر ما نحتفظ بذات الحق في مناقشة هذه الآراء والرد عليها بكل الصرامة المنهجية المطلوبة والتعبير عن حجم الخيبة عندما تنح المواقف منحى التهجم . إن النقد العلمي للحركة هو أعز ما يطلب بالنسبة إليها، وتوشك لو توفرت الإمكانيات أن تعلن عن طلب عروض تشارك فيها مختلف مكاتب الدراسات المتخصصة ومختبرات تحليل الخطاب المتميزة وكل باحث جاد يانس في نفسك قدرة على النصح العلمي للحركة لعل الصفقة ترسو على أجود وأجرأ دراسة علمية تاريخية نقدية للحركة وأدبياتها وقاموسها الفكري وإنتاجها العلمي . وذلك لأن الحركة تؤمن فعلا وقولا بكونها خط تجديدي اجتهادي نقدي في مسار ومسيرة الفكر والعمل الإسلامي مهما كان تقييمك أنت لهذا الإدعاء (وأنت حر فيه بطبيعة الحال) ومهما كانت محاولتك لمصادرة ذلك عنها وعن قياداتها فالحركة تدرك أن لا قيمة مضافة ها في المشهد الإسلامي إن هي تخلت عن هذه الرسالة. وصدقني سأكون لك غاشا إذا عمدت إلى مجاملتك فمن يحب أحدا فعليه أن يقول له الحقيقة كاملة وبدون مساحيق طبعا كما يتصورها حتى ننسب وجهات نظرنا ونعفيكم من إضافة تهمة جديدة تتعلق بالإطلاقية والوتيقية إلى لائحة اتهاماتك التي لا تنتهي . أعترف بضعف زادي في مجاراة "القاموس الخاص" الذي تجيد استخدامه بما يتوفر عليه من مقدرة هائلة على التحشيد وقدرة خرافية على الشحن من قبيل "الاستكبار الانتخابي و"القول عن فخر" .... غير انني لا أمانع في إجابة دعوتك إلى تلكم المناظرة وأعتبر هذا المقال السريع خطوة أولى على طريق هذه الإستجابة. حركة التوحيد والإصلاح وتهمة التحزب والتمذهب إذا كان للحركة من قيمة فكرية يمكن أن تعتز بها والتي جعلتها قبلة لعدد غير قليل من الباحثين والفاعلين والمهتمين من داخل المغرب ومن خارجه من أجل الإطلاع والمدارسة، فهي تلكم الأفكار المبدعة التي أغنت بها الفكر والممارسة الإسلاميين في عدد من المجالات ذات الصلة بسؤالك. فمذ الوهلة الأولى رفضت الحركة أن تتحول إلى حزب سياسي تماما كرفضها التحول غلى جماعة طائفية مغلقة يمكن أن تدعي أنها "جماعة المسلمين" أو تحتكر النطق باسم الإسلام، ومن هنا جاء تأكيد الحركة في ميثاقها على لفظة "الإسهام" بما لها من دلالة تصورية كبيرة. إذ الحركة لا تعتبر نفسها الفاعل الوحيد في الساحة ولا تحتكر النطق باسم الدين أو تصادر حق العمل به، بقدر ما تؤكد على أهمية تكامل العاملين في الحقل الإسلامي وتكاتفهم، وأهمية تعبئة جهودهم واستثمار كل الفرص والمؤسسات القائمة أو إحداث ما يلزم منها. ولذلك كان من بين أهم المبادئ والمنطلقات التي أكد عليها "الميثاق " مبدأ التعاون على الخير مع الغير. وإصرار الحركة على رفض التحزب والتمذهب هو من بين الأسباب التي دفعتها إلى تغيير اسمها من "الجماعة الإسلامية" إلى أسماء يتجاور فيها معني السعي إلى الإصلاح مع التطلع إلى التجديد في إطار دلالات الفعل والنظر الذي ترمز إليهما كلمة حركة وكل ذلك في إطار تمثل معاني التنسيب والتواضع والاجتهاد والإسهام مع الآخرين وعدم التعالي عليهم كما في قوله تعالى على لسان سيدنا شعيب عليه السلام " إن أريد إلا الإصلاح ما استطعت وما توفيقي إلا بالله عليه توكلت وإليه أنيب". ذات الفهم نجده في معاني الرباط والرابطة استعانة بالصبر والمصابرة على العمل الإسلامي المؤسس على العلم والتربية الذي تحيل إليه معاني اسم رابطة المستقبل الإسلامي المكون التاريخي الآخر للحركة والتي كانت تجتهد لتمثل دلالات قوله تعالى " يا أيها الذين آمنوا اصبروا وصابروا ورابطوا واتقوا الله لعلكم تفلحون" أل عمران. ولإدراك الطبيعة الدعوية التربوية والإصلاحية المنافية لأي تحزب والمفارقة لأي تمذهب على أساس"الولاء والبراء" بالمعنى الطائفي للكلمة، كما زعمتم، يمكن التوقف مليا، بدون إدعاء ولا تجن، على مفردات رسالة الحركة بما هي "حركة دعوية تربوية، وإصلاحية معتدلة، وشورية ديمقراطية، تعمل وفق الكتاب والسن"، الرجوع وأيضا إلى ميثاقها بما هي "حركة دعوية تربوية على منهاج أهل السنة والجماعة، تعمل في مجال الدعوة الإسلامية عقيدة وشريعة وقيما وآدابا، من أجل الالتزام بمقتضيات الإسلام وإقامة أركانه وأحكامه على صعيد الأفراد والمجتمع والدولة“. وهو ما يفيد أن الحركة ذات هوية دعوية وتربوية بمنهج إصلاحي معتدل، وطابع شوري ديمقراطي ومرجعية عليا للكتاب والسنة. كما أنها جاءت نتيجة لمراجعات عميقة في الفكر والممارسة وانبتت على ثلاث أسس متينة، هي المرجعية العليا للكتاب والسنة، واتخاذ القرار بالشورى، وتحمل المسؤولية بالانتخاب، وتقوم على ركيزتين أساسيتين هما التوحيد والإصلاح فهل ما زال ثمة مجال لادعاء التحزب أو التمذهب.؟ ولدفع أي شبهة بإدعاء أن هذا التحديد إنما يشكل تكتيكا يخفي الأجندات الفعلية بعيدة المدى، حرصت الحركة أن تضمن رؤيتها الإستراتيجية ، بما هي حلم بعيد المدى، ما لا يدع أي مجال لمثل هذه الإدعاءات، يتمثل ذلك في إقرار الحركة بأن حلمها هو السعي في المغرب من أجل إرساء "عمل إسلامي تجديدي لإقامة الدين وإصلاح المجتمع" وهو مجهود متواصل يشمل، بما هو عمل إسلامي : جهود الحركة ويتجاوزها ليتحول إلى مؤسسات اجتماعية تسهم في إقامة الدين وتحافظ على مكتسباته وتوسع مجالات حضوره وتوجيهه لنشاطات الأفراد والمؤسسات والعلاقات. وتكون فيه قضية الدعوة إلى الله والتربية على أخلاق الإسلام قضية دائمة ومستمرة ينبغي أن تبقى ملازمة للمجتمعات في مختلف أطوارها. وينبغي الاستمرار في أداء رسالتها في جميع الأحوال والظروف والمواقع. ويتضمن، بما هو عمل تجديدي: تجديد للفكر والتصور، وتجديد العقيدة والإيمان وتجديد السلوك والأخلاق، وتجديد العلاقات والمؤسسات الاجتماعية. وكل ذلك بناء على فهم متجدد للدين يأخذ بعين الاعتبار التجدد في الأوضاع والتطور في أحوال الناس والمجتمعات. ولم يكن هذا مجرد إدعاء وتقول بلا فعل، وإنما تمكنت الحركة من مراكمة مجموعة من إنجازات ذات الصلة بهذا المجال والتي مست أربع مستويات: شملت في المستوى الأول، التجديد في الهدف العام بالانتقال من منطق إقامة الدولة كهدف عام سجنت الحركة الإسلامية نفسها فيه لما يربوا عن نصف قرن، قبل أن تشق المراجعات الأخيرة طريقها إلى بلورة هدف أشمل يتمثل في مقصد إقامة الدين، وتحويل جميع أعمالها نحو هذا الهدف الجامع، وهو ما أخرجها من ضيق السياسة إلى سعة الدين ورحابة أفقه . كما شمل التجديد، في المستوى الثاني، مجال التأصيل الإيجابي، إذ عوض أسلوب الانشغال بتسفيه الاختيار المخالف، والانشغال بالرد عليه، اتجهت الحركة مباشرة إلى توضيح توجهاتها وتأصيل اجتهادها دونما حاجة إلى تحطيم اجتهادات الآخرين، مما ساهم في إبقاء علاقاتها متميزة مع جل الجهات والفاعلين. وفي مستوى ثالث شملت إنحازاتها المتواضعة في هذا المجال، التجديد على مستوى التنظيم بانتقال الحركة من تنظيم مركزي جامع وشمولي، إلى مشروع موحد، رسالي ومتعدد المؤسسات، وهو أمر جديد في تطبيقات الحركة الإسلامية، وفي التنظيمات المعاصرة. وفي مستوى رابع وأخير، امتدت جهودها إلى التجديد في مجال الاشتغال تجاوزت فيه تصورها التقليدي للتنظيم الذي كان يمثل بالنسبة إليها كغيرها من فصائل الحركة الإسلامية، مركزا للاشتغال، يدور العمل في فلكها، وإليها يعود بالاستقطاب والتقوية، إلى معنى رسالي لهذا التنظيم صار فيه المجتمع هو مجال اشتغال الحركة لإقامة الدين كمقصد عام، والتنظيم آلية ووسيلة لبلوغ هذا الهدف. ولتنزيل هذا الفهم الجديد تمت مواكبة ذلك بإبداع "سياسة التخصصات"، التي مكنت مجموعة من مؤسسات الحركة من العمل في إطار المشروع الواحد، دون الخضوع لوصاية مركزية ودون أن تتحول إلى أذرع أو واجهات للتنظيم المحوري. وهو ما شكل عناصر نظريتها في التنظيم الذي يستوعب وينزل فهمها التجديدي لعلاقة الديني بالسياسي وما يتفرع عنه من علاقة الدعوي بالحزبي. وفي ذات السياق اندرجت سلسلة المراجعات التي رسخت عدد من المقولات الفكرية المؤسسة في منهج الحركة ومنها أن شمولية الإسلام لا تعني بالضرورة شمولية التنظيم وأن مقتضيات الرسالية تستوجب الانتقال من التنظيم الجماعية القائم على الاستقطاب والباحث عن البديل، إلى العمل الرسالي الساعي إلى الاشتغال مع الناس في باحات المجتمع والساعي إلى أيجاد المشترك للانخراط فيه والتعاون مع الغير لإنجاحه. وفي هذا الإطارن إذا كان للحركة ما تعتز به فهو ما كرسته بمساهماتها المتواضعة في تنسيب الفكر الإسلامي والتأكيد في أدبياتها وممارساتها على أنها مجرد فهم من الإفهام واجتهاد من الاجتهادات وأنها لا تحتكر النطق بالاسلام ولا تضفي العصمة أو هالة على أي من الاجتهادات البشرية أو أي كسب إنساني فردي أو جماعي في مجال التدين. كل ذلك غير جدير بالاهتمام من قبلكم ولا يستحق أي تأمل نقدي للبحث في ثناياه عن مزاعم تحول الحركة إلى حزب او إلى جماعة قائمة على الولاء والبراء. حركة التوحيد والإصلاح ومكانة العلماء أما عن سؤالكم الإستنكاري عن العلماء، موقعهم ومكانتهم وبقاؤهم أو طردهم، فأنا بدوري أتساءل معكم عنهم وما هي مواصفاتهم؟ وسؤالي اشد عن خيرة هؤلاء العلماء ممن يحملون الفكر النقدي والذين طردناهم من الحركة. فأنا اعترف أمام علمكم الغزير وإدراككم العميق بعجزي عن سرد وتسمية رجالي وعن عد تآليفهم وتخصصاتهم، فهل تفضلت بعد هؤلاء العلماء الذين طردتهم الحركة ونورتنا بعنوان كتاب واحد لكل منهم؟. ثم هل من أخرجهم مقالكم من الحركة بجرة قلم هم خارجها بالفعل أن أنه مجرد أمنية تأمل أن تجد مستمسكا لمزاعمكم بخلو الحركة من العلماء أو أكثر من ذلك بأنها حركة تطرد العلماء، فهل الدكتور الريسوني عضو المكتب التنفيذي ورئيس اللجنة العلمية بالحركة والدكتور الروكي العضو السابق بمجلس الشورى إلى غاية 2010 والعضو في اللجنة العلمية للحركة إلى غاية اليوم هم فعلا خارج الحركة؟ . ولا أريد أن أناقش باقي الأسماء لعلك بفطنتك تعلم السبب. أما عن الدكتورفريد الإنصاري رحمه الله وأسكنه فسيح جناته والذي لم يسلم من سهام أقلامكم وناله نصيبه من الإتهام قبل أن تفرحوا بكتابه الذي تغمز الحركة به، وتستدعي أقسى ما فيه وأنت تزعم أنكم عاتبتموه فيه على قسوته وتنشرحوا بما قاله رحمه الله في لحظة انفعال نفسي وضعف إنساني، له أعذاره على كل حال وغفر لنا وله، فقد ردت قيادة الحركة علميا ومنهجيا على ما بدا لها انه يستوجب الرد وحفظت له الحركة مقامه ونصحه لها في ما دون ذلك، وهو على كل حال في دار البقاء عليه الرحمة الواسعة في نصحه ونقده كما فرحه وغضبه لأننا نضع الناس منازلهم أيا كان رأيهم فينا أخطأوا أم أصابوا، و كتابه رغم ما به من قسوة كما اعترفتم بذلك لا تخلو مكتبة من مكتبات أعضاء الحركة منه ولا يكاد يخلوا لقاء من الإحالة على ما تضمنه تزكية لفكرة أو نقدا لأخرى في الوقت الذي كان يتخيل فيه بعض ممن يعرف الحركة أنها ستضعه ضمن قائمة الكتب الممنوع تداولها . بلى لقد قال الدكتور فريد الأنصاري ما قال في حق الحركة وكتابه منشور ومعروف وكان موضوع مناقشة ومدارسة في حينه فما الجديد ؟ وأين تدرج وصيته بعدم طبع الكتاب ضمن أعماله التي تتهافت على إعادة طبعها العديد من دور النشر؟ ألم يكن حري بكم وأولى أن تترحم على هذا الرجل المبدع بدل أن تاكل الشوك بفمه؟ بما تقتبسه في غير محله حتى تتمكن من التنصل من ذلك إذا ما وجهت من جديد بتبنيك لمثل هذه النعوت في حق الحركة من قبيل اتهام دعاة وقادة بالعقارب أين تصنف هذا النوع من التقديه ايا كان مقام من يصدر عنه في حق من نختلف معهم هل هو النقد أم هو العلم والفكر والإبداع إذا كان كذلك فأرجو أن تشطبني من لائحة معتنقيه بل وتتهمني بمعاداته وإذا كان العكس فقل لي بربك عن سر هذا الإستدعاء لهذه الجملة من هذا الكتاب . لنفترض معكم أن الحركة صارت خاوية على عروشها بعد أن غادرها "الشباب المفكر العالم" فعدد لي بربك أسماء هذا الشباب المفكر والعالم وأرشدنا يرحمك الله إلى الهيئات العلمية والمؤسسات الأكاديمية التي عمروها وأعمروها بعد أن صارت الحركة خاوية بخروجهم منها، وأين ركزهم وأين أثر علمهم وفكرهم، وصدقني فأنا لا أمزح بل سأكون مسرورا عندما أرى من ضاقت به فضاءات التنظيمات ولم يصبر على مكابدات العمل الجماعي، أن أجدهم محلقين في سماء الفكر الحر من كل قيد المستقل عن أي ضغط أو توجيه المبدع لما ينفع الناس، وعندها سنلحق نحن به تلاميذ ومريدين، ونترك بريق المناصب في الحركات التي تحولت إلى أحزاب، وريع الجماعات التي تأسست على مفاهيم الولاء والبراء ونهجر لعاع الدنيا ودريهماتها. أخي الكريم شكرا لك على الموعظة الرقيقة والإشارات العميقة التي ذكرتنا بها في معرض تساءلك عن موقع الحركة من الآيات التي تنزلت تربي الصحابة الكرام ومجموع الأمة بعدهم مما يبقى من تعلق بالدنيا ولعاعها كقوله تعالى "منكم من يريد الدنيا ومنكم من يريد الآخرة" وهو سؤال يشكل عمق انشغالنا وحوله ندندن في جلساتنا الأسبوعية ورباطاتنا الموسمية وفي اجتهادنا الفردي والجماعي حتى نعلم ونغنم ونأخذ العبرة ونسلم، ونتمنى من الله أن نفوز بحسن الخاتمة، غير أنني لا أنسى ليس من باب المراء ولحن الحجة بل من باب الحرص أن أتوجه إليكم بذات السؤال أينكم أخي الكريم من هذه الآيات الكريمة وأينكم من هذا القرآن العظيم؟ راجيا من المولى تعالى صادقا أن تكون أفضل مني حالا واصدق مقال في تعاملك مع القرآن والعمل به وفي التأسيس بسنة خير الأنام والاستفادة من هديه "الصحيح طبعا" . أخي الكريم أيا كان حكمكم على حقيقة اطلاعي على ما تكتبه وأنا المعترف بتقصيري إذا كانت هناك كتابات غير المقالات التي تنشر في موقع الشهاب وبعض أعداد جريدة الشرق الأوسط وأخيرا موقع هسبريس، غير أن ما يجب أن تدركه على الأقل هو أن الكتاب الذي اشرت إليه والصادر عن مركز المسبار قد شرفت بالإطلاع عليه في الأسابيع الأولى التي أعقبت صدوره، بعد إعارته من أحد الأصدقاء بعد أن أعياني الطلب ولم أجده في السوق، لكن مفاجاتي هي أنني لم أجد فيه ما ادعيت ولم أجده سوى مجموع مقالات، وقد نتجاوز بتسميتها "دراسات"، صدرت عن مجموع من الأخوة في مقامات مختلفة وفي مناسبات متباينة أعمقها في رأيي مقالة كل من الأستاذ مصطفى الخلفي والدكتور جمال بامي، وجمعت من غير رابط منهجي متين وخارج أي تماسك معرفي فهو على نمط المدونات التي تعمد إليها بعض المجلات لأعادة طبع ما تراه مناسبا من المقالات السابق نشرها في مناسبات معينة وقد وصلني إمتعاظ البعض من طريقة نشر مقالته رفضا لأي تماهي محتمل مع اي موقف بدون إستشارته. واكتفي بهذا مخافة التطويل إلى إسهام أخر في هذا النقاش مع الشكر لك على فتح هذا الموضوع للتداول العمومي أما النصح فله أدبياته وقنواته وكلنا آذان صاغية له بشرطه.