ثار رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد مخاوف من اندلاع حرب أهلية في بلاده بإعلانه الأسبوع الماضي أنه سيرسل جنودا إلى منطقة تيجراي بشمال البلاد لإخماد ما قيل إنها انتفاضة لحزب سياسي وجماعة متمردة تسمى جبهة تحرير شعب تيجراي. وفرضت الحكومة، منذ ذلك الحين، حالة الطوارئ لمدة ستة أشهر في المنطقة. وأشار رئيس الوزراء، الجمعة الماضية، إلى أنه "سيتم استخدام القوة المتناسبة لاستعادة القانون والنظام". ونشرت مجلة "ذا ناشونال انتريست" الأمريكية تقريرا ذكرت فيه أن إثيوبيا باتت في مفترق طرق، وأن الانقسام العرقي الحالي في إثيوبيا سيؤدي في النهاية إلى تمزيق الدولة. وأشارت المجلة ذاتها إلى أنه إذا طال أمد عدم الاستقرار الحالي، فإن إثيوبيا ستعاني للأسف من نفس مصير يوغوسلافيا. وقالت إن رجل إثيوبيا القوي السابق ملس زيناوي، مهندس النظام الاتحادي العرقي، رحل منذ فترة طويلة؛ لكن حضوره الغامض قد غاب وبثمن باهظ عن أديس أبابا. وكانت قيادة زيناوي ذات أهمية قصوى لاستقرار إثيوبيا. وكان زيناوي لإثيوبيا بمثابة جوزيب بروز تيتو ليوغوسلافيا. والسؤال الذي يطرح نفسه هو: إلى أين تتجه إذن إثيوبيا.. إلى التفكك أم الإصلاح، في عهد رئيس الوزراء الإثيوبي الجديد آبي أحمد؟ منذ وصوله إلى السلطة في عام 2018، شرع آبي أحمد في إصلاح الهيكل السياسي والاقتصادي لإثيوبيا بسجلات مختلطة، وأقام السلام مع إريتريا، وقام بإطلاق سراح السجناء السياسيين والصحافيين وحدّ من الفساد؛ إلا أن الانقسام العرقي والنزعة الانفصالية وعدم الاستقرار وعدم الأمن قد طغت على إصلاحاته. وكانت إثيوبيا منقسمة عرقيا لفترة طويلة، وخضعت لحكم عشائر عرقية منذ إقامتها كدولة حديثة. وتقول المجلة الأمريكية سالفة الذكر إن السخط العرقي الحالي سيمهد الطريق إلى تفكيك هذه الدولة، صاحبة أكبر عدد من السكان في إفريقيا بعد نيجيريا حيث يبلغ تعدادها 115 مليون نسمة. وتقع إثيوبيا في واحدة من أكثر مناطق العالم اضطرابا، منطقة القرن الإفريقي. وإذا أصبحت إثيوبيا "يوغوسلافيا القرن الإفريقي" فإنها ستغير جذريا المشهد الجيو سياسي والجيو اقتصادي للمنطقة. وتضيف المجلة ذاتها أن "براجماتية آبي أحمد وسذاجته السياسية بدتا واضحتين لأن إثيوبيا على شفا الانزلاق لحرب أهلية عرقية".... وأن "الكراهية العرقية التاريخية السابقة بين عرقيتي الأمهرة والأورومو تحمل بين طياتها أسبابا لاندلاع حرب أهلية عرقية.... و"الحرب الأهلية العرقية هي حقيقة يجب على إدارة آبي أحمد أن تتعامل معها، ولسوء الحظ ، كانت إدارته في سبات". وسوف يؤدي تفكك الجبهة الديمقراطية الثورية للشعب الإثيوبي (ائتلاف الأحزاب الحاكمة في إثيوبيا) وتأسيس حزب مركزي (حزب الازدهار) ، وهو جزء من إدارة آبي أحمد، إلى تسريع اندلاع الحرب الأهلية العرقية في نهاية المطاف في إثيوبيا. وأدى تفكيك ذلك الائتلاف والمطاردة المتعمدة والمحسوبة لأعضائه السابقين من منطقة تيجراي إلى أضرار لا يمكن إصلاحها بين منطقة تيجراي وإدارة آبي. وكانت إدارة آبي أحمد قد أرجأت الانتخابات الوطنية الإثيوبية بسبب جائحة فيروس كورونا، وتحدت منطقة تيجراي سلطة الحكومة المركزية من خلال إدارة انتخابات في عام 2020. وأجرت منطقة تيجراي انتخابات إقليمية تنتهك تفويض الحكومة الاتحادية. وكان إقامة تيجراي المستقلة أمرا موجودا منذ عام 1976 في ظل بيان تيجراي الكبرى؛ لكن الانفصال وضم الأراضي الإريترية سيكون مستحيلا. ومع ذلك، وبدون ضم الخطوط الساحلية الإريترية واستعداء الإريتريين، يمكن أن تصبح تيجراي المستقلة حقيقة واقعة. كما أن تشكيل ميليشيات عرقية في إثيوبيا هو مؤشر على السخط والكراهية العرقية بين الجماعات العرقية الأكثير نفوذا في إثيوبيا. وهذه هي مؤشرات تحذير واضحة على أن إثيوبيا تتجه نحو حرب أهلية عرقية، وأن إدارة آبي أحمد جلبت غموضا وانفلاتا أمنيا في ثاني أكبر دول أفريقيا سكانا. وتضيف أن "الإصلاحات السياسية التقدمية المثالية للأمل والتغيير هي نوافذ فرص لتفكك إثيوبيا. ولسوء الحظ، فتح آبي أحمد الكثير من الأبواب بإصلاحاته الساذجة، إلى درجة أنه مسؤول عن الوضع الحالي لإثيوبيا". وترى مجلة "ذا ناشونال انتريست" الأمريكية أن "آبي أحمد سيصبح في نهاية المطاف ديكتاتورا يعمل خيرا (أي يمارس السلطة السياسية لصالح كافة السكان وليس لصالحه الخاص أو لصالح جزء صغير من الشعب) مثل أسلافه لمنع مناطق إثيوبيا المختلفة من الانفصال، كما فعلت إريتريا في عام 1991".