بعودة حميد شباط، الأمين العام السّابق لحزب الاستقلال، إلى البرلمان، بعد سنواتٍ من العزلة والّركون إلى بلاد "الأتراك" و"الجرمان"، واستمرار عبد الإله بنكيران، الأمين العام السابق لحزب العدالة والتنمية ورئيس الحكومة السابق، في الظّهور عبر مواقع التّواصل الاجتماعيّ، يكون المشهد السّياسي على استعدادِ لعودة قويّة لخطابات "الشّعبوية" تزامناً مع اقتراب "تشريعيات 2021". وكانت سنة "2016"، التي تزامنت مع استحقاقات تشريعية برلمانية، محطّة أساسية في تاريخ الخطابات الشّعبوية في المغرب، بحيث شكّلت نهاية عدد من الزّعامات التي فضّلت الانزواء إلى الظّل والابتعاد عن معارك السّياسة، ومع اقترابِ "تشريعيات 2021" عادت الوجوه نفسها إلى الظّهور مجدداً. وفي هذا الصّدد، يؤكّد المحلّل السّياسي إلياس المساوي أنّ "حلبة الساحة السياسية تشهد نوعا من الركود غير المعهود في مثل هكذا لحظات سباقة للعملية الانتخابية"، مبرزاً أنّ "فيروس كورونا أضفى بظلاله وساهم في كبح التراشقات التي كانت تنتشر بين فرقاء الأحزاب السياسية مع كل استحقاق انتخابي". ويشيرُ الباحث في السّياسات العمومية في تصريح ل هسبريس إلى أنّ "العامل الآخر الذي يفسر هذا الهدوء الذي يعم الساحة السياسية راجع بالأساس إلى غياب الزعماء الذين كانون يتفننون في نشر الشعبوية في مثل هكذا لحظات". ويقف الباحث ذاته عند فشل عبد الإله بنكيران في تشكيل ائتلاف حكومي إبان تشريعيات 2016، وانسحاب إلياس العماري من الساحة السياسية بعد عدم قدرة حزبه على الحصول الرتبة الأولى في نفس الانتخابات، مرورا بتدحرج الاستقلالي حميد شباط الذي فضّل الركون إلى الزاوية في تركيا التي اختارها كموطن لإعادة الحسابات وترتيب الأوراق. ويشدّد الباحث ذاته على أنّ "الأحزاب المغربية الكبرى أضحت تحت رحمة زعماء فضّلوا المهادنة والتقليل من حدة الخطابات الشعبوية والتصعيدية فيما بينهم"، مورداً أنّه "لتحريك المياه الراكدة من جديد، ومع اقتراب الاستحقاقات الانتخابية، فضّلت الأحزاب سالفة الذكر الاستعانة مرة أخرى بقادتها الذين يتقنون الخطاب الشعبوي". ويشرحُ المساوي فكرته قائلاً بأنّ "الأحزاب تلجأ إلى زعمائها لتجاوز انشقاقاتها الداخلية، وكذلك من أجل استمالة الناخبين الذين يحتاجون إلى مثل هذه الشعبوية لإيلاء بعض الاهتمام للعملية الانتخابية في رمتها. حتى دوائر القرار الرسمية في حاجة إلى هذا لهؤلاء الزعماء الذين يتقنون الخطاب الشعبوي. وقال الباحث إنّ "الاعتماد على زعماء الشّعبوية سيسهم في تشجيع المواطنين على المشاركة السياسية، تجنبا للسيناريوهات الرمادية التي توحي بأن نسبة التصويت ستكون ضئيلة في الانتخابات المقبلة"، مؤكّداً أنه بمجرد ما ستعلن وزارة الداخلية موعد الانتخابات المقبلة، فإنّ الخطاب الشعبوي سيعرف ازدهارا ملحوظا؛ لكن لن يصل إلى المستوى الذي كان عليه الأمر في الانتخابات الماضية.