عاد ملف الصحراء المغربية إلى نقطة الصفر بسبب نهج جبهة البوليساريو الانفصالية خيار التصعيد الميداني في معبر الكركرات الحدودي. وأعلن المغرب بشكل واضح، على لسان وزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، أنه "لا مسار سياسي مع عصابات، لا مسار سياسي مع قطاع الطرق، لا مسار سياسي مع من هو فاقد للمصداقية ومن يشتغل كجماعات مسلحة وكعصابة"، في رده على التطورات الأخيرة بالكركرات. وقال وزير الخارجية ناصر بوريطة إن "من يمارس الاستفزازات يخرج عن الشرعية الدولية ويضع نفسه في مواجهة مع الأممالمتحدة والقانون الدولي، وهذا ليس بغريب على جماعات تشتغل بمنطق العصابات". وشبه بوريطة ما يقع في المعبر الحدودي بين المغرب وموريتانيا ب"مجموعة من قطاع الطرق بالمعنى الحقيقي"، قبل أن يؤكد أن البوليساريو "لا يمكن أن تكون مخاطبا للمغرب ولا يمكن أن تشكل أساسا لأي مسلسل سياسي". وتزامناً مع صدور قرار مجلس الأمن الدولي بشأن تمديد ولاية بعثة المينورسو، أعلنت جبهة البوليساريو تمرداً على منظمة الأممالمتحدة من خلال رفضها الاستجابة للدعوات المتكررة بالانسحاب من معبر الكركرات، وهو ما يضعها في مواجهة مع المنظمة الأممية. وأوضح الموساوي العجلاوي، الخبير في نزاع الصحراء والشؤون الإفريقية، أن "جبهة البوليساريو اختارت لأول مرة في بياناتها أن تُعادي منظمة الأممالمتحدة وبعثة المينورسو خلال حديثها عن معبر الكركرات الذي تستعمله كورقة ضغط قبيل صدور تقرير مجلس الأمن". وأشار العجلاوي، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، إلى أن البوليساريو توجد اليوم في مواجهة مباشرة مع الأممالمتحدة، "لأن اتفاق وقف إطلاق النار لم توقعه الجبهة مع المغرب، بل مع الأممالمتحدة". ولفت المتحدث الانتباه إلى أن تصعيد البوليساريو مرده أولا إلى عدم وجود أي شيء اسمه "الأراضي المحررة" في تقرير الأمين العام للأمم المتحدة، وهو التوجه نفسه الذي يحمله قرار مجلس الأمن المرتقب، ثم ثانيا تأكيد القرارات الأممية الأخيرة أن النزاع هو صراع إقليمي محوره دولة الجزائر. ويرى العجلاوي أن التصريح شديد اللهجة الصادر عن وزير الخارجية ناصر بوريطة، "هو تنبيه للأمم المتحدة مفاده أن البوليساريو تجاوزت كل الحدود في استفزازاتها". وأضاف الخبير في نزاع الصحراء والشؤون الإفريقية أنه "أمام هذا الوضع، باتت المنطقة تعيش توترا قد يؤدي إلى نزاع عسكري جديد"، لكنه شدد على أن "البوليساريو لا يمكن أن تطلق رصاصة واحدة دون حصولها على الضوء الأخضر من الدولة الحاضنة الجزائر". ولم يستبعد العجلاوي دفع الجزائر في اتجاه تأجيج الوضع بالمنطقة، وقال إن "النظام الجزائري اليوم بحاجة إلى متنفس لتحويل الأنظار عما يقع داخل البلاد، خصوصا لتمرير محطة الاستفتاء على الدستور وصرف النظر عن الاعتقالات الجارية وحملة التنديد الواسعة بخصوص تردي واقع حقوق الإنسان". وخلص الباحث في الشؤون الإفريقية إلى أن تطورات الأوضاع في الجزائر قد تدفع بالأخيرة إلى إشعال النار في معبر الكركرات الحدودي، ولن تُساعد هذه التطورات الجديدة المبعوث الأممي الجديد المرتقب تعيينه خلفا لهورست كولر في القيام بمهامه، خصوصا أن التراكمات التي حققتها جلسات جنيف ذهبت مع أسلوب العصابات التي نهجته البوليساريو بالكركرات.