متجاوزة مرحلة البوادر، دخلت جهة سوس ماسة في أزمة بادية على مستوى الماء الشروب؛ فبعد سلسلة إجراءات وانقطاعات في كل مدن الجهة، أصبحت الظاهرة فاعلا ثابتا في حياة السكان الذين يشكون سوء تدبير الموارد المائية. وتدهورت حقينة سدود الجهة بشكل كبير جدا، (مولاي عبد الله - يوسف بن تاشفين - أولوز)؛ ما جعل الحواضر والبوادي المحيطة بها تشهد إجراءات إدارية، وصلت مدى وقف تمديد مدينة أكادير بالماء، فوق الساعة العاشرة ليلا، في قرار أثار سخطا عارما. ويشمل القرار كذلك مناطق سياحية حيوية بالمنطقة؛ ما قد يفاقم هجر السياح منها، ويتعلق الأمر بتاغازوت وإمسوان، كما يستهدف مناطق الدراركة وأمسكرود والتامري؛ وهو ما يراه السكان حيفا مقابل استمرار ملاعب الكولف والمسابح في الاستفادة. ومنذ سنة 2014، تعرف مختلف مناطق الجهة أزمة حادة على مستوى المياه خلفها توالي سنوات الجفاف وفراغ حقينة السدود التي كانت المزود الرئيسي للسكان بالماء الشروب، وبأزمتها الحالية تتجدد مطالب بضرورة تسريع مشاريع تحلية مياه البحر. سياسات ضبابية عبد الله بوشطارت، فاعل مدني في المنطقة، أورد أن قضية الماء عويصة تشبه إلى حد كبير قضية البترول والغاز في الدول المنتجة لهذه المواد الطاقية. فبقدر ما يعتبر المغرب بلد المياه والأنهار والسهول المائية والعيون التي تنفجر بالمياه في جبال الأطلس، وبلدا تكسو الثلوج قممه، بقدر ما يعاني من شبح العطش، فما هي هذه المفارقة العجيبة؟. وأضاف بوشطارت، في تصريح لجريدة هسبريس، أن أسباب العطش في المغرب مرتبطة بدرجة كبيرة بما يجري فوق الأرض وليس السماء، موضحا أن المشكل ناتج عن سياسة الدولة وسلوك المجتمع، بغض النظر عن الجفاف والتغيرات المناخية. وأشار المتحدث إلى وجود تخبط وعشوائية كبيرة وفوضى مؤسساتية عن طريق تعدد وتشابك المؤسسات والقطاعات المكلفة بالماء، وكلها تابعة كلها للدولة، مؤكدا أن ذلك يعبر عن رغبة الدولة في تشييع صورة عاتمة عن الموارد المائية. وأورد بوشطارت أن الدولة تريد تشييع الضبابية عن الماء، مثلا من يمتلك حق المعلومة والتخطيط والتدبير لقطاع الماء، هل وزارة التجهيز والنقل واللوجستيك والماء، هل وزارة الفلاحة والصيد البحري والمياه والغابات والتنمية القروية، هل وزارة الداخلية، هل المندوبية السامية للمياه والغابات، هل وكالات الحوض المائي، هل مجلس الحوض المائي هل هو المجلس الأعلى للماء والمناخ؟. وأكد الفاعل المدني أن ما يعانيه سوس اليوم من استنزاف كبير للموارد المائية أولا من هو المسؤول عن مشكل نقص الماء في سوس جبلا وسهلا وحواضر؟ صحيح أنه يوجد جفاف، ولكن أليست هي الدولة التي شجّعت نموذجا فلاحيا واقتصاديا في سهول سوس يتأسس على الاستهلاك المفرط للمياه خاصة مياه السدود. أكبر من الجفاف حمو الحسناوي، الناطق الرسمي باسم تنسيقية أكال، أورد أن قضية الماء من ضمن القضايا التي ترتبط بشكل مباشر مع المطالب الأساسية لتنسيقية أكال للدفاع عن حق الساكنة في الأرض والثروة، باعتبار الماء من الثروات التي تستغل بنفس المنطق الريعي الذي تستغل به باقي ثروات الساكنة في منطقة سوس. وأضاف الحسناوي، في تصريح لجريدة هسبريس، أن كل المناطق المتضررة وخارج أية مقاربة تشاركية، موضحا أن مشكل ندرة الماء الذي ظهر إلى السطح مؤخرا بسوس، كانت التنسيقية قد حذرت منه بعد ما شكل خطرا محدقا بالعديد من المناطق خصوصا بإمجاض وإحاحان. وهذا المشكل، حسب الحسناوي، ليس نتيجة مباشرة لتوالي سنوات الجفاف كما يحاول أن يصور البعض، بل نتيجة غياب سياسات رشيدة ومتصفة بالحكامة في تدبير الفرشة المائية، بحيث من أهم الأسباب الرئيسية لظهور الجفاف هو ما تحدثه المناجم المرخص لها بالقوة في المنطقة. وأكمل المتحدث قائلا: "لقد حذرنا من أن سوس مستهدف بسياسات خطيرة تزحف على أراضيه وثرواته وتهدد ساكنته بهجرة قسرية نظرا لتكالب هذه السياسات على تدمير بنيته السوسيوثقافية، وتجريد ساكنته من أراضيها وثرواتها، ومشكل الثروة المائية ليس إلا مؤشرا على مصداقية".