دعا وزير العدل، محمد بنعبد القادر، إلى تضافر جهود جميع الجهات المعنية بمكافحة غسل الأموال وتكثيف جهودها من أجل التصدي لهذه الجريمة ذات الخطورة البالغة على اقتصادات الدول وعلى استقرار أمنها، في ظل ارتباطها الوثيق بتمويل الإرهاب. وقال بنعبد القادر، في الجلسة الافتتاحية للقاء التواصلي الذي تنظمه وزارة العدل بشراكة مع المجلس الوطني للموثقين، حول "دور الموثق في منظومة مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب"، اليوم الخميس بالرباط، إن جريمة غسل الأموال تكتسي طابعا خطرا، لكونها متشعّبة وعابرة للحدود. وشدّد الوزير على أن المهن المالية ممثلة في الأبناك، والمهن القانونية والقضائية ممثلة في المحامين والموثقين والعدول، مطالبة بالانخراط في المنظومة الوطنية لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، بهدف تعضيد الأدوار الريادية التي تقوم بها الأجهزة الأمنية في مكافحة الإرهاب عبر التدخلات الاستباقية لتفكيك الخلايا الإرهابية. وأشار وزير العدل إلى أن المغرب خضع للتقييم المتبادل من خلال جولتين؛ الأولى سنة 2007 والثانية في 2017، فخلص إلى تسجيل تطور ملحوظ للمنظومة الوطنية في مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، لكنه سجّل أيضا ملاحظات سلبية همّت المهن القانونية والقضائية. وأضاف بنعبد القادر أن النتائج التي خلُص إليها التقييم المتبادل الذي خضع له المغرب "طرحت سؤال مدى انخراط المهن القانونية والقضائية في منظومة مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب"، وأضاف أن الخبراء الدوليين المختصّين في مجال مكافحة غسل الأموال يَعتبرون المهن القانونية والقضائية من المهن المعرّضة لخطر الاختراق بدرجة عالية من طرف شبكات غسل الأموال، نظرا للتطوّر المستمر لأساليب عمل هذه الشبكات وتشعّبها. ورغم الخطورة التي تكتسيها جريمة غسل الأموال فإن التقييم المتبادل الذي خضع له المغرب بيّن ضعف انخراط المهن القانونية والقضائية في منظومة مكافحة هذه الجريمة، إذ لم تتعدّ عدد التصاريح بالاشتباه التي قدّمها المحامون لوحدة معالجة المعلومات المالية منذ إحداثها 8 تصاريح، وقدّم الموثقون 5 تصاريح، فيما لم يصدر أي تصريح بالاشتباه عن العدول. وأكد وزير العدل أن المهن القانونية والقضائية مدعوة إلى الالتزام الوطني باليقظة والتصريح بالاشتباه لوحدة معالجة المعلومات المالية كلما تبيّن أنّ هناك شُبهةَ غسل الأموال، من أجل مكافحة هذه الجريمة وحماية الاقتصاد الوطني والأمن القومي من تبعاتها. ولفت الوزير إلى أن المهن القانونية والقضائية منخرطة في المنظومة الوطنية لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، داعيا إلى تقوية هذا الانخراط وتضافر الجهود بين مختلف هذه المهن "من أجل تفعيل أمثل لالتزاماتنا التي يكرسها القانون والمواثيق الدولية التي صادق عليها المغرب". بنعبد القادر شدد على أن انخراط الموثقين الذين يصل عددهم إلى 1848 موثقا في المنظومة الوطنية لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب يستمد ضرورته من كون العقود التي يتم إبرامها من طرفهم تصل إلى 350 ألف عقد سنويا، مبرزا أن هذا الرقم "يؤكد مدى ارتفاع الخطورة التي تحيق بهذه المهنة من طرف مستغلي إبرام العقود لغسل الأموال". وتروم وزارة العدل أن تكون اللقاءات التواصلية التي تعقدها مع مهنيي المهن القانونية والقضائية آلية للتواصل بينهم، من جهة، وبين الوزارة ووحدة معالجة المعلومات المالية، من جهة أخرى، من أجل تفعيل دور المهن القانونية في مكافحة جريمة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، "ولتفادي الملاحظات السلبية في تقارير التقييم المتبادل المقبلة"، يقول وزير العدل. وختم الوزير بالقول إن وزارة العدل تسعى، من خلال اللقاء التواصلي الذي تعقده اليوم في مقر المعهد العالي للقضاء بالرباط، بشراكة مع المجلس الوطني للموثقين، إلى الخروج بإجراءات تعزز منظومة مكافحة غسل الأموال ومكافحة الإرهاب، مؤكدا أن الوزارة ووحدة معالجة المعلومات المالية تضعان خبراءهما رهن إشارة الهيئة الوطنية للموثقين من أجل تفعيل المغرب لالتزاماته وتعزيز مكانته على الصعيد الدولي في هذا المجال وحماية اقتصاده الوطني وأمنه واستقراره.