فشل المغرب مُجدداً في الخروج من اللائحة الرمادية للملاذات الضريبية للاتحاد الأوروبي رغم اتخاذه عدداً من الإجراءات وسنّه قوانين جديدة، آخرها إعادة تنظيم القطب المالي للدار البيضاء عبر مرسوم بقانون. وحسب اللائحة المحينة للاتحاد بتاريخ 6 أكتوبر، فقد تم الاحتفاظ بالمغرب ضمن اللائحة الرمادية للملاذات الضريبية، إلى جانب الأردن وتركيا وتايلاند وأستراليا وبوتسوانا والمالديف وناميبيا وإيسواتيني وسانت لوسيا. وأمام هذه الدول مهلة أشهر إضافية من أجل تعديل أنظمته الضريبية. أما اللائحة السوداء للملاذات الضريبية فتضم ساموا الأمريكية، وأنغيلا، وبربادوس، وفيجي، وغوام، وبالاو، وبنما، وسيشل وترينيداد وتوباغو، وفانواتو وجزر فيرجين الأمريكية؛ وقد نجحت جزر كايمان وسلطنة عمان في الخروج منها. وتضم اللائحة الرمادية للملاذات الضريبية الدول التي التزمت بتعديل أو إلغاء أنظمتها الضريبية المُضرة؛ أما اللائحة سوداء فتخص الدول ذات الأنظمة الضريبية التي تجذب الشركات والأثرياء لتقليل نسبة الضرائب التي يؤدونها أو تتيح لهم التهرب الضريبي. والمغرب مُصنف في اللائحة الرمادية للملاذات الضريبية منذ سنوات، وسبق أن قدم التزامات للاتحاد الأوروبي في إطار مفاوضات مستمرة لتعديل مختلف قوانينه التنظيمية، للخروج من اللائحة، لكن لم يتأت له ذلك بعد. ويتم تقييم الدول لكي لا يتم تصنيفها في اللائحة السوداء بناءً على معايير الشفافية الضريبية، والعدالة الضريبية، والنشاط الاقتصادي الحقيقي. وعلى كل دولة لا تستوفي هذه المعايير أن تُعالج أوجه القصور في موعد محدد. وقالت منظمة "أوكسفام المغرب"، في بيان صحافي حول إبقاء المغرب ضمن اللائحة الرمادية، إن "المملكة أمام فرصة من أجل تقييم أثر التحفيزات الضريبية التي تعتمدها وإنهاء الإعفاءات والتحفيزات الضريبية غير المنتجة وغير الفعالة". وذكرت المنظمة أن "عدداً من الدراسات السابقة تكشف أن الخسائر التي يتكبدها المغرب بسبب التهرب الضريبي من قبل الشركات متعددة الجنسيات تقدر بحوالي 24.5 مليارات درهم سنوياً، ما يمثل 2.34 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي". وأوردت المنظمة أن هذه الخسائر تكفي لبناء 40 مركزا استشفائيا، كما أن الرقم لا يشمل التحفيزات الضريبية الممنوحة للشركات في المناطق الحرة التي تقدر بحوالي 987 مليار درهم برسم سنة 2019. وقالت أسماء بوسلاماتي، المسؤولة عن برنامج الحكامة ب"أوكسفام المغرب": "نحن ندعو منذ سنوات لإصلاح عميق للسياسة الضريبية بالمغرب لتحقيق المزيد من العدالة الضريبية وتصحيح عدم المساواة". وأشارت المسؤولة ذاتها، ضمن تصريح تضمنه البيان الصحافي، إلى أن "خطة الإنعاش الاقتصادي والاجتماعي للمغرب لا يجب أن تكون على حساب المنافسة غير العادلة مع الدول الأخرى"، مردفة: "لقد حان الوقت لإعطاء الأولوية لتوليد القيمة الحقيقية والتعاون والمستقبل للكل". وبالنسبة ل"أوكسفام المغرب" فإن محاربة التفاوتات تمر أيضاً عبر فرض ضرائب على الثروات الكبيرة، وهذا يتطلب جهوداً وإصلاحات على المستويين الدولي والوطني من خلال الشفافية وتبادل المعلومات بين الإدارات الضريبية. وقال عبد الجليل لعروسي، مسؤول الترافع والحملات في المنظمة، إنه "في ظل الأزمة التي يمر منها المغرب تراجعت الإيرادات بشكل حاد، إذ بلغ عجز الميزانية حوالي 55 مليار درهم، كما ارتفعت حاجيات الاستثمار في الصحة والحماية الاجتماعية". وأكد لعروسي أن "المغرب ليس أمامه خيار آخر سوى الانخراط بشكل عاجل ودون تردد في سياسة جديدة تقلل عدم المساواة لإرساء نموذج جديد للتنمية المستدامة وسياسة ضريبية قائمة على العدالة الضريبية والنمو الشامل، بحيث يكون هذا النظام الضريبي في خدمة الجميع بدل تفضيل الشركات متعددة الجنسيات والأغنياء".