لقد حاول دستور 2011 ترسيخ دولة الحق والمؤسسات، وتوسيع مجال الحريات الفردية والجماعية، وضمان ممارستها، وتعزيز منظومة حقوق الإنسان، بكل أبعادها السياسية والاقتصادية والاجتماعية والتنموية، والثقافية والبيئية. فدولة القانون والحق والمؤسسات، ليست فقط تميمات لهيئات ومؤسسات ومجالس يتم كتابتها على جدران الوثيقة الدستورية فقط، وإنما هي تنزيل إجرائي وفعلي لهذه التميمات على أرض الواقع. فدولة القانون والحق ترى نفسها تعبيرا عن المواطن وتجسيدا مؤسسيا ضامنا لحقوقه، الفرد في هذا المنظور هو المواطن الذي يهب الدولة مشروعيتها عبر الآليات الديمقراطية، والدولة هي مجموع المؤسسات الممثلة والضامنة للحق العام وللحقوق الفردية، ومن هنا اقتران الدولة الحديثة بالديمقراطية، إذ لا يمكن أن تقوم دولة القانون إلا في إطار ديمقراطي، بل لعل دولة القانون هي من مقتضيات الديمقراطية الفعلية ومستلزماتها. وقد نذهب بالقول إلى أنه لا وجود لدولة القانون إلا بوجود مؤسسات تكرس لهذا المفهوم، وتعزز بذلك التنزيل الحقيقي للدستور الديمقراطي. فما هي إمكانات ورهانات تنزيل وأجرأة المؤسسات الدستورية ببلادنا؟ إمكانات ومعيقات التنزيل والأجرأة إن رهان تنزيل المؤسسات الدستورية بالمغرب رهين بمدى وعي الفاعل الحزبي والحكومي بخطورة المرحلة التي تمر منها البلاد، والتطورات المتسارعة التي تعيشها الساحة العربية والدولية على وجه الخصوص، فمعرفة هذه السياقات والأحداث يجرنا إلى الحديث عن القوة التي تدفع بشكل متسارع إلى تنزيل المؤسسات الدستورية ومنها المؤسسة الملكية التي تشكل وسيلة ضغط من أجل بسط المعالم الكبرى لدستور 2011، وأيضا مدى أخذ الفاعل السياسي بحدة نبرة الملك في خطبه الملكية الداعية إلى الإسراع بتفعيل مقتضيات الوثيقة الدستورية، وتجاوز كل المعيقات الكامنة في الخلافات السياسوية التي تجر البلاد إلى طرق لا تحمد عقباها. الإرادة السياسية لا شك وأن للإرادة السياسية دورا هاما في التنزيل الصحيح للمؤسسات الدستورية، وذلك ما ينص عليه الدستور في فصله 78 الذي جاء فيه: "لرئيس الحكومة وللبرلمان على السواء حق التقدم باقتراح القوانين". كما أن الفصل 89 من نفس الدستور، يؤكد على الدور الفعال للحكومة في تنفيذ القوانين، ومنها القوانين المتعلقة بالهيئات الدستورية، حيث جاء فيه بأنه: "تمارس الحكومة السلطة التنفيذية. تعمل الحكومة، تحت سلطة رئيسها، على تنفيذ البرنامج الحكومي وعلى ضمان تنفيذ القوانين. والإدارة موضوعة رهن تصرفها، كما تمارس الإشراف والوصاية على المؤسسات والمقاولات العمومية". معيقات التنزيل والأجرأة في هذا الإطار، تبقى الحسابات السياسوية الضيقة والانحياز خلف ستائر التأويلات والأهداف الحزبية الصرفة أحد النقط الرئيسية التي تشكل مدخلا لعدم التنزيل الحقيقي والفعلي للمؤسسات الدستورية، والتي تشكل أحد المعيقات في عدم التسريع بأجرأة واقعية للهيئات الدستورية، هذا إلى جانب معطى آخر يدخل في نطاق المقاربة التشاركية الداعية إلى إشراك المواطنات والمواطنين والفاعلين الجمعويين ومختلف مكونات المشهد السياسي والاجتماعي والاقتصادي في تدبير وتنفيذ السياسات الترابية للبلاد. معيقات سياسوية بداية هذه المعيقات، قد تبدو راجعة إلى حسابات سياسية مباشرة بين حزب العدالة والتنمية، بحجمه العددي والسياسي داخل الحكومة ومجلس النواب، وبين مسؤولي بعض هذه المجالس؛ حيث إنه بالنسبة للحزب الفائز في الاستحقاقات الانتخابية ليس من المقبول تماما أن يغيب عن خريطة التمثيلية السياسية والحقوقية، مثلا داخل المجلس الوطني لحقوق الإنسان، بصيغته الجديدة على المستويين الوطني والجهوي، وهي الحسابات التي قد تغذيها "حساسية" الحزب الفائز في الانتخابات تجاه بعض "النخب" المقربة من "الدولة"، والقادمة من قنوات تنخيب "أخرى"، والحاملة لبروفيلات قريبة من "اليسار". فقد أجمعت دراسات علم السياسة والقانون الدستوري على أن دور الأحزاب السياسية يكمن أساسا في تنظيم المواطنين وتأطيرهم وتكوينهم وتمثيلهم والدفاع عن مصالحهم وقضاياهم والتعبير على انشغالاتهم وتطلعاتهم، والعمل على الوصول إلى الحكم لبلورة وتنفيذ الاختيارات والتوصيات والمبادئ والأفكار التي ينبني الحزب على أساسها، وكيفما كانت طبيعة النظام الحزبي، فإن الأحزاب السياسية تشكل العمود الفقري للبناء الديمقراطي، بحيث لا يمكن الحديث عن الديمقراطية الحقة في غياب أحزاب سياسية تنافس منافسة شريفة ببرامجها وأفكارها ومواقفها على الاستقطاب والتأطير وصناديق الاقتراع محليا، إقليميا ووطنيا. من هذا، فالفاعل الحزبي يجب أن يكون مدركا للمسؤولية الملقاة على عاتقه في كونه ممثل لمصالح المواطنين، ويجب عليه أن يمارس صلاحياته التي خولها له القانون استنادا لمبادئ المصلحة العامة، دون أي تحيز لكون هذا في الأغلبية أو الآخر في المعارضة، ودون أي حسابات سياسوية، بحيث أن المرحلة الجديدة والحساسة التي تعيشها البلاد، تتطلب العمل الجاد والتحلي بروح الوطنية الصادقة لاستكمال إقامة المؤسسات الوطنية، لأن المؤسسات لا تهم الأغلبية وحدها أو المعارضة، وإنما هي مؤسسات يجب أن تكون في خدمة المواطنين دون أي اعتبارات أخرى. لذا، ندعو لاعتماد التوافق الإيجابي، في كل القضايا الكبرى للأمة. غير أننا نرفض التوافقات السلبية التي تحاول إرضاء الرغبات الشخصية والأغراض الفئوية على حساب مصالح الوطن والمواطنين، فالوطن يجب أن يظل فوق الجميع. معيقات تمثيلية لا بد من الإشارة في الأول، على أن الدستور نص على جملة من الآليات التي ستساهم في تعزيز أدوار المجتمع المدني في الشأن العام وفي صنع السياسات العمومية ببلادنا، هذه الآليات تضمنتها الفصول 12 و13 و14 و15. من بينها حق تقديم الملتمسات في مجال التشريع والحق في تقديم العرائض إلى السلطات العمومية، حيث تعتبر هذه الآليات ضمانة حقيقية لفائدة المواطنين في المشاركة في عملية صنع السياسات والمشاركة الإيجابية في بلورتها وتتبعها وتنفيذها. فإشراك المجتمع المدني في تنفيذ القرارات والسياسات العمومية إن كان يدل على شيء فهو يدل وبشكل واضح على انفتاح الدولة على محيطها الداخلي، وجعل المواطن المغربي شريكا في العملية التنموية، وشريكا في اتخاذ القرارات التي تساهم في الرقي وفي تطوير بلده سواء محليا أو وطنيا أو حتى دوليا، وهذا المنحى الذي سلكه دستور المملكة الذي جعل المجتمع المدني المتخصص في المجال التنموي والثقافي والاجتماعي، يتوفر على فرص مهمة لتقوية مركزه في السهر على تنفيذ القرارات العمومية في كثير من المجالات، والدستور لم يكتفي فقط بالتأكيد على ضرورة إشراك المجتمع المدني في عملية اتخاذ القرار العمومي، ولكن أيضا إشراكه في تنفيذها. رهانات تنزيل وأجرأة المؤسسات الدستورية تكمن رهانات تنزيل وأجرأة المؤسسات الدستورية في كونها ستمكن من ضبط وتقنين وظائف الدولة، وتدعيم القوة الاستشارية والاقتراحية لهذه المؤسسات من أجل دعم التأثير الفعلي لها على القرارات السلطات العمومية، فطبيعة الصيغ التي طبعت هذه المؤسسات ما قبل دستور 2011 اتسمت على العموم بطابع المشورة التي تقدم للمؤسسة الملكية، لكنها اليوم تغيرت الصيغة إلى الاستشارة المقدمة للبرلمان والحكومة على حد السواء، والمساهمة في صيغ السياسات العمومية وتقديم الاستراتيجيات الكبرى لسير عمل المشاريع المستقبلية للبلاد، والانتقال بموجبها إلى تكريس دولة القانون والحق والمؤسسات. أ- الدور الاستشاري والقوة الاقتراحية انطلاقا من التنصيص الدستوري على أن تنظيم هذه الهيئات الدستورية وتحديد قواعد سيرها وتأليفها يعود إلى المشرع، بعد أن صدرت غالبية القوانين المحدثة للمجالس الموجودة عبر ظهائر مستندة إلى الفصل 19 من الدساتير السابقة، وانطلاقا من صلاحياتها الدستورية الجديدة، يمكن القول إن العنوان المركزي لهذه المرحلة هو الانتقال من صيغة "المشورة" التقليدية الموجهة إلى المؤسسة الملكية فقط، إلى صيغة "الاستشارة" الحديثة الموجهة أساسا إلى كل من البرلمان والحكومة، وهذا ما يعني أن عمل هذه الهيئات أصبح محكوما ب"تأويل" برلماني متقدم لنظامنا السياسي، وبطبيعة "سلطة الاستشارة" داخله. فالتنصيص على الهيئات الدستورية، كمؤسسات تساهم في وضع هيكلة جديدة ومبادئ جديدة ناظمة للشأن الوطني والترابي، وتمكينها من الوسائل البشرية والمالية والمادية، مع دعمها بالإطار القانوني اللازم لما من شأنه أن يدعم دورها كقوة اقتراحية فاعلة في تجسيد أهدافها وغاياتها الدستورية وفي تحقيق دولة المؤسسات الخاضعة لسلطة القانون، خاصة وأنها ستكون لا محالة أقرب من أي أجهزة أخرى إلى حقيقة وطبيعة المشاكل التي تحيط وتعتري أجهزة الدولة، الشيء الذي سيعمل على تقوية دورها الاقتراحي والاستشاري، وهو ما من شأنه أن يساهم في بلورة مفهوم جديد للمؤسسات وعلاقة جديدة بين المواطن والدولة، وبين المواطن والمرفق العمومي. دولة المؤسسات يعتبر التنصيص على مجالس وهيئات جديدة بمقتضى دستور 2011، معطى جديد في مسار استكمال صرح بناء دولة المؤسسات، بحيث يمكن اعتبارها آليات وأدوات جديدة تمكن من الإحاطة بكافة الجوانب والمجالات الاقتصادية والاجتماعية وحتى السياسية، حيث كرس الدستور بموجبه لمرحلة جديدة تعنى بتكريس الدولة المحافظة على عاداتها وتقاليدها، ولكن بالمقابل دولة حديثة ذات مقومات وركائز متجددة، ومؤسسات تعنى بتدعيم الحقوق والحريات، ومشاركة المواطنين في تدبير شؤونهم. وحتى تلعب هذه المؤسسات الدستورية أدوارها المطلوبة على النحو المطلوب، والكامنة أساسا في إنشاء دولة المؤسسات الخاضعة لمبادئ الشفافية والمسؤولية والمحاسبة، وبهدف تعميق النقاش حول الإشكالات التي تحيط أدوار ورهانات هذه المؤسسات، وبالأخص مؤسسات الحكامة، فإن محاولة خلق التفاعل، وبإيجابية، بين مؤسسات الحكامة والوظائف المنوطة بها، يقود إلى ترجيح مسألة الاعتراف بأدوارها التكميلية، وضرورة الحرص على تفعيل هذه الأدوار. يقود هذا الطرح إلى التساؤل حول الرهانات، بحيث يكمن الرهان الأول بإعادة صياغة الأدوار التي تقوم بها المؤسسات القائمة مثل مجلس المنافسة والهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها. المؤسسات الدستورية ورهان الضبط المؤسسي إن القول بأن المؤسسات الدستورية هي عبارة عن هيئات إدارية مستقلة تعد كأنها خلق لسلطة رابعة، مهمتها ضبط القطاعات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، وتشكيل نوع من الثقل على باقي المؤسسات ومراقبة سير أعمالها وكيفية تسييرها لشؤونها، وكذا حماية المحيط الاقتصادي من كافة أشكال الاحتكار أو الغش، والمساهمة في محاربة كافة أشكال التمييز أو الفساد أو الرشوة التي تعرفها المرافق العمومية. ففي دراسة قام بها الفقيه jacques chevallier حول رهانات إزالة التنظيم، لاحظ أن الهيئات الإدارية المستقلة تستخلف السلطة التنفيذية في جملة من المجالات الحساسة، إننا نحظر لظاهرة نقل مركز ممارسة السلطة التنظيمية، فاللجوء إلى هذه الهيئات يظهر توزيع أو تكسير السلطة Déffraction ويكرس تعدد مركز القرار والمسؤولية Polycentrique. إذ أن المشرع من وراء إحداث المجالس وهيئات الحكامة، يهدف إلى ضبط المؤسسات والقطاعات الحساسة من جهة إلى مراعاة الطابع التقني الفني لبعض القطاعات التي تشكل صعوبة على الإدارات الحكومية، ومن جهة ثانية توفير ضمانات قوية للمواطنين بشأن تحقيق العدالة في القطاعات والمرافق العمومية، ومن جهة أخرى تأمين نجاعة تدخل الدولة في إطار من الشفافية، والمسؤولية، والسرعة، والملاءمة، ومن منظور آخر السماح بمساهمة واسعة لفاعلين أصليين ذوي مهنية وكفاءة ومشارب متعددة. ب- المؤسسات الدستورية والحكامة يطرح مفهوم الحكامة، أكثر من إشكال على مستوى التعريف، والتي ترجع إلى الزاوية أو المنطلق الذي تعرف بها، وعموما يمكن تعريفها بأنه: "هي عبارة عن مقاربة عصرية في صنع القرار والتدبير الجيد للشأن العام، تعتد بتطوير المفاهيم التقليدية المستعملة في مجال التدبير، وهي تعبر عن ممارسة السلطة السياسية وإدارتها لشؤون المجتمع بمستوياته (المحلية والوطنية والعالمية) وموارده المختلفة، عن طريق منهجية للعمل المتعدد الأطراف، وعن طريق آليات للفعل تعتمد معايير حكماتية من قبيل (المشاركة، المشروعية، الشفافية، المسؤولية...). وقد عمد الدستور الجديد إلى دسترة مؤسسات وهيئات حماية الحقوق والحريات والحكامة الجيدة، من بينها المجلس الوطني لحقوق الإنسان، ومؤسسة الوسيط، ومجلس الجالية المغربية بالخارج والهيئة المكلفة بالمناصفة ومحاربة أشكال التمييز، والهيئة العليا للاتصال السمعي البصري، ومجلس المنافسة، والهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها. وذلك على ضوء مبادئ دستورية تتمثل في ما يلي: - تنظيم المرافق العمومية على أساس المساواة بين المواطنات والمواطنين في الولوج إليها، والإنصاف في تغطية التراب الوطني، والاستمرارية في أداء الخدمات؛ - إخضاع تسيير المرافق العمومية لمعايير الجودة والشفافية والمحاسبة والمسؤولية والمبادئ والقيم الديمقراطية؛ - إلزام أعوان المرافق العمومية بممارسة وظائفهم وفقا لمبادئ احترام القانون والحياد والشفافية والنزاهة والمصلحة العامة وتأمين تتبع ملاحظات واقتراحات وتظلمات المرتفقين؛ - إلزام المرافق العمومية بتقديم الحساب عن تدبيرها للأموال العمومية مع خضوعها للمراقبة والتقييم طبقا للقوانين الجاري بها العمل؛ - التنصيص على استصدار ميثاق للمرافق العمومية يحدد قواعد الحكامة الجيدة المتعلقة بتسيير الإدارات العمومية والجماعات الترابية والأجهزة العمومية؛ - إلزام كل شخص منتخب أو معين يمارس مسؤولية عمومية، بتقديم تصريح كتابي بالممتلكات والأصول التي في حيازته بمجرد تسلمه لمهامه، وخلال ممارسته وعند انتهائه؛ - ضمان استقلالية الهيئات المكلفة بالحكامة الجيدة والاستفادة من دعم أجهزة الدولة وإلزامها بتقديم تقرير سنوي عن أعمالها يكون موضوع مناقشة من قبل البرلمان. تخليق الحياة العامة لقد حاول المشرع من خلال تنصيصه على مجموعة من المؤسسات الدستورية، إدخال الأجهزة الإدارية والاقتصادية والاجتماعية ولبيئية، إلى منحى جديد من الرقابة، تخضع بموجبه هذه المرافق لمجموعة من المبادئ الأساسية التي أصبحت ضرورية من أجل تنميتها ورقيها من جهة، ومحاولة منه من أجل تجديد علاقة المرفق العام بالمرتفق. لذلك فإن تكييف المرافق العامة لمتطلبات التنمية المتواصلة، تقتضي معالجة الاختلالات البنيوية والوظيفية التي تعاني منها، وإخضاع سيرها وعمليات التدبير التي تقوم بها لمجموعة من المبادئ والقيم المؤطرة لنشاطها، وهي بمثابة موجهات أدبية وأخلاقية تدعم الثقافة الجديدة للمرافق. وقد كرس دستور 2011 لمبادئ ومؤسسات تعتبر مؤطرة لمفهوم الحكامة المؤسساتية بالمغرب، إذ يعتبر ترسيخ مبدأ الشفافية والمشاركة في تدبير المرافق العمومية، كونها إحدى المرتكزات التي يقوم عليها تدبير المرافق العامة، أقرها الدستور الجديد في الفصل 154 كمبادئ عامة تقوم عليها الحكامة. وهي فلسفة اجتماعية سامية هدفها دمقرطة عمل الأجهزة العمومية داخليا وخارجيا، هدفها إقامة جسور الثقة والتواصل الهادف، بين مختلف المحتكين بها. أما في ما يتعلق بمبدأ المشاركة الذي نص عليه الدستور لأول مرة لتمكين المواطنات والمواطنين في تحقيق التنمية والتنمية المستدامة، فالمرتفق أصبح له دور مهم في تقييم أداء المرافق العامة وهو حق دستوري مضمون، إذ تتلقى المرافق العمومية ملاحظات مرتفقيها واقتراحاتهم وتظلماتهم وتؤمن تتبعها، وبالتالي دعم أسس الحكامة والديمقراطية التشاركية. إذ يعتبر هذا المعطى ذا أهمية بالغة في تسيير المرافق العمومية، لكونه يؤدي إلى زيادة الديمقراطية والشفافية داخل هذه المرافق والتي يصبح لزاما عليها أن تشرك المواطنات والمواطنين والفاعلين في هذا المجال، من أجل تحسين العمل الإداري داخل المرافق العامة. *باحث في المجال المالي والإداري