في كتابٍ جديد، يُقَرِّبُ الباحث المغربيّ المتخصّص في علم الاجتماع حسن احجيج علم الاجتماع ونظريّاته ومناهجه وقضاياه المعاصرة من الطّالب والباحث العربيّ، ب"اللغة المتداولَة في الأوساط الأكاديمية المغاربية". وصدر هذا المنشور حديثا، للباحث حسن احجيج، عن مؤسّسة مؤمنون بلا حدود، معنونا ب"مدخل إلى علم الاجتماع: نظرياته، مناهجه، قضاياه المعاصرة". وإلى جانب "تقريب علم الاجتماع من الطالب والباحث العربي"، يطمح هذا الكتاب إلى "تبديد المخاوف الناتجة عمّا يصادفه (الطّالب أو الباحث) من صعوباتٍ في دراسته، وممارسته لهذا التخصص المعرفي"، ويوضّح "شروط الممارسة السوسيولوجية القادرة على القيام بهذه المهمة، بالتّشديد على أن "الجماعات التي ننتمي إليها تؤثّر بعمق في شخصيّتنا وأفعالنا ورؤيتنا للعالم". وفي مقدّمة كتابه، يتوجّه احجيج إلى الطّلبة والباحِثين قائلا: "علم الاجتماع نشاط جذاب، لأنّه يتعلق بالبنيات الاجتماعية والتفاعلات الاجتماعية التي تُشكّل العالَم الاجتماعي الذي يغمرنا بوصفنا فاعلين عاديّين وباحثين"، ويزيد: "إذا كُنْتَ تحبّ مشاهدة الناس، وتحاول معرفة لماذا يتصرّفون على النحو الذي يتصرفون به، فإنّك بالتأكيد ستُعْجَب بعِلم الاجتماع لمّا كان يفتح أبواب المجتمع ويسمح لك برؤية ما يحدث خلفها"، ويضمن، بالتالي، "فهما أفضل للحياة الاجتماعية". وانطلاقا من التأثير الكبير الذي أحدثه علم الاجتماع في حياته، بداية من الدّروس الأولى التي تلقّاها حوله في الجامعة، يقدّم احجيج لقرّائه مجموعة من الأسئلة التي يمكن سبر غورها بأدواته، حتى يعيشوا بدورهم هذه التّجربة؛ فَمِن "كيف يصبح الناس مجرمين؟"، و"كيف ينجح الناس في مِهَنِهِم؟"، و"لماذا ينتحر الناس؟، ولماذا تعاني النساء مِن الحَيف الاجتماعيّ مقارنة بالرجال؟"، وصولا إلى موضوعات حميميّة مثل: "التّفاعل بين زوجٍ وزوجته"، ومجالات اجتماعية أوسع مِن قبيل: "الطبقات الاجتماعيّة، والجندر، والعولمَة، والمجتمع برمته". ويَحثُّ احجيج قارئ هذا المدخل الجديد لعلم الاجتماع على اعتباره "جزءاً من مغامرته الفكرية"؛ "حيث يمكن أن يقودَه إلى تبنّي طريقة جديدة في النظر إلى عالمه الاجتماعي، ويساعده، مِن ثَمَّ، على فهم أفضل لمجتمعه، وذاته في الآن نفسه"؛ لأنّ علم الاجتماع، كما يتصوَّرُه: "ليس تأمّلاً يقوم به المفكر وهو في برجه العالي"، بل هو "علمٌ يتعلّق بكلّ واحد منا وبحياتنا اليومية"، و"علمٌ نظري يسعى إلى تفسير لماذا تحدث الوقائع الاجتماعية بالطريقة التي تحدث بها، ومشروعٌ ذو طبيعة عملية محايثة، يسعى إلى مساعدتنا على فهم أنفسنا وعلى بناء مجتمعات أفضل". ويطمح حسن احجيج من خلال هذا الكتاب إلى أن يُيَسِّر للطّلّاب فهم علم الاجتماع، موضوعاً ومنهجاً، ويُعَرِّفَهُم بالأدبيّات السوسيولوجية، الكلاسيكية والمعاصرة، كما يسعى إلى أن يكون هذا المنشور الجديد "مرجعاً في متناول يد الأساتذة، من أجل تنشيط دروسِهم، وتشجيع طُلّابهم على التفكير النقدي، ومساعدتهم على تطوير خيالهم السوسيولوجي." وقال حسن احجيج في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونيّة إنّ مقصِدَ تأليف هذا المدخل إلى علم الاجتماع هو "المساهمة، مهما كانت متواضعة، في النهوض بالبحث السوسيولوجي بالجامعة المغربية"، موردا أن "الجميع مُتّفِقٌ على أنّ هذا النوع من المعرفة العلمية يعيش أزمة حقيقية في الجامعة. فعلى الرّغم من الكمّ الكبير من الإنتاجات في المجال السوسيولوجي، ولا سيما على مستوى بحوث التخرج في مستويات الإجازة والماستر والدكتوراه، إلا أنّها تعاني من ضعف كبير على مستوى الصرامة العلمية." ومن بين أسباب هذا الضعف، وَفق احجيج: "ضعف التكوين الأكاديمي منذ سنوات الدراسة الأولى"؛ لذا يطمح إلى أن يكون هذا الكتاب "مساهمة في سد هذا الخصاص في التكوينِ، الذي يجمع عليه معظم المِهنيّين." ونبّه احجيج، في التصريح ذاته، إلى أنّ "كُلّ المداخل إلى علم الاجتماع كتبها أكاديميون مشارقة"، ثم أضاف: "على الرغم من الدور الكبير الذي لعبَته (هذه المداخل) في بناء العادات الفكرية الضرورية لكل باحث سوسيولوجي خلال عقود، إلا أن غياب الجماعة العلمية العربية، أنتج تشظيًا كبيرا في الحقل الاصطلاحيّ المرتبط بهذا التخصص المعرفي"، ولذلك "كان من بين دوافع تحرير هذا المدخل، الذي يُعتبَر ربّما أوّل مدخل إلى علم الاجتماع في المغرب، تقريب النظريات والمناهج والمفاهيم السوسيولوجية إلى فهم الطلاب والباحثين، باللّغة المتداولة في الأوساط الأكاديمية المغاربية." وذكر الكاتب حسن احجيج أنّ هذا المدخل الذي كتبَه "يُغَطِّي ميادين جديدة في علم الاجتماع لم تتناولها المداخل السابقة"، ترتبط ب"ظواهر لم يَشهدها العالم إلا خلال العقود الأخيرة، وأصبحت تحظى في العقدين الأخيرين باهتمام الباحثين في العلوم الاجتماعية، من قَبيل العولَمة، والمجتمَع الشبكيّ، والجَنْدَر، والحركات الاجتماعيّة، والمجتمع المحفوف بالمخاطر."