أصدر الأستاذ الباحث في علم الإجتماع لحبيب المعمري مؤلفا بعنوان " التغيير الاجتماعي ورهانات العولمة " (الجزء الأول) ، والذي يندرج ضمن الجزء الأول من الأطروحة التي نال بها درجة دكتوراه الدولة ( كلية الآداب والعلوم الإنسانية ظهر لمهراز فاس – بتاريخ 12 دجنبر 2006 بميزة حسن جدا ) في موضوع " المقاولة والثقافة دراسة في عملية التحديث بالمغرب " ، ويأتي هذا الإصدار تتويجا لتوصيات اللجنة المشرفة على مناقشة هذه الأطروحة بطبع هذه الرسالة وذلك في إطار برنامج إصدارات مركز الأبحاث والدراسات النفسية والاجتماعية والمتكونة من الأساتذة المقتدرون : د.بوزيان بوشنفاتي رئيسا ، و د.عبد الجليل حليم مقررا ، و د.الغالي أحرشاو عضوا ، و د.عبد السلام فراعي ، و د.عبد الرحمن الملكي عضوا . الأستاذ لحبيب المعمري أكد على ان هذا الإصدار الجديد دافعه الأساسي هو إثارة انتباه كل المهتمين والباحثين في مجال السوسيولوجيا من خلال التأكيد على أهمية العمليات الاجتماعية في التحليل السوسيولوجي لتجاوز الانحرافات المتمثلة في النزعة الكليانية والنزعة الحتمية والغائية والانتظاموية. ومن خلال القراءة المتأنية للكتاب نجد أنه يضم ثلاثة أقسام، فالقسم الأول يتناول موضوع التنظيم الاجتماعي بين الخطاب والواقع كمفهوم إشكالي من خلال مثال المقاولة كتنظيم اجتماعي ذات هدف اقتصادي وعلاقتها بمسألة التغيير كعامل مؤثر ضمن المسار العام لهذا التنظيم بحكم ارتباط هذا العامل بالعنصر الثقافي والتحديث والعولمة . وفي القسم الثاني نجد الكاتب يدرس مسألة التنظيم والمجتمع من خلال الأسس النظرية والمفاهمية انطلاقا من الصورة التي يعكسها واقع المقاولات في المغرب، والتي فرضت على المستوى السيوسيولوجي ضرورة البحث على الاكراهات والمشاكل التي تواجهها هذه المقاولات في ظل التحديات والظروف الراهنة ، في مقابل الوصول إلى أي مدى هناك مسؤولية مشتركة بين الجميع لاسيما و أن رهان التحديث هو رهان المجتمع ككل . أما في القسم الثالث فقد حاول الكاتب إبراز وتوضيح العلاقة بين التنظيم والتغيير على ضوء المعطى الثقافي ودوره في الدراسة السوسيولوجية للتنظيم وما يثيره من إشكالات وتصورات هي أقرب إلى التدجين والتخدير أو كضرب من الايديولوجيا الموظفة لخدمة الأغراض والأهداف التي يطمح إليها أرباب العمل . وهو ما يتعارض بحسب رأي الكاتب مع الدراسة السوسيولوجية للتنظيم كعملية تحديث للعلاقات الاجتماعية ولمنظومة القيم والسلوك في النشاط الاقتصادي بصفة عامة كمطلب ضروري وملح في الظروف التي تعيشها المجتمعات المعاصرة . فهذا التحديث من أهم العمليات الاجتماعية التي تبين خصائص المجتمع ، هذه الخصائص التي اهتم بها علماء الاجتماع، وقدموا بخصوصها مساهمات كثيرة إلا أن المقاربة التي اعتمد عليها الكاتب لحبيب المعمري - وهذا هو الجديد في الكتاب - هي تلك المقاربة التي تجمع بين مساهمة ماندفيل ودلتاي ونظرية الأنساق المعرفية على وجه الخصوص . ففهم الظاهرة الاجتماعية كعملية من العمليات الاجتماعية يقتضي الربط بين الدور الذي يقوم به الفرد في تحقيق الترابط الاجتماعي رغم التغيير المستمر من خلال الاستفادة من مفارقة ماندفيل ( العيوب الخاصة تنتج الخير العام والفلسفة السكتلاندية بصفة عامة) ، وكذا أهمية الوعي والإرادة في الأفعال الاجتماعية من خلال الاستفادة من مفارقة دلتاي ( أكثر أشكال البحث موضوعية هي أكثرها ذاتية ) ، وأخيرا دور الأفعال الصغرى في إحداث التغيرات الكبرى أو دور النتائج التجمعية أو التركيبة المرغوب فيها وغير المتوقعة أو الشاذة ( وهنا يمكن الاستفادة من نظرية الأنساق والعلوم الجديدة . وهكذا فإن الكاتب قد حاول المضي قدما في الاتجاه الذي تمخض عن التراكمات السابقة ، ومن ثم استنفاد كل الامكانيات التي تختزنها الوجهة البديلة ، والتي تسمح بدراسة الواقع برؤية جديدة وأهداف مختلفة كخطوة ايجابية في اتجاه بلورة تصور ينسجم مع أهم التطورات التي عرفها الحقل السوسيولوجي في العقود الأخيرة . وبهذا المؤلف الجديد يكون الباحث لحبيب لمعمري ببعد نظره وعمق تصوره للموضوع قد حاول استكشاف الذات عبر استكشاف الواقع والإقدام على خطوات جديدة في مسيرة البحث السوسيولوجي من خلال معالجته لموضوع جديد بالنسبة للدراسات السوسيولوجية في المغرب بهدف تقديم نظرة جديدة ، ومقاربة جديدة ، ونماذج جديدة ، ومفاهيم جديدة .