رغم أنها تقطن في مدينة شيكاغو بولاية إلينوي، إلا أن الناشطة في حركة "حياة السود مهمة"، جوي بيكر، اختارت أن تقطع كيلومترات عديدة للوصول إلى مدينة كينوشا للاحتجاج على زيارة الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، إلى المدينة التي تعيش على صفيح ساخن بعد إطلاق الشرطة سبع رصاصات على المواطن جاكوب بليك، ما أدى إلى تعرضه لشلل نصفي. وبعد أيام من الاحتجاجات التي اتخذت طابعا عنيفا في المدينة الصغيرة التي تقع شمال البلاد، حل ترامب في زيارة قصيرة لم تدم سوى بضع ساعات، وهي الزيارة التي أثارت انقساما على الصعيدين المحلي والوطني، خصوصا أنها تأتي في سياق محتقن. وقالت بيكر في حديث لهسبريس، خلال وقفة احتجاجية على زيارة الرئيس: "نحن هنا لأن ترامب جاء إلى كينوشا من أجل الاحتفال بمقتل المحتجين الذين كانوا يتظاهرون سلميا؛ إنه يدافع عن الفاشية ويلوم السود الأمريكيين على الاعتداءات التي ترتكبها الشرطة في حقهم"، مضيفة: "لقد جاء لتهنئة الشرطة فقط". وتابعت المتحدثة ذاتها: "نحن مستمرون في الاحتجاج السلمي لأكثر من 3 أشهر في مختلف ولايات البلاد"، منتقدة سياسات الرئيس، وواصفة إياه ب"الفاشي"، وزادت: "يريد القيام بمجزرة في حق السود والسكان الأصليين، ونحن لن نتوقف عند التصويت فقط، وإنما الاستمرار في المطالبة بالحقوق المدنية". ولا يعتبر ترامب ومناصروه الاحتجاجات التي تعرفها البلاد مظاهرات للمطالبة بالعدالة الاجتماعية، وإنما يصف من يقودها بأنهم "مجرمون وفوضويون يسعون إلى التخريب". وردت بيكر على ذلك بالقول: "نحن نرفض هذه الادعاءات، والتهديد الحقيقي للأمن يأتي من الرئيس نفسه الذي ظل يردد الرواية نفسها بخصوص احتجاجات العدالة الاجتماعية". وذهب آدم كوزالا، وهو أحد المحتجين المناهضين للعنصرية، في الاتجاه ذاته، وقال في حديث لهسبريس، إن "ترامب يعمل على تقسيم البلاد وترسيخ العنصرية ووحشية الشرطة ضد الأقليات العرقية"، وفق تعبيره. وتابع كوزالا الذي يقطن في مدينة راسين المحاذية لكينوشا بأن معارضته لزيارة ترامب للمدينة تعود إلى كونه جاء لدعم للأجهزة الأمنية، "وهذا ما يجعل البيض يشعرون بالأمن، في حين أنه يقوم بالتضييق على الأقليات"، مستدركا: "لكننا سنواصل الاحتجاج إلى حين تحقيق المطالب التي رفعناها خلال الأشهر الأخيرة". لأجل أمريكا لم يخرج فقط معارضو ترامب لشوارع كينوشا، وإنما مؤيدوه كذلك، فرغم أن هذه المدينة يسيرها الديمقراطيون، إلا أن ويسكونسن كانت من الولايات التي مهدت الطريق لترامب للوصول إلى البيت الأبيض، بعد فوزه بهذه الولاية خلال انتخابات 2016. وشهد مركز المدينة خروج العشرات من مؤيدي ترامب، ما خلق جوا مشحونا بين الرافضين لزيارته والداعمين له، لكن ذلك لم يصل للعنف، خصوصا مع انتشار عناصر الأمن في مختلف شوارع ومفترق الطرق في المدينة، تزامنا مع وصول الرئيس. واكتفى ديفيد بذكر اسمه الأول، للحديث عن خروجه للتعبير عن دعمه للرئيس ترامب، وقال في حديث لهسبريس: "لم أخرج اليوم للدفاع عن الرئيس ترامب فقط، وإنما دعم أمريكا، هذا البلد العظيم". وشدد ديفيد، البالغ من العمر 34 سنة، على أنه "يدعم زيارة الرئيس لأنها تبعث رسائل قوية لدعم الأمن والاستقرار في المدينة، وتؤكد أن ترامب يهتم بسلامتنا وأمننا"، وفق تعبيره. وفي وقت قال مناصر ترامب: "أنا أدعم بلدي ومدينتي ورئيسي"، انتقد خصومه في الحزب الديمقراطي، موردا أنهم "يسعون إلى تقسيم الأمريكيين، هذا أبيض وأسود ولاتيني ومثلي وغيرها من التقسيمات، في حين أننا يجب أن نقدم أنفسنا في الأخير كأمريكيين فقط، لأن هذا البلد عظيم وأعطانا الكثير". إرهاب داخلي مباشرة بعد وصوله إلى كينوشا، قام الرئيس الأمريكي بزيارة عدد من المناطق التي تم إحراقها خلال هذه الاحتجاجات، وعبر عن انحيازه لأجهزة الأمن وإنفاذ القانون، فيما ألقى باللوم على المحتجين في ما لحق بالمدينة. وفيما تجاهل ترامب أسباب خروج المحتجين للشارع، شدد في حديث له أمام عدد من عناصر الشرطة في المدينة على أن "ما جرى في كينوشا يعد إرهابا داخليا"، لكنه لم يذكر جاكوب بليك الذي أصيب بالشلل بعدما أطلق عليه ضابط شرطة سبع طلقات نارية. ووجه ترامب سهام نقده للديمقراطيين الذين يسيرون المدينة، وكذا حاكم الولاية الديمقراطي، ورفضهم زيارته، وقال: "هذه ليست احتجاجات سلمية، وإنما هي في الحقيقة إرهاب داخلي". وكانت المدينة مسرحا للاحتجاجات منذ إطلاق النار في 23 من غشت المنصرم على بليك، الذي أصيب ب7 رصاصات أثناء محاولته ركوب سيارة بينما كانت الشرطة تحاول اعتقاله. وتركزت الاحتجاجات في منطقة صغيرة من كينوشا. وقبل أن تعود الأوضاع للهدوء، اندلع أكثر من 30 حريقا في الليالي الثلاث الأولى، حسب وكالة "أسوشيتد بريس" للأنباء.