وقع وزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، ناصر بوريطة، مع نظيره الأمريكي، مايك بومبيو، اتفاقية "الحصانة والامتياز للقنصليات"، وذلك خلال لقاء افتراضي جمع بينهما صباح الثلاثاء. وتسعى هذه الاتفاقية التي تعد الأولى من نوعها مع بلد أفريقي إلى تعزيز تواجد القنصليات المغربية والأمريكية بشكل متبادل، وتسهيل عملها، في وقت تعمل فيه واشنطن على تشييد قنصلية جديدة لها في مدينة الدارالبيضاء. وخلال هذا اللقاء الافتراضي، تحدث الوزيران عن "قوة العلاقات التاريخية" بين البلدين، ورغبتهما في تطويرها، وقال بوريطة: "يعد التاريخ الغني بين المغرب والولاياتالمتحدة فريدا، فهو قديم بقدم الولاياتالمتحدة نفسها"، مذكرا بكون المغرب كان أول بلد يعترف بالولاياتالمتحدة سنة 1777م. وذكر المسؤول المغربي أن البلدين قاما بتطبيع العلاقات سنة 1786، "من خلال اتفاقية سلام وصداقة، وهما قيمتان مستمرتان في قلب هذه العلاقات"، موردا: "قام صائغو تلك الاتفاقية، السلطان سيدي محمد بن عبد الله، ووجون أدامز وتوماس جيفرسون، بالأخذ بعين الاعتبار ثلاثة أبرز عوامل أساسية". العامل الأول، بحسب بوريطة، جغرافي، "لأننا نعد جيرانا، على الرغم من 6000 كلم التي تفصل بيننا عبر المحيط"، مضيفا أن العامل الثاني يعتبر جيو-استراتيجيا، "فقرار سيدي محمد بن عبد الله لم يكن مقامرة، وإنما كان خطوة استراتيجية"، بالإضافة إلى عامل الثقة، الذي هو "دليل على الثقة والإيمان بالمستقبل العظيم لأمريكا"، وفق تعبير المسؤول المغربي. وشدد المتحدث ذاته على أن "البلدين يواصلان العمل عن قرب لمعالجة أبرز التحديات التي تواجه هذه الألفية، أكثر من أي وقت مضى، وترسيخ الأمن والاستقرار والرخاء المشترك للشعبين"، معتبرا أن "الملك محمد السادس اختار العمل لتحقيق السلام والتعاون والصداقة، والارتقاء بهذه العلاقات وتأسيس شراكة حقيقية". وقال في هذا السياق: "مع مرور السنوات، نجح البلدان في إيجاد طرق مبدعة للتعاون في مختلف المجالات، كاتفاق التبادل الحر، وهي الاتفاقية الوحيدة للولايات المتحدة مع بلد أفريقي، ومؤسسة تحدي الألفية، بالإضافة إلى الحوار الاستراتيجي بين أمريكا والمغرب الذي يقدم إطارا لمحادثات عالية المستوى، سواء كانت حول قضايا ثنائية أو جهوية أو دولية". واعتبر بوريطة أن التوقيع على هذه الاتفاقية يعد دليلا على تطور الشراكة بين البلدين، "وذلك بإضافة عدد من الامتيازات للقنصليات، إلى جانب تلك الامتيازات المنصوص عليها في اتفاقية فيينا"، مؤكدا وجود ثقة عالية بين البلدين. وفي الوقت الذي أشار فيه إلى أن تشييد الولاياتالمتحدة قنصلية جديدة في الدارالبيضاء سيعزز تاريخ التواجد الأمريكي في المغرب، قال بوريطة إن "هذه الاتفاقية ستسمح بدعم العمل الذي يقوم به مسؤولو القنصليات لخدمة مواطنينا في الخارج". من جهته، أشاد وزير الخارجية الأمريكي، مايك بومبيو، بقوة العلاقات المغربية الأمريكية، قائلا: "تطورت العلاقات خلال الإدارة الحالية للرئيس ترامب، وقمنا بتوسيع شراكتنا الاستراتيجية باتفاقية التبادل الحر وتعزيز التعاون الأمني والحرية والتعايش الديني". وأضاف بومبيو أن المغرب وقف إلى جانب الولاياتالمتحدة فيما يخص قضية فينزويلا، "وذلك من خلال دعمه للحكومة الشرعية لخوان غوايدو"، منوها في الوقت ذاته بانفتاح المغرب لإيجاد فرص أكبر للاستثمار الأمريكي في المملكة. وتابع المسؤول الأمريكي قائلا إن "البلدين صديقان قديمان، فقد كان المغرب أول بلد يعترف بنا، كما أنه أقدم بعثة دبلوماسية أمريكية تحتفل بعامها 200 العام المقبل"، معتبرا أن "البلدين يكتبان اليوم صفحة جديدة في تاريخ علاقاتهما الثنائية". وكشف بومبيو أن هذه الاتفاقية تمنح امتياز معاملة موظفي القنصليات بنفس ما يتمتع به موظفو السفارات، موردا: "بعد 200 سنة من تأسيس الولاياتالمتحدة لأول قنصلية في المغرب، نحن مستمرون في تقديم الخدمات لمواطنينا وبلدينا". وذكر المتحدث ذاته أن القنصلية الأمريكية في الدارالبيضاء قامت بتنظيم عملية إجلاء أكثر من 2700 أمريكي في المغرب عبر 60 رحلة جوية خلال الأشهر الماضية، معبرا عن امتنانه للمغرب لتسهيل هذه العملية.