استغربت مجموعة من الهيئات المهنية الممثلة للفنانين، مِن مؤلِّفين ومؤدّين، قرار الشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة، "القاضي بتعويض مباشر للمنتجين المنفذين عن حقوق إعادة البث وتكليفهم بتوزيع حصة 50 في المائة على أصحاب هذه الحقوق"، واعتبرته "خرقا للقانون لتعارضه مع اختصاصات المكتب المغربي لحقوق المؤلفين، الذي يعد الهيئة القانونية الوحيدة الموكول لها حصرا استخلاص وتوزيع حقوق المؤلف والحقوق المجاورة بالمغرب". ويتعلق الأمر بتغييرات في طلبات عروض قنوات "الأولى" و"العيون" و"الأمازيغية"، تهمّ إنتاجات شهر رمضان 2021، جاءت بناء على قرارات لفيصل العرايشي، الرئيس المدير العامّ للشّركة الوطنية للإذاعة والتّلفزة، وتقصد "إعادة الاعتبار للفنّان المغربيّ، وجعله يتمتّع بكامل حقوقه المادّيّة والمعنويّة"، ومن بينها إلزام المنتِج المنفِّذ بدفع خمسين في المائة من المبالغ المحصَّلة مقابل إعادة بث الإنتاجات لأصحاب الحقوق والحقوق المجاوِرَة، من مخرجين وكتاب سيناريو وممثّلين ومؤلّفي الموسيقى الأصليّة، بما يتناسب مع أجورهم. ووقّعت البلاغ المشترك، الذي اعتبر إجراءات الشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة "غير قانونية"، مجموعة من نقابات الفنّانين، هي: النقابة الفنية للحقوق المجاورة، والنّقابة المغربية لمهنيي الفنون الدرامية، ونقابة المسرحيين المغاربة وشغيلة السينما والتلفزيون، والنقابة الفنية للمنتجين والمنتِجين الذاتيين، ونقابَة المؤلفين والملحنين المستقلين المغاربة. وتعتبر هذه الهيئات المهنيّة أن الإجراءات التي اتخذتها الشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة جاءت في وقت اتخذ مسار التفاوض المتواصل مع القطاع الحكومي الوصي، في هذا الملف، منحى إيجابيا مع عثمان الفردوس، وزير الثقافة والشباب والرياضة، زيادة على المجهودات الكبيرة المبذولة سابقا من خلال إقرار نظام النسخة الخاصة، وتنزيل شق الحقوق المجاورة بتسجيل المؤدين قصد الاستفادة من حقوقهم وفق القانون، ومشروع القانون القاضي بإعادة هيكلة المكتب المغربي لحقوق المؤلف، الذي صادقت عليه الحكومة وطُرِح على البرلمان. وتسترسل هذه النّقابات معتبرة التعويض المباشر للمنتجين المنفّذين إجراء غير قانوني، "ولو كان بمبرر محمود يسعى إلى مساعدة الفنانين"، وتزيد: "كان من الأفيد، لبلوغ هذا المقصد الحميد، أن يتم عبر المكتب المغربي لحقوق المؤلفين، في ما يخص حقوق الملكية الفنية والأدبية، والعمل بالمقابل، لخدمة الفنانين في مجال إنجاز الأعمال الفنية، حيث تملِك الشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة حق التدخل باعتبارها منتجا". هذه الإصلاحات التي يحتاجها مجال إنجاز الأعمال الفنية، التي تملك الشّركة الوطنية صفة التّدخّل لصالحها، هي، حَسَبَ المصدر ذاته "الزيادة في أجور فنانين يتقاضى أغلبهم أجورا غير مناسبة لطبيعة العمل الذي يقومون به، ومحاربة الاحتكار وتشجيع تكافؤ الفرص والتنافسية، عبر تنزيل مقتضيات قانون الفنان والمهن الفنية، وإعمال الأولوية في تشغيل حاملي بطاقة الفنان، وتنزيل النصوص التنظيمية المتعلقة بالعقود النموذجية، والحد الأدنى للأجور، والمقتضيات الخاصة بالحماية الاجتماعية وفق القانون". وتضيف النّقابات الموقِّعة: "تكليف المنتجين المنفذين باستخلاص وتوزيع حقوق المؤلف والحقوق المجاورة، زيادة على عدم قانونيته، يطرح مسألة أهلية هذه المقاولات القانونية والتدبيرية والتقنية في توزيع هذه المستحقات بشفافية، علما أن أيّ مساعدة أو اهتمام بالفنان المغربي من قبل الشركة الوطنية سيكون مرحبا به، خارج منظومة وقاموس الملكية الفنية والأدبية التي لها آلياتها وإجراءاتها القانونية التي تضبطها". كما نبّهت الهيئات المهنيّة الموقعةُ الفنّانينَ إلى أنّ هذا الإجراء "لا يخدم بتاتا مصلحتهم، في هذا الشق المتعلق بحقوق المؤلف والحقوق المجاورة تحديدا". من جهته يقول مصدر مسؤول مِن الشّركة الوطنية للإذاعة والتّلفزة إنّ هذه التعديلات في العقود تقصِد "الرّفع من مداخيل ذوي الحقوق، من فنّانين ومبدعين، وتعزيزها، ودعمَ تنافسّية الإنتاجات المغربيّة على المستوى الدولي، عبر السّماح بترويجها دوليا بعد العرض الأوّل الحصري للشّركة كمنتِجة". ويزيد المصدر ذاته في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية: "هذه الدينامية التي أطلقها الرئيس المدير العامّ للشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة تمّت عبر تعديلات في العقود وفق قوانين البلاد ومساطِرها الجاري بها العمل".