في عزّ جائحة "كورونا" وحالة الطّوارئ التي تعرفها البلاد، حرّك الرّئيس الجزائري عبد المجيد تبون قوّاته العسكريّة البرّية والخاصّة والبحرية في استعراضٍ هو الأوّل من نوعهِ في البلاد منذ مارس الماضي، بحضورِ سعيد شنقريحة، رئيس أركان الجيش الوطني الشعبي، وعدد من قيادات الجيش. ويأتي هذا الاستعراضُ العسكريُّ في ظلّ استمرارِ تفشّي الفيروس التاجي في كلّ أرجاء البلاد، بينما فضّل رئيس الجمهورية، عبد المجيد تبون، وزير الدفاع الوطني، أن يحضرَ بنفسهِ أطوار العرض العسكري، الذي أحياهُ ضبّاط جدد من خريجي المدارس العسكرية. واستعرض عدد من الضّباط الجدد في ساحات مكشوفة قدراتهم العسكرية أمام أنظار الرّئيس الجزائري الذي ظل يصفق. وشمل الاستعراض عروضاً رياضية في القتال المتلاحم، على غرار الكاراتي والكونغ فو والحركات الرياضية الجماعية بالسلاح وبدونه، إلى جانب تنفيذ تمرين قتالي بياني حول القضاء على مجموعة إجرامية. وقام عدد من الضّباط العسكريين، وهم يضعون الكمّامات، بعروضٍ قتالية أمام الرّئيس الجزائري وأعوانه. كما تابع تبوّن، من خلال شاشة عملاقة، البث المباشر لتمارين بيانية نُفذت من طرف القوات البحرية، وتمثلت في "تحرير رهائن على متن سفينة عملاقة ومساعدتهم بعد اندلاع حريق على متنها". ويرى المحلل السّياسي هشام معتضد أنّ "الاستعراضات العسكرية في الجزائر في عز جائحة "كورونا" تترجم مدى هيمنة الفكر العسكري على التدبير السياسي للحياة العامة في الجزائر، حيث اختارَ النظام الجزائري القفزَ على الظروف الصّحية التي تعيشها البلاد والوضع القلق لتزايد حالات الإصابة بالوباء لإقامة مراسيم عسكرية". وأوضح الباحث في العلاقات الدّولية أنّ "تنظيم حفل مراسيم تخرج الدفعات العسكرية والأمنية، والإقدام على الاستعراضات بعيداً عن الالتزامات الصحية، التي يفرضها النظام على باقي المؤسسات العمومية الجزائرية، يترجمان ازدواجية التدبير السياسي ومدى تحكم الجهاز العسكري في القرار السياسي، عبر تهميشه للإطار الذي يحاول محيط قصر المرادية خلقه". وأبرز الباحث ذاته أنّ "الاستعراضات العسكرية بالجزائر في عز جائحة "كورونا" تدخل أيضا في إطار تمرير رسائل عسكرية أمنية لدول الجوار، خاصة أنها تجاور مالي التي تعيش على وقع عدم الاستقرار السياسي، وليبيا التي ما زال وضعها غير مستقر ومنفتح على كل الاحتمالات". وأشار معتضد إلى أنّ "هناك أيضا عاملا داخليا يفسر التشبث بالاستعراضات العسكرية رغم الجائحة، ويرتبط بالمكون العسكري في هيكلة الدولة الجزائرية، الذي يسعى دائما إلى الحفاظ على دينامية الاستمرارية، رغم الظروف والأزمات، لترسيخ قوة الجهاز في المنظور الجزائري الشعبي".