ناقش مسؤولون سبل مساهمة الجالية المغربية في الأوراش التنموية الوطنية تزامنا اليوم الوطني للمغاربة المقيمين في الخارج الذي يصادف يوم العاشر من غشت كل سنة، مشددين على تأثر الجالية بالجائحة المرتبطة ب"كوفيد 19". نزهة الوافي، الوزيرة المنتدبة لدى وزير الشؤون الخارجية والتعاون الافريقي والمغاربة المقيمين بالخارج المكلفة بالمغاربة المقيمين بالخارج، قالت إن الاحتفاء باليوم الوطني للمهاجر يأتي هذه السنة في سياق استثنائي تطبعه جائحة "كورونا" التي اجتاحت العالم وجعلت الناس يعيشون واقع التباعد الجسدي عن بعضهم البعض يعانون من تداعيات هذه الأزمة اقتصاديا واجتماعيا بنفوس مليئة بالقلق وعدم الثقة في المستقبل. وقالت الوافي، في كلمتها خلال الاحتفاء بهذا اليوم الوطني: "نقوم بتطويع الأزمة لنحرص على تنفيذ برامجنا التي سبق أن تمت برمجتها وتحقيق كل ما يمكن تحقيقه لإشراك مغاربة العالم في الحدث"، مبرزة الدور الذي يلعبه مغاربة العالم على المستوى الاقتصادي من خلال مساهمتهم الفعالة في مختلف الأوراش التنموية بالمغرب وتنويها بما يزخرون به من كفاءات علمية ومعرفية عالية في مختلف المجالات يعول عليها في تمتين الشراكات بين المغرب وبلدان الإقامة. وتوضح المسؤولة الحكومية أن المغرب عبّر غير ما مرة عن إرادة قوية لتعبئة كفاءاته المقيمة في الخارج واعتبارها عناصر فاعلة في التنمية الاقتصادية والاجتماعية ورافعة لتشجيع الاستثمار ونقل الخبرات والمعارف. وأكدت الوافي، خلال النشاط الذي نظمته وزارتها حول موضوع "من أجل تعزيز مساهمة المغاربة المقيمين بالخارج في الأوراش التنموية الوطنية"، على ضرورة إحداث القطيعة مع طريقة التدبير التقليدية، قائلة: "دائما ما نتصور أن الهجرة المغربية هي عنصر ثابت إلا أن هناك تحولا جذريا في الهجرة المغربية أجيالا وثقافة وبالتالي لا بد من تدبير ينسجم مع تطلعات المغاربة المقيمين بالخارج". وعددت الوزيرة المنتدبة المكلفة بالمغاربة المقيمين بالخارج البرامج التي تم إحداثها من أجل تعزيز إسهام الجالية المغربية في التنمية؛ من ضمنها إحداث مخطط عمل وفريق مشترك مع الاتحاد العام لمقاولات المغرب من أجل تذليل الصعاب وخلق جاذبية للمغرب بالنظر إلى الشروط التي أسسها الملك محمد السادس. ومن ضمن الأوراش التي جاءت الوافي على ذكرها ورش يهم خلق إطارات جديدة وتعزيز المكاسب قائلة إن "كل مغربي هو كفاءة كبيرة للوطن"، متحدثة عن مخطط عمل مع المكتب الوطني للتكوين المهني وإنعاش الشغل الذي يهدف إلى تشجيع انخراط الكفاءات المغربية بالخارج في مجال التكوين والتكنولوجية الحديثة، ومشددة على ضرورة استثمار التحول الرقمي الذي يعيشه العالم، مشيرة إلى الأولوية التي يجب أن يحظى بها التكوين وكيف يجب أن يكون "هو الرهان الأساسي وكيف يمكن أن يخلق هذا التكوين تنافسية". ونبهت الوافي إلى ضرورة توطيد العلاقة والشراكة مع كل الكفاءات المغربية، مبرزة ضرورة إحداث مشاريع في جميع المجالات سواء تعلق الأمر بخلق مشاريع للطاقات المتجددة ومشاريع للتعليم العالي، ومشيرة إلى أنه يتم الاشتغال مع وزارة الصحة منذ فبراير لاستثمار العمل مع كل الكفاءات والأطباء الذين يزاولون المهنة بالخارج. وقالت الوافي إن المعرفة المغربية تمثل 17 في المائة من المعرفة العالمية، فيما يوجد سبعة آلاف طبيب يمارسون الطب فقط في فرنسا، وبالتالي "الأطر المغربية يساهمون في صنع الحدث والتنمية العالمية وتساهم في النمو الاقتصادي الدولي". ومن ضمن الأوراش التي ذكرتها الوزيرة المنتدبة كذلك ورش يرتبط بتطوير وبلورة آليات رفع مساهمة مغاربة العالم في تمويل الاستثمارات وكيف تم وضع إطار تحفيزي لرفع مساهمات تمويل مغاربة الخارج في الاستثمار، مشيرة إلى أنه يتم العمل على وضع هوية جديدة للمنظومة التحفيزية والتمويل الاستثماري. من جانبه، قال عبد الله بوصوف، الأمين العام لمجلس الجالية المغربية بالخارج، إن الاهتمام بأوضاع الجالية هو اهتمام حقيقي مهما كانت الظروف قاسية إلا أن الاشتغال سيستمر بما تيسر بالتواصل عن بعد ووفقا لتوصيات وزارة الصحة. ونبه بوصوف، في كلمته خلال اللقاء، إلى الوضع الاستثنائي الذي يعيشه مغاربة العالم، قائلا: "إخواننا في العالم يواجهون عدو الجائحة على جبهتين فيما نحن نواجهه على جبهة واحدة، الجبهة الأولى هي البلدان الذين أصبحوا مواطنين بها وجبهة بلد انتمائهم المغرب"". وقال الأمين العام لمجلس الجالية المغربية بالخارج إن الأمر يستنزف كل القوى والجهود، "الحرب ضارية... العالم كله يعيش ظروف استثنائية خلفت وستخلف مستقبلا نتائج قاسية على العالم، وستكون أقسى مستقبلا كما ذكر صاحب الجلالة بخطاب العرش". ويردف المتحدث: "لا بد أن نشحذ الهمم، وعلى كل قطاع أن يشتغل من اجل تحريك كل ما يمكن من تخفيف هذه الأزمة، ولنا خزان هائل في الجالية المغربية". ونبه بوصوف إلى أن جزءا من مغاربة العالم يعيشون في الهشاشة، وهناك أثر سلبي عليهم في بلدان إقامتهم؛ لكن "هناك نفس إيجابي هو الاستفادة من الخزان المغربي.. فهم منخرطون في محاربة الوباء، وهم كثر؛ منهم الخبير المغربي منصف السلاوي، والأطباء الذين كانوا في الصفوف الأمامية لمحاربة الوباء". وأكد أمين عام مجلس الجالية المغربية بالخارج على ضرورة تمكين أبناء الجالية من المشاركة والمساهمة إلى جانب إخوانهم في المغرب لتوسيع التنمية، قائلا إن "خلق الثروة لا يمكن أن يكون من المركز، وبالتالي لا بد من التفكير في عناصر جديدة أهمها الجهوية والعالم الذي لنا موطئ قدم فيه عن طريق الجالية المغربية". ويبرز بوصوف أن الجالية المغربية تساهم في التنمية من خلال التحويلات المالية التي لم تنقطع حتى في ظل الأزمة، وأيضا السياحة والإشعاع الثقافي والاقتصادي في البلدان التي يعيشون فيها، وبالتالي "يجب التفكير في كيف نعمل على الرفع من هذه المساهمة في التنمية؟"، يقول أمين عام مجلس الجالية المغربية بالخارج. وعلى الرغم من البرامج التي تم إطلاقها، يؤكد المتحدث على ضرورة تحيين وتطوير هذه البرامج للوصول إلى مرحلة إطلاق سياسة عمومية مندمجة وأن يكون هناك حد أكبر من التنسيق، مشددا على ضرورة إحداث وكالة للرأسمال الوطني تحدد حاجيات المغرب وخلق بنك للكفاءات المغربية لمعرفة أين يتواجدون وبنك للمشاريع القابلة لاستقدام استثمارات الجالية المغربية. من جانبه، تحدث عبد السلام الفتوح، ممثل مؤسسة الحسن الثاني للمغاربة المقيمين بالخارج، عن تقهقر اقتصاديات الدول التي تعيش بها الجالية المغربية؛ وهو "ما قد يؤدي إلى تفاقم الصعوبات في صفوف هذه الفئة". وأوضح الفتوح أن عددا من المواطنين لن يتأتى لهم زيارة الوطن بسبب صعوبة التنقل والظروف التي تفرضها الجائحة، مضيفا: "الجائحة أظهرت لنا متانة الرابطة بين الجالية ووطنها". وأكد ممثل مؤسسة الحسن الثاني للمغاربة المقيمين بالخارج، خلال كلمته في اللقاء المنعقد بمناسبة اليوم الوطني للمغاربة المقيمين في الخارج الذي يصادف يوم العاشر من غشت كل سنة، على الدور الذي لعبته الجالية خلال فترة الجائحة وعملها على مواجهة آثار الجائحة على الفئات الهشة، قائلا إن "الجالية أبانت عن نبل خلقها وكرم مساعيها وأصبح يُضرب بها المثل".