بعد وضع الصّحافيّ عمر الراضي رهن الاعتقال الاحتياطيّ، تقول منظّمة العفو الدولية إنّ لديها "بواعث قلق بالغ" من أنّ التّهم الجديدة ما هي إلا "تهم ملفّقة، تهدف مضايقة عمر الراضي، والتشهير بسمعته وإسكات صوته". ويأتي هذا بعدما أودِع الصّحافيّ الاستقصائيّ المغربي، متمّ شهر يوليوز الماضي، رهن الاعتقال الاحتياطيّ، بعد عشر جلسات استنطاق أمام الفرقة الوطنية للشرطة القضائية بالدارالبيضاء، للاشتباه في ارتكاب جنايتَي هتك عرض بالعنف والاغتصاب، والاشتباه في ارتكاب جنحتَي تلقّي أموال من جهات أجنبية بغاية المسّ بسلامة الدّولة الدّاخلية ومباشرة اتّصالات مع عملاء دولة أجنبية بغاية الإضرار بالوضع الدبلوماسيّ للمغرب. وتذكر "أمنستي" أنّ ادعاءات العنف الجنسي "يجب أن تؤخذ دائماً على محمل الجد"، ثم تضيف: "في الوقت نفسه، فإن السلطات المغربية لها سجل في توجيه تهم الجرائم الجنسية كوسيلة تكتيكية لمقاضاة الصحافيين والنشطاء في مجال حقوق الإنسان". وترى منظمة العفو الدولية أنّ المضايقة المستمرّة للصحافي الراضي "تؤكد التهديدات التي يواجهها النشطاء والصّحافيون في المغرب بسبب الكشف عن انتهاكات حقوق الإنسان"، ثم تزيد: "يجب على السلطات أن تسقط أي تهم زائفة ضد عمر الراضي، وأن تحقّق بشكل نزيه وشامل في أي شكوى ضده، وتكفل حقوقه في الإجراءات القانونية الواجب اتباعها". وتذكّر "أمنستي" بأنّ إيداع الصحافي عمر الراضي رهن الاعتقال الاحتياطيّ يأتي "بعد أسابيع من المضايقات التي تعرض لها على أيدي السلطات المغربية"، قبل أن يتهم "المدعي العام للمحكمة الابتدائية في الدارالبيضاء الصحافي الاستقصائي عمر الراضي بالمس بالأمن الوطني والاغتصاب، في 29 يوليوز"؛ وهو التصعيد الذي تلا "نشر منظمة العفو الدولية تقريراً، في 22 يونيو الماضي، يكشف عن كيفية استهداف الحكومة المغربية لهاتف عمر الراضي ببرمجيات تجسس تابعة لمجموعة "إن إس أو"". وتسجّل منظمة العفو الدولية أنّ عمر الراضي قد "استُهدِف بشكل ممنهج من قبل السلطات المغربية بسبب عمله كصحافي ونشاطه"، وتزيد: "هو منتقد صريح لسجل الحكومة في مجال حقوق الإنسان، وقد أبلغ عن الفساد، وكذلك عن الروابط بين المصالح التجارية والسياسية في المغرب. وحُكِم عليه، في 17 مارس 2020، بالسجن لمدة أربعة أشهر مع وقف التنفيذ بسبب تغريدة نشرها في أبريل 2019 ينتقد فيها المحاكمة الجائرة لمجموعة من النشطاء". كما تستحضر المنظّمة الحقوقية غير الحكومية الدولية أنّ الشرطة القضائية في الدارالبيضاء قد استدعت الرّاضي للمرة الأولى لاستجوابه، في 24 يونيو الماضي، بعد يومين من صدور تقرير لمنظّمة العفو الدولية يكشف عن هجوم برنامج التجسّس الذي استهدَف هاتفه، ثم استدعي مرات أخرى بعد ذلك، استجوب في كلّ منها لساعات. وتضيف "أمنستي": في البداية استُجوِبَ "فقط بسبب تهم تتعلق بالاشتباه في تمويل أجنبي له صلة بمجموعات استخباراتية"، ثم وُجِّهَت إليه "تهمة الاغتصاب بعد شكوى مقدمة من ضحية مزعومة اتهمت الراضي بالاعتداء عليها ليلة 12 يوليوز". وفي بيان صدر في 30 يوليوز، "نفى الراضي مثل هذه التهم، مؤكدًا أنه كانت لديه "علاقة جنسية بالتراضي" مع المدعية عليه، وحذر من أن التهم ما هي إلا تهم ملفقة لمعاقبته على عمله الصحافي". وتذكر "أمنستي"، في السياق ذاته، أنّه بالتوازي مع استدعاء عمر الراضي، "أطلقت السلطات المغربية حملة تشويه ضد منظمة العفو الدولية، في محاولة واضحة للتشكيك في النتائج التي توصل إليها المنظمة، وصرف الانتباه عن المراقبة غير القانونية التي يتعرض لها المدافعون عن حقوق الإنسان والصّحافيّون في المغرب". كما ذكّرت المنظّمة بالحكم الاستئنافيّ في عام 2019، على "توفيق بوعشرين، مدير صحيفة "أخبار اليوم"، إحدى آخر الصحف المعارضة المتبقية في البلاد، بالسجن 15 سنة"، واستشهدت بما خَلُص إليه الفريق العامل التابع للأمم المتحدة المعني بالاحتجاز التعسفي حول هذه القضية، التي قال إنّها "محاكمة شابتها انتهاكات الإجراءات القانونية الواجبة"، معتبرا "الاحتجاز التعسفي" لهذا الصّحافيّ جزءا من "مضايقة قضائية لا يمكن إلا أن تكون نتيجة لتحقيقات السيد بوعشرين ونشاطه الإعلامي".