مُباشرةً بعد الخطاب الملكي الأخير بمناسبة الذكرى الحادية والعشرين لعيد العرش، أعلنت وزارة الاقتصاد والمالية وإصلاح الإدارة عن خطة لإعادة هيكلة قطاع المؤسسات والمقاولات العمومية في إطار إصلاح القطاع العام. وكان الملك محمد السادس قد دعا، في الخطاب سالف الذكر، إلى إحداث وكالة وطنية مهمتها التدبير الإستراتيجي لمساهمات الدولة ومواكبة أداء المؤسسات العمومية. ولتنزيل هذا التوجيه، أعلن محمد بنشعبون، وزير الاقتصاد والمالية وإصلاح الإدارة، الثلاثاء في ندوة صحافية، أنه بالنسبة للمقاولات ذات الطابع غير التجاري والاجتماعي سيتم إسناد بعض المهام إلى الوزارة المعنية بعد تصفية أو حل المؤسسات والمقاولات العمومية التي ليس من الضروري الحفاظ عليها. كما كشف المسؤول الحكومي ذاته أنه سيتم تجميع بعض المؤسسات والمقاولات العمومية ذات الأهمية الإستراتيجية، وتصفية أو حل المؤسسات والمقاولات العمومية التي لم تعد المهمة التي أحدثت من أجلها قائمة. أما بخصوص المؤسسات والمقاولات العمومية ذات الطابع التجاري والمالي، أشار بنشعبون إلى أنه سيتم تعزيز استدامة نموذجها الاقتصادي من خلال تقليص تبعيتها للميزانية العامة للدولة، وتحسين مساهماتها في الميزانية من خلال الأرباح والأتوات. وتتضمن الخطة أيضاً إحداث مجموعات وشركات قابضة قطاعية متجانسة تلبي متطلبات الحجم المثالي وعقلنة التدبير، والجذب بالنسبة للسوق المالي، وفي هذا الصدد سيتم إحداث وكالة لتدبير المساهمات التجارية والمالية للدولة. ومن أجل إنجاح هيكلة قطاع المؤسسات والمقاولات العمومية، أشار بنشعبون أنه سيتم إحداث وكالة وطنية للتدبير الإستراتيجي لمساهمات الدولة ومواكبة أداء المؤسسات العمومية بهدف تعزيز دور الدولة كمساهم. في قطاع البنيات التحتية، سيتم دمج كل من الشركة الوطنية للطرق السيارة بالمغرب والمكتب الوطني للسكك الحديدية والشركة الوطنية للنقل والوسائل اللوجستيكية وصندوق تمويل الطرق والوكالة الوطنية لتنمية الأنشطة اللوجستيكية، وسيتم إنشاء هيئة واحدة مسؤولة عن إنجاز البنية التحتية للطرق والطرق السريعة والسكك الحديدية وكذا خدمات النقل، وتجميع النشاط اللوجستيكي من أجل خلق الانسجام وتطوير عرض متكامل. أما في القطاع الاجتماعي، فسيتم دمج كل من وكالة التنمية الاجتماعية ومؤسسة التعاون الوطني ومكتب تنمية التعاون وصندوق المقاصة، ليتم إنشاء هيئة واحدة مسؤولة على المجال الاجتماعي بدلاً من مجموعة من المؤسسات العمومية الموجودة حالياً. وفي قطاع الفلاحة والصناعة الغذائية، سيتم دمج المكتب الوطني للحبوب والقطاني والوحدات التابعة له، وأكد الوزير في هذا الصدد أنه يتعين تحويل الهيئة الموحدة الجديدة إلى القطاع الخاص. في قطاع التنمية الترابية، أورد الوزير أنه سيتم حل وكالات الإنعاش والتنمية الاقتصادية والاجتماعية الثلاث (الجنوب والشمال والشرق)، حيث قال إن استمرارها لم يعد مبرراً تكرار مهامها من طرف مؤسسات ومقاولات عمومية أخرى أو قطاعات أخرى أو جماعات ترابية. وفي تقديم لهذا الإصلاح، كشف بنشعبون أن التحليل الذي أنجز في هذا الصدد أظهر عدداً من نقاط الضعف والنواقص؛ من بينها تضاعف عدد مؤسسات الدولة، لا سيما ذات الطابع التجاري. وحسب المعطيات الرسمية، تعتمد المؤسسات والمقاولات العمومية ذات الطابع غير التجاري على الميزانية العامة للدولة بشكل كبير، حيث تطلبت إمدادات بحوالي 36 مليار درهم خلال السنة الجارية. وبخصوص المؤسسات والمقاولات العمومية ذات الطابع التجاري، فقد رصد التحليل تزايد احتياجاتها للدعم فيما يخص الموارد الذاتية أو الضمانات من أجل الحفاظ على استدامتها؛ من بينها المكتب الوطني للسكك الحديدية، والخطوط الملكية المغربية، والمكتب الوطني للكهرباء والماء الصالح للشرب، ومجموعة العمران، وشركة الطرق السيارة. وحسب نتائج التحليل، تبين أن هناك غياباً للتفاعلات الإيجابية والتكاملات التي تمكن من النمو الخارجي وبطء مسلسل تشكيل التجمعات، إضافة إلى تأخر عمليات تصفية أكثر من 70 مؤسسات عمومية لأكثر من عقد من الزمن.