توقع رشيد بن عبد الله، مدير الوقاية على مستوى المديرية العامة للغابات بالجزائر، تضاعف عدد الحرائق في الجزائر خلال غشت الجاري، بعد تأكيد نشرات ديوان الأرصاد الجوية أن درجة الحرارة ستعرف ارتفاعا قياسيا هذا الشهر، مع العلم أن 80 بالمائة من الحرائق المسجلة شهري يونيو ويوليوز مردها العامل البشري، حيث تم إحصاء 900 حريق منذ بداية الصيف. وقال رشيد بن عبد الله، في تصريح لجريدة "الشروق الجزائرية"، إن "عدد الحرائق التي التهمت الغابات والأراضي الفلاحية خلال الشهرين الماضيين بلغ ما يقارب 882 حريقا، بمعدل 15 حريقا يوميا، وهو رقم ضخم ينم عن تضرر كبير للغطاء الأخضر في الجزائر". وبخصوص تفاصيل الحرائق المسجلة شهري يونيو ويوليوز، أوضح المتحدث ذاته أن "العامل البشري يقف وراء 80 بالمائة من هذه الحرائق، سواء عن طريق افتعال هذه الحرائق لتوسيع المساحات الزراعية المجاورة أو التصرف العشوائي الذي يتسبب في نشوب النيران دون قصد، كرمي سجائر أو بقايا النفايات التي تتضمن مواد سريعة الاحتراق، دون مراعاة أننا في فصل الصيف الذي تكثر فيه ألسنة النيران، ولا حتى قربهم من المناطق الغابية". ونفى رشيد بن عبد الله بشدة أن تكون أسباب هذه الحرائق مرتبطة بجماعة باعة الفحم الذين يتعمدون إشعال الغابات للحصول على كميات كبيرة من الفحم وإعادة بيعها قبيل عيد الأضحى، وتساءل "كيف لهؤلاء أن يحرقوا الغابات عشية عيد الأضحى للحصول على الفحم؟ لو كان ذلك صحيحا لارتكبوا هذه الجرائم على الأقل أسبوعا قبل العيد". واشتكى مسؤول مديرية الغابات من "نقص الإمكانيات وقلتها على مستوى مديرية الغابات لمواجهة الحرائق، التي باتت اليوم تلتهم الأخضر واليابس، وتشكل تهديدا حقيقيا لصحة المواطن وحتى للغطاء النباتي"، مطالبا الحكومة ب"التسهيل على مسؤولي هذه الهيئة وتزويدهم بالوسائل التكنولوجية الحديثة على غرار الدول المتطورة لإخماد النيران، عبر اقتناء طائرات "درون" بدون طيار لتحديد المناطق التي توجد بها الحرائق، والتقاط صور نشوبها، ومنع افتعال هذه الحرائق". وكشف المسؤول الجزائري أن "النقص يشمل أيضا السيارات، حيث تم تزويد المديرية ب80 مركبة ناقلة للمياه، في انتظار تسليمها سيارات جديدة، كون هذا العدد يظل غير كاف، والشيء ذاته بالنسبة للعنصر البشري، حيث تعاني مديريات الغابات من نقص حاد في عدد الأعوان الذين أحيلوا على التقاعد ولم يتم تعويضهم". وطالب ب"فتح باب التوظيف فورا للقضاء على هذا المشكل الذي يتسبب في أزمة خانقة بالمديرية". يُشار إلى أن هذه الإجراءات تأتي في وقت قامت الوزارة الأولى الجزائرية بتنصيب خلية متابعة وتقييم لتطور حرائق الغابات للتحقيق في مصدرها وأسبابها ومن يقف وراءها، وكذا لتنفيذ جميع تدابير الدولة الخاصة بحماية وتأمين السكان والممتلكات. وارتباطا بواقعة الحرائق ومشاكل أخرى تزامنت مع عيد الأضحى، قال الوزير الأول الجزائري عبد العزيز جراد، الأحد، إن "تعليمات رئيس الجمهورية بالتحقيق في الأزمات التي صاحبت عيد الأضحى مردها وجود مؤشرات حول مؤامرة لضرب الاستقرار والعلاقة بين المواطن والسلطات العمومية". وأضاف عبد العزيز جراد أن "سبب فتح هذه التحقيقات هو وجود صدفة غريبة بين ثلاث أزمات، هي نقص السيولة، وحرائق الغابات، وانقطاع نسبي للتزود بالمياه". وبالنسبة للسيولة، أكّد جراد أن ما وقع هو مؤامرة، كون المبلغ الذي ضخ خلال شهر بلغ 4 آلاف مليار سنتيم، وهو مبلغ ضخم، في الوقت الذي لوحظ سحب مكثف للأموال من طرف الأشخاص أنفسهم يوميا دون عودتها إلى المكاتب، غير أنه أقر بوجود "نقائص إدارية في مؤسسة البريد". وبالنسبة للحرائق، أشار المسؤول الجزائري إلى أن بعضها مفتعل، وأنه تم توقيف أشخاص وراء هذه الجرائم عبر عدة ولايات، سيتم الكشف عن هوياتهم لاحقا. أما بخصوص انقطاع المياه خلال أيام عيد الأضحى، فقال الوزير الأول الجزائري إن سببه عملية تخريب واضحة طالت محطة تحلية مياه البحر في فوكة. وفي السياق ذاته، أمر الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، الأحد، بفتح تحقيق "فورا" حول الحرائق التي ازدادت في الأيام الأخيرة في أنحاء البلاد وأتت على آلاف الهكتارات من أجل "الكشف عن أسباب الحرائق التي التهمت مساحات شاسعة من الغابات". وسجلت المديرية العامة للغابات بالجزائر 1216 بؤرة حريق بين الأول من يونيو والأول من غشت، التهمت أكثر من 8778 هكتارا في 37 منطقة، وفق ما نقلت وكالة الأنباء الرسمية، فيما سجل 66 حريقا متزامنا، في 27 يوليوز، في 20 ولاية، مما تطلب تدخل مروحيات الحماية المدنية لإطفائها. وتشهد الجزائر حرائق متكررة تدمر سنويا 1 بالمائة من إجمالي الغطاء النباتي في البلاد، حيث فُتحت تحقيقات عام 2019 لتحديد الأسباب، لكن نتائجها لم تعلن. فيما نقلت وكالة الأنباء الجزائرية، عن مصدر في المديرية العامة للغابات، أن التحقيقات حول حرائق الغابات في البلاد بين 1985 و2018 أظهرت أن 66673 حريقا أدت إلى القضاء على 1,073 مليون هكتار من الغطاء الحرجي.