ابتداء من فاتح يوليوز الماضي تغيّر الحد الأدنى للأجور في المغرب، للمرة الثانية، بعد رفعه بنسبة خمسة في المائة، تنفيذا لاتفاق 25 أبريل بين الحكومة والنقابات العمالية وأرباب العمل، القاضي بزيادة نسبة عشرة في المائة من الحد الأدنى للأجور موزع على شطرين، الأول طُبق يوم 1 يوليوز 2019، والثاني خلال التاريخ نفسه من السنة الجارية. وانتقل الحد الأدنى للأجر اليومي في قطاع المهن الصناعية والتجارية والمهن الحرة من 14.13 درهما، المطبق ابتداء من فاتح يوليوز 2019، إلى 14.81 درهما ابتداء من فاتح يوليوز 2020. وهكذا ارتفع الأجر الشهري الإجمالي من 2698.83 درهما إلى 2828.71 درهما، بمعدل 191 ساعة عمل في الشهر. ووفق بيانات جدول حسابي أعدّه محمادي اليعقوبي، مستشار ومحلل اقتصادي، فإنّ الراتب الشهري الإجمالي الصافي، أي بعد خصم مساهمة الأجير في الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، انتقل من 2516.93 درهما، في فاتح يوليوز 2019، إلى 2638.05 درهما ابتداء من فاتح يوليوز الماضي. وانتقلت مساهمات الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، التي تدفعها الشركات عن كل أجير، من 751.08 درهما إلى 787.23 درهما، لتنتقل بذلك التكلفة الإجمالية من 3268.01 درهما إلى 3425.28 درهما. وكان أرباب العمل قد تقدموا بطلب إلى الحكومة، عبر الفريق البرلماني للاتحاد العام لمقاولات المغرب بمجلس المستشارين، قصْد تأجيل زيادة نسبة خمسة في المائة من الحد الأدنى للأجور إلى شهر يوليوز 2021، بداعي تضررهم من التداعيات الاقتصادية لجائحة "كورونا"، غير أن هذا الطلب لم يحظَ بموافقة الحكومة. وقال اليعقوبي، في تصريح لهسبريس، إن الشركات دفعت لعمالها رواتبهم مع تطبيق الشطر الثاني من الزيادة في الحد الأدنى في الأجور المحدد في بداية يوليوز الماضي، مشيرا إلى أن مفاوضات حول تأجيل الزيادة المذكورة جرت بين أرباب العمل، خاصة في القطاعات المتضررة مثل السياحة والنسيج، والحكومة، لكنها لم تنجح لأن ذلك يتطلب التوصل إلى اتفاق ثلاثي، أي بين الطرفين المذكورين وكذا النقابات العمالية. ووفق الإفادات التي قدمها اليعقوبي، فإن أي شركة لا تطبق الزيادة المقررة في الحد الأدنى للأجور ستخضع لتسوية أو مراجعة من قِبل الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي في حالة إجراء تدقيق، ويظل من حق العامل المطالبةُ بدفع الباقي المقابِل للزيادة الجديدة في الرواتب. وبالنسبة للحد الأدنى للأجور في القطاع الفلاحي، فقد انتقل من 73.22 درهما في اليوم، المعمول به ابتداء من فاتح يوليوز 2019، إلى 76.70 درهما حاليا، ليرتفع بذلك الراتب الشهري الإجمالي في هذا القطاع من 1903.72 دراهم إلى 1994.20 درهما، بمعدل 26 يوم عمل في الشهر. وانتقل الراتب الشهري الإجمالي الصافي في القطاع الفلاحي من 1775.41 درهما إلى 1859.79 درهما. ووازى ذلك ارتفاعُ مساهمات الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي من 529.81 درهما إلى 554.99 درهما، لتنتقل بذلك التكلفة الإجمالية الشهرية لكل أجير في هذا القطاع من 2305.21 دراهم إلى 2414.78 درهما. وجوابا عن سؤال حول مدى كفاية رفع الحد الأدنى للأجور بنسبة 10 في المائة على مدى سنتين لتحسين الوضعية الاجتماعية للطبقة العاملة، اعتبر اليعقوبي أن هذه الزيادة غير كافية لرفع القدرة الشرائية للعمال، لكنه أشار إلى ضرورة أخذ مسألةِ حاجة المقاولة المغربية إلى تنافسية أكثر بعين الاعتبار، لإحداث توازن بين استقرار موازنة الشركات واحترام الحقوق المادية للعمال. وأوضح اليعقوبي أن كتلة الأجور تشكّل نسبة كبيرة من مصاريف الشركات ومن كلفة الإنتاج، "لذلك فإن المسألة تحتاج إلى مقاربة شمولية في دراسةٍ مقارنة مع كلفة الإنتاج لدى مقاولات الدول المنافسة للمغرب، خاصة في قطاع التصدير"، مشيرا إلى أن المغرب يتصدر دول إفريقيا الفرنكفونية من حيث أكبر حد أدنى للأجور. الزيادة الجديدة في الحد الأدنى للأجور بالمغرب لم تقتصر فقط على قطاعات الصناعة والتجارة والمهن الحرة والقطاع الفلاحي، بل شملت أيضا أجور العاملات والعمال المنزليين، حيث انتقل الحد الأدنى للأجور بالنسبة لهذه الفئة، ابتداء من فاتح يوليوز الماضي، من 8.89 دراهم في اليوم إلى 65.16 درهما. وتبعا لذلك، فإن الأجر اليومي للعاملات والعمال المنزليين أصبح 65.16 درهما. وبحساب 191 ساعة عمل في الشهر، أي 26 يوم عمل، فإن الراتب الشهري انتقل إلى 1582.83 درهما، ابتداء من فاتح يوليوز الماضي، فيما ارتفعت مساهمات الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي إلى 472.34 درهما، لتصل التكلفة الإجمالية إلى 2055.17 درهما في الشهر. ويرى اليعقوبي أن الحكومة ومؤسسات المجتمع المدني عليها أن تقوم بمجهودات كبيرة من أجل تحسيس المواطنين بضرورة احترام وتطبيق القانون الجديد الخاص بالعاملات والعمال المنزليين، حتى يتمكن هؤلاء من الاستفادة الكاملة من الحماية الاجتماعية وجميع الخدمات التي يقدمها الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي.