شَرع مجلس المنافسة، الثلاثاء، في الاستماع لممثلي شركات المحروقات قبل إصدار قراره الحاسم في حقها بسبب مُمارسات منافية لقانون حرية المنافسة والأسعار. وتُعقد هذه الجلسات للبت في الإحالة المسجلة لدى المجلس تحت عدد 112/S/16 من طرف نقابتين المتعلقة بوجود محتمل لممارسات منافية للمنافسة في سوق توزيع المحروقات في المملكة. ويَحضر هذه الجلسات أعضاء المجلس ومندوب الحكومة من جهة، ومن جهة أخرى مُمثلو شركات توزيع المحروقات المعنية بهذا الملف المثير للجدل. ومطلوب من هذه الشركات أن تواجه أعضاء مجلس المنافسة بخصوص مضامين تقرير أعده في هذا الصدد يكشف وُجود تفاهمات حول أسعار بيع المحروقات للعموم، في خرق للمنافسة الحرة. وتُحاط هذه الجلسات، المستمرة ليومين، بسرية تامة، وتحضرها الشركات المعنية مدعومةً بمحامين ومستشارين قانونيين للدفاع عن مواقفها ومحاولة تخليصها من عقوبات مالية باتت قاب قوسين أو أدنى منها. وبحسب مصدر مطلع تحدث لهسبريس، فإن جلسات المجلس بخصوص هذا الملف قد تدوم يومين أو ثلاثة أيام، لأن الأمر يتعلق بملف ليس بالسهل، وهو أول امتحان لمجلس المنافسة بعد تجديد هياكله وتعيين ادريس الكراوي رئيساً له. وكان تقرير مجلس المنافسة حول هذا الملف قد أشار إلى وُجود ممارسات منافية للمنافسة بين شركات توزيع المحروقات في المغرب، من بينها "تشكيل تحالفات" و"تبادل معلومات حساسة" بهدف التوافق على سعر البيع للعموم بشكل يُخالف وضع تحرير السوق. ويتضمن التقرير توصيةً بإنزال عقوبة مالية تصل إلى 10 في المائة من رقم معاملات الشركات المعنية، لكن القرار الأخير يعود إلى مجلس المنافسة بعد انتهاء هذه المرافعات التي تعرف أخذاً ورداً. ويُمكن أن تطبق العقوبة المالية سالفة الذكر في حق الشركات المعنية في حالة اعتراضها على ما جاء في التقرير، كما يمكن أن يتم التفاوض في حالة الإقرار بالأمر. وفي حالة غياب أي اعتراض، يُقلص المبلغ الأقصى للعقوبة المحكوم بها إلى النصف. ويَفتح القانون 104.12 المتعلق بحرية الأسعار والمنافسة إمكانية الطعن في قرارات مجلس المنافسة، حيث تنص المادة 44 منه على إمكانية ذلك داخل أجل ثلاثين يومياً من تاريخ تبليغ القرار، وذلك أمام محكمة الاستئناف بالرباط. لكن المادة 53 من القانون نفسه تُوضح أن هذا الطعن لا يوقف التنفيذ، غير أنه يجوز لمحكمة الاستئناف الأمر بوقف التنفيذ إذا ما كان من شأن التدابير التحفظية والقرارات الصادرة عن مجلس المنافسة أن تترتب عليها عواقب لا يمكن تداركها بالنسبة للمنشآت المعنية. ويتزامن القرار المرتقب لمجلس المنافسة مع صدور تقريره السنوي الذي رفعه إلى الملك محمد السادس، والذي ضم رأياً صدر سنة 2019 حول تسقيف المحروقات، جاء فيه أن سوق المحروقات يعرف اختلالات عدة، كما أقر باستحالة تسقيف الأسعار لكون ذلك لن يحل المشكل. واعتبر التقرير أيضاً أن "سوق المحروقات تُعاني من أعطاب واختلالات تنافسية هيكلية لا تنفع معها الإجراءات المتخذة للتصدي لهذه الاختلالات بشكل دوري؛ إذ تبقى غير فعالة". وسبق للمجلس أيضاً أن نشر وثيقةً رسميةً تكشف وُجود هوامش ربح مرتفعة وممارسات غير قانونية في سوق المحروقات بالمغرب، بعد تحريرها نهاية 2015، حيث كان سعر البيع للعموم في السابق مُدعماً من طرف الدولة. وحسب الوثيقة ذاتها، تخضع سياسة الأسعار المطبقة من قبل الفاعلين في قطاع المحروقات لتقارب كبير، وهو ما يؤشر على وجود ممارسات مخلة بالمنافسة، ما يجعل الأسعار المطبقة في المحطات مماثلة نسبياً وليست هناك فوارق مهمة محفزة للمستهلك لاقتناء مادتي الوقود والبنزين من محطة دون أخرى. وتشتغل في المغرب حوالي 20 شركة لتوزيع المواد البترولية السائلة، منها 11 شركة تستورد من الخارج كلاً من الغازوال والبنزين ووقود الطائرات والفيول، ويُرجح أن يشمل القرار المرتقب لمجلس المنافسة عدداً مهماً منها.