لقد كانت آخر مرة شاهد فيها أي شخص الدبابة الإيطالية من طراز "فيات 2000"، والتي كانت من بين الدبابات الرائدة أثناء الحرب العالمية الأولى، عندما كان الديكتاتور الفاشي بينيتو موسوليني، مشغولا بغزو بلاد الحبشة، وكان الديكتاتور الالماني النازي أدولف هتلر يستضيف أولمبياد برلين في عام 1936. وبعد مرور أكثر من 80 عاما، أقدمت مجموعة من الإيطاليين المتحمسين على إعادة بناء الدبابة، من الصفر، وذلك إعرابا عن تقديرهم لما يطلقون عليه "معجزة هندسية". وقال جيانكارلو مارين، وهو رجل أعمال يقيم في إقليم فينيتو في شمال شرق البلاد، وهو الذي قام برعاية المشروع، لوكالة الانباء الالمانية (د.ب.أ) "على المرء أن يكون مجنونا بعض الشيء لكي يقوم بذلك، إلا أن الشغف بالميكانيكا يقودك إلى ذلك وأكثر". وقال مارين الذي يبلغ من العمر 80 عاما: "لقد ولدت ميكانيكيا وسأموت ميكانيكيا. إن ما يجري في عروقي ليس دما، ولكن وقود... عندما عرضوا الفكرة علي، قفزت نسبة الأدرينالين لدي إلى المئة". ويشار إلى أن وظيفة مارين التي يمارسها بصورة يومية هي إدارة شركة "سفيكوم" للمعدات الصناعية. كما أسس متحف القوات المسلحة (1914 و1945)، في مسقط رأسه مونتيشيو ماجيوري، الواقعة شرق فينيسيا. وهكذا انضم إلى مشروع "فيات 2000". وتعتبر الدبابات أكبر ابتكار خلال فترة الحرب العالمية الأولى. وقد كان البريطانيون أول من استخدمها في المعركة، ثم تبعهم الفرنسيون والألمان. وقد انضمت إيطاليا إلى الحرب في عام 1915، لكي تقاتل إلى جانب بريطانيا وفرنسا ضد النمسا. وقد تم تطوير "فيات 2000" في وقت كان متأخرا جدا لكي يسمح بأن يتم استخدامها في الحرب. ومع ذلك، كانت الدبابة مثيرة للإعجاب، حيث كانت تزن حوالي 40 طنا، مع وجود درع أكثر صلابة من منافسيها، وكانت مجهزة بسبعة مدافع رشاشة ومدفع من عيار 65 ملليجرام يطل من برج دوار. وقال مارين: "لقد كانت في ذلك الوقت، أفضل تقنية إيطالية معروضة". وقد تم عمل نموذجين فقط للدبابة، واستخدمت واحدة فقط بعد الحرب العالمية الأولى في ليبيا - التي كانت مستعمرة إيطالية آنذاك - وتُركت هناك. أما الدبابة الأخرى، فقد تم تصويرها لآخر مرة في ثكنة للجيش في بولونيا عام 1936. وأعادت المؤرخة الهاوية أندريا سيونتشي، سرد قصة الدبابة "فيات 2000" قبل ثلاثة أعوام في صحيفة "لا ستامبا". وقرر الاتحاد الوطني للناقلات الإيطالية ومجموعة "إس بي إيه ميليتير"، وهي مجموعة من المتحمسين للمركبات العسكرية القديمة، إعادة بناء الدبابة. وقد تمكنوا من جمع مبلغ 35 ألف يورو (39 ألف دولار)، وذلك - بصورة جزئية - من خلال حملة عبر الإنترنت. وقد حصلوا على فكرة شكل وأبعاد الدبابة بعد الحصول على المخططات القديمة ونموذج مصغر لها وصور من تلك الفترة. ولكن بالنظر إلى سعر جميع كميات الصلب المطلوبة، ظل المشروع محصورا في لوح الرسم حتى انضم مارين في أواخر عام 2018، بالمال وورشة العمل، حيث أصبح من الممكن بناء النسخة المماثلة. يرفض مارين أن يقول كم كلفه المشروع. إنه يمزح فقط بشأن "التضحية" التي قدمها هو وآخرون من خلال تخصيص وقت فراغهم للدبابة بدلا من زوجاتهم. وقال: "خلال العامين الماضيين، لم نمضِ الكثير من الوقت مع نسائنا، إذا كنتم تفهمون ما أقصده". و أصبحت الدبابة "فيات 2000" حاليا شبه مكتملة. وهي تعمل، على الرغم من أنها مازالت تنقصها بعض الأغطية. ومن الواضح أنها ليست مسلحة. وتتمثل خطة المتحمسين في عرضها بمتحف القوات المسلحة، أملا في زيادة عدد الزائرين. وفي الوقت الحالي، يقوم مارين وآخرون باللعب بالدبابة في عطلات نهاية الأسبوع. وقال: "لقد تعرضنا لحادث صغير... فإنها كبيرة للغاية ولا تسمح لنا بأن نرى جيدا من مكان القيادة، لذلك ارتطمنا بغلاية (كانت في ورشة العمل)"، مؤكدا أن "الامر كله جزء من المرح". إلا أن مارين يؤكد على أن اهتمامه بالدبابات والمركبات المدرعة الأخرى، ينبع من شغفه بالهندسة الميكانيكية، أكثر من إثارة الحروب. ويقول: "بالنسبة لي، من المهم أن (فيات 2000) لم تتسبب في أي ضرر (أثناء الحرب العالمية الأولى)"، مضيفا: "أنا أرى أنها مشروع رائع من جانب شركة فيات." *د.ب.أ