في خضمّ موجة الحر الشديدة التي يشهدها الجنوب الشرقي، تزايدت وتيرة اندلاع الحرائق في واحات الجهة؛ ما دفع عديداً من الفعاليات المدنية إلى دق ناقوس الخطر بشأن تداعياتها البيئية، بالنظر إلى الدور الطبيعي الذي تقوم به أشجار النخيل. وقدّرت مصادر محلية في درعة تافيلالت أعداد حرائق الواحات بالآلاف، منبّهة إلى توالي اندلاعها خلال فترة سيران حالة "الطوارئ الصحية"، لا سيما واحات "مزكيطة" و"أفلاندرا" و"ترناتة"، داعية السلطات الجهوية إلى تحسيس مرتادي الواحات بأخطار الحرائق على المنظومة البيئية. وفي هذا الصدد، أفاد جمال أقشباب، رئيس جمعية أصدقاء البيئة في زاكورة، بأن "مناطق الواحات شهدت ظاهرة غريبة، خلال السنوات الماضية، وازدادت حدتها في الأشهر المنصرمة، ويتعلق الأمر بحرائق الواحات، التي ما زالت متواصلة إلى الآن". وأوضح أقشباب، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن "السؤال المطروح بشدة يتمحور حول الأسباب الأساسية للحرائق التي بدأت تنتشر بشكل كبير في مناطق الواحات، بحيث توجد أسباب غير مباشرة ذات صلة بتوالي سنوات الجفاف منذ سنة 2014". وشدد رئيس جمعية أصدقاء البيئة في زاكورة على أن "شح التساقطات المطرية، التي لا تتعدى 30 ميليمترا في السنة، أدى إلى تراجع الفرشة المائية الباطنية والسطحية؛ ما أثر على الواحات التقليدية التي تشغل 26 ألف هكتار"، وزاد شارحا: "تحولت الواحات في درعة إلى مناطق يابسة، بفعل انخفاض نسبة الرطوبة؛ ما جعل الحقول جرداء، لتُوفر بذلك شروط اندلاع الحرائق". ولفت الفاعل المدني إلى أن "حرائق الواحات تقدر بالآلاف في الأشهر الثلاثة المنصرمة، بسبب إهمال الجهات المعنية لواحات النخيل، حيث ارتأى عدد من الفلاحين الهجرة وآخرون التجؤوا إلى بدائل زراعية مربحة في نظرهم، يبقى أهمها زراعة البطيخ الأحمر". وبشأن الأسباب المباشرة لاندلاع حرائق واحات درعة، أشار أقشباب إلى أنها "كانت المتنفس الوحيد للسكان في فترة الحجر الصحي، إذ تُطهى فيها الأطعمة، ويترك الزوار بقايا السجائر، ويحرق الفلاحون النخيل المصاب بمرض البيوض، إلى جانب مساهمة بعض المختلين عقليا والأطفال عن غير قصد في هذه الحرائق". وأكد المصدر عينه أن "السلطات الإقليمية والمكتب الجهوي للاستثمار الفلاحي مطالبون بفتح نقاش عمومي حول الظاهرة لتشخيص مكامن الخلل"، مسجلا "غياب برامج تحسيسية وتوعوية لسكان الواحات قصد تجنب مخاطر الحرائق"، داعيا إلى "صياغة مخطط عمل إستراتيجي لإنقاذ الواحات قبل فوات الأوان، لاسيما أمام استمرار الجفاف وارتفاع درجة الحرارة في فصل الصيف".