كل «التَّلْفات» تؤدي إلى روما: عندما يسعى نظام الجزائر إلى لعب ورقة إيطاليا في خصوماته مع الشركاء الأوروبيين!    بورصة الدار البيضاء تستهل الأسبوع بارتفاع في مؤشراتها الرئيسية    الأمطار الأخيرة تنعش حقينة سدود المملكة    ترامب: التعليم في أمريكا هو الأسوأ في العالم    توقعات أحوال الطقس لليوم الاثنين    المغاربة مطالبون بتغليب مصالح وطنهم في مواجهة الحملات المغرضة    التطوع من أجل نشر القراءة.. حملة ينظمها حزب الاستقلال بالقصر الكبير    الحوار السياسي في موريتانيا خطوة نحو التوافق أم مناورة لاحتواء المعارضة    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية اليوم الاثنين    الجزائر تعرض مواردها المعدنية على الرئيس ترامب لتفادي الوقوع في ورطة زيلنسكي    وفد إسرائيلي يتوجه الى الدوحة الإثنين لمباحثات بشأن الهدنة في غزة    كندا.. المصرفي السابق مارك كارني سيخلف جاستن ترودو في منصب رئيس الوزراء    نهضة بركان على بعد خطوة من تحقيق أول لقب له بالبطولة    المرأة المغربية في عيدها العالمي وقفة سريعة مع سنة 2024    تعليق الدراسة في عدد من الأقاليم المغربية بسبب الأحوال الجوية    الدرك الملكي بالدراركة يوقف صيدلانيا متورطا في ترويج القرقوبي    قصة شاب غامر بالسباحة عبر البحر إلى سبتة ليتمكن من إتمام إجراءات زواجه بعد رفض تأشيرته    اجتماع استثنائي للكاف في القاهرة بحضور قادة كرة القدم الإفريقية    كيوسك الإثنين | انخفاض معدل الاعتقال الاحتياطي ب 37,56 % عند متم 2023    عمر هلالي يعلق على أنباء اهتمام برشلونة    الصين تعزز الحماية القضائية لحقوق الملكية الفكرية لدعم التكنولوجيات والصناعات الرئيسية    كوريا الجنوبية/الولايات المتحدة: انطلاق التدريبات العسكرية المشتركة "درع الحرية"    دراسة: الكوابيس علامة مبكرة لخطر الإصابة بالخرف    ساكنة تجزئة العالية بالجديدة يحتجون من جديد على مشروع بناء حمام وسط حيهم    أبطال أوروبا .. موعد مباراة برشلونة ضد بنفيكا والقنوات الناقلة    رجاء القاسمي.. الخبرة السينوتقنية بلمسة نسائية في ميناء طنجة المدينة    إسرائيلي من أصول مغربية يتولى منصب المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي    نهضة بركان تفوز بثنائية في تطوان    بطل في الملاكمة وبتدخله البطولي ينقذ امرأة من الموت المحقق … !    الشركة متعددة الخدمات الدار البيضاء سطات.. جهود مكثفة لتفادي تجمعات مياه الأمطار وتيسير حركة المرور    جثة امرأة تنتظر التشريح في سطات    مبعوث أمريكي يدّعي أن حماس اقترحت هدنة من 5 إلى 10 أعوام بغزة    نجم إسبانيول يعرب عن رغبته في الانضمام إلى أسود الأطلس    ندوة تبرز الإنجازات في الصحراء    أسعار الخضر والفواكه تشهد ارتفاعًا ملحوظًا في أسواق سوس ماسة والمواطنون يطالبون بتدخل السلطات    8 مارس ... تكريم حقيقي للمرأة أم مجرد شعارات زائفة؟    التساقطات المطرية تساهم في الرفع من حقينة سدود المملكة    وداعًا نعيمة سميح...    نعيمة سميح .. من برامج اكتشاف المواهب إلى صوت المغرب الخالد    عمر أوشن يكتب: ليلة غنت نعيمة سميح للمعتقلين السياسيين "ياك أجرحي"    سوريا تحقق في "المجازر المروعة"    القول الفصل فيما يقال في عقوبة الإعدام عقلا وشرعا    الأمازِيغ أخْوالٌ لأئِمّة أهْلِ البيْت    العملات الرقمية.. استخدام واسع للمغاربة ترافقه أحكام بالإدانة وترقب لصدور قانون مؤطر    السمنة .. وباء عالمي    اتحاد طنجة يخطف تعادلا من العاصمة العلمية    عبد الوهاب الدكالي ل "أكورا": نعيمة سميح فنانة استثنائية-فيديو-    المغرب يستورد أزيد من 600 ألف طن من الزيوت النباتية من روسيا    ملاعب للقرب تفتح أبوابها للشباب بمقاطعة سيدي البرنوصي    حقيقة الأخبار المتداولة حول خطورة لحوم الأغنام على صحة المغاربة..    نورة الولتيتي.. مسار فني متألق في السينما الأمازيغية    أمسية رمضانية أدبية احتفالا بإبداع الكاتب جمال الفقير    رحلت عنا مولات "جريت وجاريت"    تسجيل أزيد من 24 ألف إصابة بجدري القردة بإفريقيا منذ مطلع 2025    أفضل النصائح لخسارة الوزن    عمرو خالد: هذه ملامح استراتيجية نبوية ناجعة للتعامل مع تقلبات الحياة    اضطراب الشراهة عند تناول الطعام: المرض النفسي الذي يحوله تجار المكملات الغذائية إلى سوق استهلاكي    مقاصد الصيام.. من تحقيق التقوى إلى بناء التوازن الروحي والاجتماعي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



انفجار الطلب الاجتماعي أية مقاربة؟
نشر في هسبريس يوم 14 - 02 - 2012

حكومات الربيع الديمقراطي بين بناء الدولة الحديثة ومعالجة الطلب الاجتماعي المنفجر
بعد مضي أزيد من سنة على انطلاق الموجة الرابعة للديمقراطية التي اجتاحت بلدان شمال افريقيا والشرق الأوسط، والتي باغتت أنظمة دكتاتورية وأرغمت أنظمة اخرى على التكيف مع متطلبات الوضع الجديد بإصلاحات متفاوتة الدرجة. ولقد أفرزت هذه الموجة حكومات جديدة تحمل شعارات التغيير والاصلاح، وتستند إلى شرعية شعبية غير مسبوقة في عالمنا العربي، وتقودها أحزاب وتحالفات سياسية تسعى لاسترجاع الكرامة المهدورة وبناء الدولة الحديثة /المواطنة.
غير أنه بقدر ما تطمح هذه الحكومات إليه من التأسيس لنظام سياسي حديث وثقافة سياسية جديدة، فإنها ترتطم بطلب اجتماعي منفجر يحمل مطالب فئوية وتسوية وضعيات اجتماعية مأزومة، تعبر عنه حركات احتجاجية متعددة.
ومن امثلة ذلك ما حدث من احتجاجات للمعطلين و احداث مدينة تازة وسلا وبني ملال... – ومثلها ما يظهر في تونس ومصر وليبيا...- وما هو آت من احتجاجات أخرى متوقعة.
فكيف تعاملت حكومات الربيع الديمقراطي مع هذا الوضع؟ وهل تستطيع التوفيق بين طموح بناء الدولة الحديثة و مطالب الحراك الاجتماعي المتواصل؟
يتفق عدد من الباحثين والمفكرين على أن فترة ما بعد التحرر – سواء من الاستعمار او الاستبداد- تنتج حالة من فائض الحرية غير المألوفة، والمفقودة في عقود الاستبداد والاستعمار، والذي عوض فائض القمع السائد قبلا، وهو دليل حالة المد في الحريات وفي التعبير، وعلامة صحية على التحولات العميقة والايجابية التي تتفاعل في المجتمع، رغم انها قد تخلف ضحايا وخسائر كضريبة لعملية الانتقال هاته.
امام هذا الوضع تجد هذه الحكومات امامها مقاربات مختلفة لتجاوز المرحلة.
منها المقاربة الامنية الضيقة والتي تستند على ضرورة أن يتحمل المجتمع وحركاته الاحتجاجية ضريبة الانتقال وضريبة بناء الدولة الحديثة، وبالتالي فعليها ان تتفهم عدم الاستجابة لمطالبها الانية والمستعجلة، وانتظار العائد من الإصلاحات الهيكلية والعميقة التي تهدف إلى إقامة بنية اقتصادية قوية ومنتجة وتأهيل نظام الحكامة واقرار العدالة الاجتماعية.
كما تستند هذه المقاربة إلى تفسير كل حركة احتجاجية بالمؤامرة التي تحركها ايادي خفية للنظام القديم أو جهات ما تريد إفشال التجربة الجديدة.
فاعتمادا على هذه المبررات -ومبررات اخرى-، تعتمد الحكومات المقاربة الأمنية الضيقة من خلال تغليب العنف على الحوار وتوجيه الاتهامات للحركات الاحتجاجية، بهدف الحفاظ على النظام العام، وهو ما يهدد شرعية هذه الحكومات، ويبدد شعارات التغيير والإصلاح، ويغذي التيارات المتطرفة والعدمية.
ونجد بالمقابل المقاربة الاجتماعية الفوضوية، بحيث قد تلجأ الحكومات إلى ضمان استمراريتها والحفاظ على السلم الاجتماعي وتفادي أي احتقان محتمل قابل للتطور والانفجار، والمراهنة على التجاوب مع الفئات الاجتماعية والشعبية للرفع من الرصيد الشعبي، وتقوية الصف الوطني، وتأجيل الاصلاحات الهيكلية لعميقة إلى ما بعد ضمان استقرار الاوضاع الاجتماعية، فلذلك تسارع الحكومة إلى إعطاء الاولوية إلى حل كل المشاكل الاجتماعية، والاستجابة لكل المطالب الفئوية مهما بلغت تكلفته وبدون نظرة استراتيجية، وهو ما قد يؤدي إلى ازمة اقتصادية حادة ناتجة عن ارتفاع النفقات وغياب التخطيط الشمولي، كما أنه سيشجع على حالة من الفوضى الاجتماعية، لأن كل فئة ستطمح إلى تحسين مستوى العيش والترقي الاجتماعي.
وبين المقاربتين السابقيتين نجد المقاربة الوطنية والمندمجة، والتي تحاول التوفيق بين ضرورة الحفاظ على الاستقرار الاجتماعي مع الاصلاح، وتعتبر هذه المقاربة ان الحرمان والاقصاء الاجتماعي مهدد للاستقرار، وأن المقاربة الامنية محدودة وغير كافية لمعالجة المشكلات الاجتماعية، وانه قبل الحفاظ على النظام العام الامني يجب ضمان استقرار النظام العام الاجتماعي والاقتصادي.
إن وجاهة هذه المقاربة في كونها ترى بضرورة تدبير الطلب الاجتماعي المنفجر دون السقوط في الفوضى وعدم الاستقرار، وهو ما يتطلب إعلان حالة طوارئ اجتماعية و فتح حوار وطني حول المشكلات المطروحة، وتقديم حلول عقلانية ضامنة للسلم الاجتماعي ومساهمة في بناء دولة الحق ودولة القانون، وكذلك من خلال الرفع من منسوب الثقة وتنمية الحس الوطني من اجل تجاوز المرحلة الانتقالية بسلام.
فانفجار الطلب الاجتماعي يبقى ابرز تحدي يواجه حكومات الربيع الديمقراطي، كما أن قدرة هذه الحكومات على إدارة الطلب الاجتماعي، بموازاة مع تأسيس نظام سياسي واقتصادي واجتماعي يضمن العدالة الاجتماعية و الكرامة والحرية، ويعيد للشعوب أفق النهضة والتقدم والرفاه.
لقد اختارت الشعوب خيار التغيير والاصلاح والقطع الماضي المظلم بظلام الفساد والاستبداد، وبذلك استعادت الأمل والإرادة لبناء غد أفضل... غير ان هذا الأمل والارادة يبقى مهدد بالتبخر ما لم يعرف رعاية مستمرة وجرعات اخرى من الأمل، من خلال إعمال المقاربة المندمجة في التعامل مع متطلبات المرحلة، والخروج الآمن من عنق الزجاجة.
*باحث جامعي / فاعل جمعوي


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.