في إطار السجال حول أحقية استخلاص المؤسسات التعليمية الخاصة واجب التمدرس لأشهر أبريل وماي ويونيو من السنة الدراسية الجارية بسبب تعليق الدراسة الحضورية بقرار من الوزارة الوصية من جهة، وتداعيات جائحة كورونا على بعض القطاعات الاقتصادية من جهة ثانية، وبعد شد وجذب على امتداد هذه الأشهر الثلاثة بين بعض أولياء تلاميذ والمؤسسات التعليمية الخاصة، انتقل السجال إلى فضاء العالم الأزرق حيث نافح كل فريق على مطالبه، فبعض أولياء التلاميذ يرون إضافة إلى تداعيات الجائحة الاقتصادية أن تعليق الدراسة الحضورية أخلّ بشرط أساس في التعاقد ممثلا في تقديم خدمة التعليم، وحيث إن التعليم عن بعد لا يعوض في تقديرهم التعليم الحضوري "وجب" عدم أداء واجب التمدرس. من جهتها، تتشبث المؤسسات التعليمية الخاصة بأحقية استخلاص واجب التمدرس للأشهر الثلاثة من الأسر غير المتضررة من تداعيات الوباء: فئة الأجراء نموذجا، قصد أداء مستحقات الأطر التربوية التي لم تذخر جهدا في انتظام الدراسة من خلال الأسلوب الذي اختارته الوزارة الوصية: التعليم عن بعد، كما أن المؤسسات التعليمية الخاصة لم تتجاهل ظروف الأسر المتضررة من الوباء واتخذت تدابير تضامنية لفائدتها. وأمام هشاشة المنظومة القانونية المؤطرة للقطاع من جهة، والحياد السلبي الذي انتهجته الوزارة الوصية على القطاع من جهة ثانية، توفرت شروط إنعاش معركة "عض الأصابع" الذي تقودها في الغالب فئة من غير المتضررين بالجائحة؛ معركة تجاوزت في أحيان كثيرة حدود اللباقة، بل وسقطت في عمليات استهداف وتشهير مباشر ببعض المؤسسات تصفية لحسابات غير معلنة لتترجم إلى وقفات احتجاجية أمام بعض المؤسسات التعليمية اختلف تقدير السلطات الأمنية في التعامل معها، بين تجاهل ومنع حفاظا على الأمن العام، تفاديا لفتح بؤر احتجاجية قد تتجاوز قطاع التعليم الخاص، وهو ما تتخوف منه السلطة، لا سيما وشروط الاحتقان الاجتماعي متوفرة، يحتاج لشرارة من هنا أو هناك. وإذا كان حل السجال المفتعل في جانب مهم منه بين بعض أولياء التلاميذ والمؤسسات التعليمية الخاصة بسيطا ممثلا في مقولة: "ادفع أو ارحل"، ما دام قرار الدراسة في هذه المؤسسات اختياريا من طرف الأسر أولا وأخيرا، فإن السجال يطرح سؤال إعادة تأهيل القطاع وتحيين منظومته القانونية حفظا لحقوق الطرفين: الأسر والمؤسسات التعليمية الخاصة. كما أن الحياد السلبي للوزارة لا يحمي قطاعا يعرف الجميع حيويته وإسهامه ليس في تخفيف أعباء التمدرس على الوزارة فقط، بل يسهم في الارتقاء بالمنظومة التعليمية، ناهيك عن أدواره الاجتماعية بما يوفر من فرص شغل لقاعدة معتبرة من الأطر والمستخدمين فيه. ترى، هل تأخذ الوزارة الوصية المبادرة أم أنها تعتبر السجال جزءاً من الأعراض الجانبية لجائحة كورونا، قد تتلاشى بعد طي سجل السنة الدراسية بعد انتهاء امتحانات البكالوريا؟